أعلنت السلطات الموالية لروسيا فرض حالة الطوارئ في مناطق سيطرتها بمقاطعة خيرسون جنوبي أوكرانيا، بعدما فاضت المياه إثر انفجار سدّ نوفا كاخوفكا، في حين استمر تبادل الاتهامات بين موسكو وكييف بتدمير السد من أجل تحقيق مكاسب عسكرية.

وقالت السلطات المحلية الموالية لروسيا صباح اليوم الأربعاء إن إعلان الطوارئ جاء بعد ارتفاع منسوب المياه، مشيرة إلى غرق نحو 2700 منزل وإجلاء حوالي 1300 شخص من المناطق التي غمرتها المياه.

واتهمت هذه السلطات القوات الأوكرانية باستهداف المقاطعة بأكثر من 90 قذيفة مدفعية باتجاه مدينة نوفا كاخوفكا وعدد من البلدات المحيطة بها.

ونقلت وسائل الإعلام الروسية عن عمدة مدينة نوفا كاخوفكا الموالي لموسكو فلاديمير ليونتييف، أن 7 أشخاص على الأقل فُقدوا إثر الفيضانات التي غمرت المنطقة.

واتهم ليونتييف القوات الأوكرانية باستهداف المدينة بطائرة مسيّرة أثناء إجلاء المدنيين العالقين، مشيرا إلى وجود 100 شخص ما زالوا عالقين في المدينة.

كما أعلن عمدة المدينة نفوق آلاف الحيوانات في محمية نيجني دنيبروفسكي جراء الفيضان، ووصف الكارثة بالهائلة.

وقالت وكالة تاس الروسية للأنباء إن من المتوقع أن تبقى مستويات المياه مرتفعة في بعض مناطق خيرسون لمدة تتراوح بين 3 و10 أيام بعد دمار السد.

وفي الجانب الآخر، قالت الإدارة العسكرية الأوكرانية في خيرسون إن تدفق المياه جراء انفجار السد لم يتوقف خلال ساعات الليل، وتوقعت ارتفاع مستوى المياه مترا إضافيا خلال ساعات.

وأظهرت الصور شوارع مدينة خيرسون مركز المقاطعة وقد غابت عنها السيارات وحلت محلها قوارب مطاطية يستخدمها السكان للتنقل وتفقد منازلهم، لإنقاذ ما يمكنهم إنقاذه من ممتلكات.

كما لجأت فرق الإنقاذ لاستخدام القوارب في ظل ارتفاع منسوب المياه.

عمليات إجلاء مكثفة

وأعلن مسؤول في الرئاسة الأوكرانية ظهر اليوم إجلاء ألفين من سكان المنطقة بعد دمار السد، وقالت السلطات إن عمليات الإجلاء ستستمر الأربعاء وفي الأيام المقبلة بالحافلات والقطارات.

وقالت خدمة الطوارئ الأوكرانية إن المياه غمرت 1900 منزل في خيرسون.

وصرّح أوليكسي كوليبا نائب رئيس ديوان الرئاسة الأوكرانية بأن الوضع صعب في منطقة كورابيلني بمدينة خيرسون مركز المقاطعة.

وأوضح أن مستوى المياه ارتفع 3.5 أمتار في هذه المدينة التي استعادها الأوكرانيون من القوات الروسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

وفي اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء، وصف منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة مارتن غريفيث تدمير السد بأنه كارثة “لا يمكن تقييم حجمها الكامل إلا في الأيام المقبلة”، لكن عواقبها ستكون “خطيرة وبعيدة المدى” على جانبي خط الجبهة.

وقال غريفيث إنّ “الأضرار الناجمة عن تدمير السد تعني أن الحياة ستصبح أقسى بشكل لا يحتمل للذين يعانون أساسا من النزاع”، مؤكدا أن “عواقب العجز عن تقديم المساعدة لملايين المتضررين من الفيضانات في هذه المناطق قد تكون كارثية”.

اتهامات متبادلة

وقد تبادل الجانبان الروسي والأوكراني الاتهامات بتدمير السد صباح الثلاثاء لتحقيق مكاسب عسكرية، وذلك بعدما أكدت كييف في الآونة الأخيرة اكتمال استعداداتها لشنّ هجوم مضاد لاستعادة الأراضي التي سيطرت عليها القوات الروسية منذ بداية الحرب في فبراير/شباط 2022.

وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن القوات الروسية فجرت محطة كاخوفكا الكهرومائية لمنع تقدم القوات الأوكرانية، مشيرة إلى غمر أكثر من 80 بلدة بالمياه جراء التفجير.

من جهته، نفى المندوب الروسي في مجلس الأمن فاسيلي نيبينزيا الاتهامات الأوكرانية، وقال إن كييف هي التي قامت بتخريب متعمد ضد منشأة بنية تحتية بالغة الخطورة.

وأشار إلى أن قيادة القوات المسلحة الأوكرانية كانت أعلنت صراحة عن استعدادها لتفجير هذا السد لتحقيق مكاسب عسكرية منذ العام الماضي.

يشار إلى أن مدينة نوفا كاخوفكا سقطت بيد القوات الروسية في الساعات الأولى من هجومها على أوكرانيا يوم 24 فبراير/شباط 2022، وتضم المدينة سد كاخوفكا الكهرومائي على نهر دنيبرو.

وأنشئ سد نوفا كاخوفكا في خمسينيات القرن الماضي، وهو ذو قيمة إستراتيجية، إذ يضخ المياه إلى قناة شمال القرم التي تبدأ من جنوب أوكرانيا وتعبر شبه جزيرة القرم بأكملها، ويعني ذلك أن من شأن أي مشكلة تطرأ على السد أن تؤدي إلى مشاكل في إمدادات المياه بالنسبة للقرم الخاضعة لسيطرة روسيا منذ عام 2014.

الهجوم الأوكراني المضاد

من جهته، رأى ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي اليوم أن أوكرانيا بدأت على ما يبدو هجومها المضاد، داعيا إلى شن هجوم روسي بعد صد قوات كييف.

وقال في منشور على تليغرام “يتحدث العدو منذ فترة عن شنّ هجوم مضاد كبير. ويبدو أنه بدأ بالفعل شيئا ما… علينا أن نوقف العدو ثم نطلق هجوما”.

وذكر ميدفيديف، الرئيس الروسي السابق، أن الهجوم الأوكراني ليس مفاجأة لروسيا، لأن كييف بحاجة إلى تبرير الأموال والأسلحة التي تتلقاها من الغرب، وفق تعبيره.

وأضاف أن خيبة أمل الغرب من تلك الجهود قد لا تكلف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رئاسته فقط، “بل حياته ذاتها”.

وقد أعلن الرئيس الأوكراني أنه تلقى عرضا “جادا وقويا” من قادة دول على استعداد لتزويد كييف بمقاتلات من طراز إف-16، وقال إنه ينتظر وضع اللمسات النهائية على اتفاقات مع حلفاء رئيسيين.

وبحسب بيان على موقعه الإلكتروني، قال زيلينسكي “شركاؤنا يعرفون عدد الطائرات التي نحتاجها. يوجد بالفعل تفاهم بشأن العدد مع بعض شركائنا الأوروبيين… إنه عرض جاد وقوي”.

وأضاف أن كييف تنتظر الآن اتفاقات نهائية مع حلفائها، بما في ذلك “اتفاق مشترك مع الولايات المتحدة”.

ولم يتضح بعد أي من حلفاء كييف على استعداد لإرسال الطائرات المقاتلة إلى أوكرانيا.

Ukrainian army protect the defensive line in the direction of Avdiivka with artillery support

تطورات ميدانية

واتهم حاكم مقاطعة بيلغورود الروسية القوات الأوكرانية بقصف مناطق في المقاطعة المتاخمة لأوكرانيا بصواريخ غراد، من دون وقوع إصابات.

وقال إن الصواريخ أصابت منطقتي غرافوفكا وشيبيكينسكي، وإن بعضها سقط بالقرب من مدرسة.

ويعد استخدام أنظمة صواريخ غراد ضد المناطق المدنية جريمة حرب، وفق توصيف جماعات حقوق الإنسان.

وكان حاكم بيلغورود قال في وقت سابق إن القوات الأوكرانية قصفت اليوم وأمس 6 مناطق حدودية.

كما أعلن حاكم مقاطعة كورسك انقطاع الكهرباء عن بلدتين في المقاطعة الروسية، وإصابة شخص إثر إسقاط متفجرات على محطة كهرباء فرعية قرب الحدود خلال الليل.

وأوضح حاكم المقاطعة أن المصاب هو أحد العمال، وقد أصابته شظية أثناء محاولته إعادة التيار الكهربائي.

في المقابل، أفادت الإدارة العسكرية في مقاطعة سومي الأوكرانية بمقتل شخصين وإصابة آخر في هجوم روسي بطائرة مسيّرة من طراز شاهد.

وأضافت أن الهجوم وقع في قرية يوناكوف، كما أشارت إلى قصف روسي على بلدات أخرى بالمقاطعة.

وكذلك أعلنت الإدارة العسكرية في مقاطعة خيرسون مقتل شخص واحد وإصابة آخر جراء قصف القوات الروسية المنطقة مرات عدة خلال اليوم المنصرم.

وفي العاصمة كييف، انطلقت صفارات الإنذار صباح اليوم وفقا لما أفاد به مراسل الجزيرة، ودعت السلطات السكان للتوجه إلى الملاجئ.

وفي تلك الأثناء، صرحت هانا ماليار نائبة وزير الدفاع الأوكراني بأن قواتهم تقدمت أمس مسافة تتراوح بين 200 و1100 متر في مناطق مختلفة باتجاه باخموت شرقي أوكرانيا.

بدورها، أفادت هيئة الأركان الأوكرانية أن القوات الروسية شنت أمس 41 غارة جوية ونحو 60 هجمة صاروخية، في حين وقع 30 اشتباكا على جبهات القتال شرقي البلاد.

وأضافت الهيئة أن القوات الأوكرانية نفذت 21 غارة جوية على مواقع روسية ومنصات صواريخ مضادة للطائرات، كما أسقطت طائرة حربية من طراز سوخوي 25، و4 طائرات استطلاع.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.