أعلن رئيس المجلس العسكري الحاكم في النيجر الجنرال عبد الرحمن تياني أن بلاده لن ترضخ للتهديدات ولن تذعن للضغوط الإقليمية والدولية الرامية لإعادة الرئيس محمد بازوم المعزول إلى السلطة، وفي حين تتوالى التحذيرات من تدخل عسكري خارجي، قررت الولايات المتحدة تنفيذ إجلاء جزئي لطاقم سفارتها بنيامي.

ففي خطاب تلفزيوني بثه التلفزيون الرسمي مساء أمس الأربعاء عشية ذكرى استقلال النيجر عن فرنسا، قال تياني إن “المجلس الوطني لحماية الوطن” لن يرضخ لعقوبات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” (ECOWAS) التي تضم 15 دولة.

ووصف تياني العقوبات بأنها غير قانونية وغير عادلة وغير إنسانية، وكان يشير بذلك إلى بعض الإجراءات التي هددت بها إيكواس أو اتخذتها بالفعل لاستعادة النظام الدستوري ومنها وقف نيجيريا إمدادات الكهرباء إلى النيجر.

كما قال قائد الانقلاب إن المجلس العسكري يواجه تدخلات خارجية ترفض توليه السلطة، معتبرا أن ما قام به العسكريون جاء لصالح شعب النيجر.

وتابع رئيس المجلس العسكري -الذي يتولى رئاسة الدولة- أنه لا شيء سيعرقل المسار الانتقالي والحفاظ على السيادة الوطنية، قائلا إن قوات الدفاع لن تنقسم ولن تتقاتل من أجل غايات سياسية.

وكان القائد السابق للحرس الرئاسي قد استولى على السلطة قبل أسبوع، وبرر الإطاحة بالرئيس محمد بازوم بإخفاقه على الأصعدة الأمنية والاقتصادية والاجتماعية، في بلد يعد من بين الأفقر في العالم ويشهد هجمات تشنها مجموعات مسلحة.

استعادة الديمقراطية

وقبل ساعات من خطاب تياني، أكد رؤساء أركان دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” خلال اجتماعهم في أبوجا عزمهم استعادة الديمقراطية في النيجر “مهما بلغت التحديات”.

وقال رئيس الأركان النيجيري كريستوفر موسى إن الانقلاب في النيجر يجب مواجهته، مشددا على أن الأحداث في النيجر انعكست على جميع دول غرب أفريقيا، وأثرت على الجميع بشكل سلبي.

وبالتزامن مع ذلك، وصل وفد من إيكواس إلى النيجر لعقد مفاوضات مع قادة الانقلاب.

وقال مفوض إيكواس للشؤون السياسية والسلام والأمن عبد الفتاح موسى إن وفدا من المنظمة بقيادة نيجيريا في النيجر لعقد مفاوضات مع قادة الانقلاب، مشددا على أن التدخل العسكري في النيجر سيكون الخيار الأخير المطروح.

وكانت إيكواس أكدت الأحد الماضي خلال قمة طارئة بأبوجا استعدادها لفرض عودة الرئيس المعزول محمد بازوم إلى السلطة ولو اقتضى ذلك تدخلا عسكريا، وأمهلت الانقلابيين أسبوعا للعودة إلى ثكناتهم.

وقال الممثل الأممي الخاص لغرب أفريقيا والساحل ليوناردو سانتوس سيماو إن عددا من الدول الأعضاء في إيكواس تستعد لاستخدام القوة في النيجر إذا لزم الأمر. لكن سيماو أشار إلى أن الجميع يعطي الأولوية للجهود السلمية لحل هذه المشكلة.

رفض التدخل الأجنبي

دوليا، قالت الخارجية الروسية أمس الأربعاء إن التهديد باستخدام القوة في النيجر ضد منفذي الانقلاب الأسبوع الماضي “لن يسهم في تسوية الصراع”، داعية إلى تنظيم “حوار وطني” لضمان سيادة القانون.

من جانبه، قال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني إنه يجب استبعاد أي تدخل عسكري غربي في النيجر لأنه سيُعَد استعمارًا جديدا.

وقال تاياني إنه يجب العمل لضمان أن تسود الدبلوماسية في النيجر واستعادة الديمقراطية.

كما حذرت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا من مغبة التدخل الخارجي في شؤون النيجر ومحاولات جرها إلى الفوضى، وقالت إن التدخل سيزيد من خطورة الأزمة ويقوّض أمن البلاد والدول المجاورة لها.

وأكدت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا دعمها مسار العودة إلى النظام الدستوري في نيامي، واحترامها الشرعية المتمثلة في الرئيس محمد بازوم.

وكانت الجزائر حذرت بدورها من أي تدخل عسكري خارجي في النيجر، وهو الموقف نفسه الذي عبرت عنه 3 دول أفريقية شهدت انقلابات ويحكمها عسكريون، وهي مالي وبوركينا فاسو وغينيا.

وأكدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا دعمها للرئيس المعزول محمد بازوم، وقرر الاتحاد الأوروبي وألمانيا وبريطانيا تعليق المساعدات والتعاون الأمني مع نيامي.

كما أعلن البنك الدولي أمس الأربعاء تعليق تمويل كل عملياته في النيجر عقب الانقلاب.

عمليات الإجلاء

على صعيد آخر، قررت الولايات المتحدة أمس الأربعاء تنفيذ إجلاء جزئي لطاقم سفارتها في النيجر بعد أسبوع على الانقلاب.

وقالت الخارجية الأميركية إنها أمرت بمغادرة الموظفين الحكوميين غير الأساسيين في السفارة مع عائلاتهم.

وأضافت الوزارة أن سفارتها في نيامي ما زالت مفتوحة وأن اتصالات دبلوماسية مع النيجر تجري على أعلى المستويات.

ونقل موقع “بوليتيكو” عن دبلوماسي أميركي قوله إن الوضع على الأرض في عاصمة النيجر مستقر نسبيا، مضيفا أنه تم بالفعل إجلاء 20 من موظفي الوكالة الأميركية للتنمية الدولية هذا الأسبوع.

وكانت واشنطن أعلنت في وقت سابق أنها ستبقي على قواتها المتمركزة في النيجر ويبلغ تعدادها 1100 جندي.

وفي نفس الإطار، قالت الخارجية الفرنسية إن 992 شخصا تم إجلاؤهم من النيجر بينهم 560 فرنسيا بعد مغادرة رابع رحلة جوية العاصمة نيامي.

كما أعلنت باريس أنه تم برمجة رحلة خامسة لإجلاء ما تبقى في النيجر.

ويوجد في النيجر نحو 600 مواطن فرنسي، إضافة إلى 1500 عسكري ينتشر أغلبهم في القاعدة العسكرية بنيامي.

وفي خطابه ألقاه مساء أمس الأربعاء عبر التلفزيون الرسمي، قال رئيس المجلس العسكري الحاكم بالنيجر عبد الرحمن تياني إنه لا يوجد أي سبب موضوعي يدفع الفرنسيين لمغادرة البلاد، مضيفا أنهم لم يتعرضوا لأدنى تهديد يستدعي إجلاءهم.

كما وصلت أمس الأربعاء إلى العاصمة الإيطالية روما طائرة قادمة من نيامي تقل 83 شخصا، بينهم إيطاليون وأميركيون وبريطانيون. ومن ناحيته، أكد وزير الخارجية الإيطالي أن سفارة بلاده في نيامي ستظل مفتوحة.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.