يُعد جبل الفحلتين من المعالم الجغرافية البارزة شمال المدينة المنورة، ويقع على امتداد الطريق المؤدي إلى العُلا، ضمن المسار التاريخي الذي سلكه النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- خلال غزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة، ويمتاز الجبل بقمّته التي تعلوها صخرتان ضخمتان تُشبهان قرني الفحل، وهو ما يرجّح سبب التسمية.

ووثّق عدد من المؤرخين والرحالة هذا الموضع، منهم “السمهودي” في كتابه “وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى”، إذ أشار إلى أنهما قناتان تحتهما صخر على مسافة يوم من المدينة، كما أكد “الفيروزآبادي” في “المغانم المطابة في معالم طابة” أهمية الموقع بوصفه من المعالم البارزة التي مر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- وجيش المسلمين في طريقهم إلى تبوك.

وأورد “محمد بن عبدالله المولوي” المتوفى سنة 1070هـ، في كتابه “رحلة الشتاء والصيف” أن الموقع يضم قناتين على شاهق جبل من غربي الجادة، بينما ذكر “السويدي” في “النفحة المسكية في الرحلة المكية” أن التسمية تعود إلى انعزال الجبل عن العمران، كالفحل الذي إذا قرع الإبل اعتزلها.

 وفي حديثه لوكالة الأنباء السعودية (واس)، أوضح المؤرخ والباحث في التاريخ الإسلامي الدكتور فؤاد المغامسي أن “جبل الفحلتين” المعروف أيضًا بـ”فيفاء الفحلتين”، يقع في محيط قرية “شجوى” شمال غرب المدينة المنورة، ويتمتع بموقع جغرافي بارز لا تخطئه العين، وتحيط به أرض منبسطة يحدّها عدد من المرتفعات.

 وأشار إلى أن هذه البقعة كانت تُستخدم محطة استراحة على درب الحاج الشامي، وقد عُرفت محليًا بمسميات مثل “حصن عنتر” أو “إسطبل عنتر”، وتنتشر حولها آثار لمبانٍ ومرافق يُرجّح أنها خُصّصت لخدمة قوافل الحجاج والمسافرين، فيما يبلغ ارتفاع الجبل قرابة 1084 مترًا.

 وأفاد بأن الجبل يمثّل نقطة مرور رئيسة للقوافل التجارية وقوافل الحجيج القادمة من الشام وبلاد الشمال، إذ كانت تتخذ من هذا الموقع محطة للتزوّد والاستراحة، في ظل صعوبة المسافات وقسوة البيئة، ضمن المسارات التاريخية والجغرافية للحج، وبيّن أن درب الحج الشامي يمر بتضاريس متنوعة، ويزخر بعدد من المواقع التي ارتبطت بالسيرة النبوية ودروب الحجيج.

شاركها.
اترك تعليقاً