تونس تؤكد تمسكها باستقلالها في وجه التدخلات الخارجية
في خطاب قوي، أكد الرئيس التونسي قيس سعيد، خلال زيارته لضريح الزعيم فرحات حشاد، على التزام بلاده الراسخ بالحفاظ على استقلالها وإرادتها الوطنية، وذلك في ظل ما وصفه بالمناورات والترتيبات الخارجية التي تسعى إلى التأثير على مسارها. هذا التأكيد يأتي في سياق التحديات السياسية الداخلية والخارجية التي تواجهها تونس، والتي تشمل انتقادات من جهات أوروبية بشأن الوضع الحقوقي والسياسي.
الرئيس سعيد يشدد على التمسك بالدستور الجديد
ألقى الرئيس سعيد كلمته في ذكرى اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد، الذي يعتبر رمزاً للنضال من أجل الاستقلال في تونس. وأشار سعيد إلى أن تونس لن تتراجع عن المسار الذي اختارته، مؤكداً أن البلاد تسير وفق دستور جديد أقره الشعب في استفتاء. وأضاف: “نريد من العالم أن يسمع أن تونس ليست أرضا بلا شعب بل شعبا يريد أن يعيش حرا”.
فرحات حشاد: رمز الاستقلال والنضال
يُذكر أن فرحات حشاد، الذي اغتيل في عام 1952 على يد جماعة “اليد الحمراء” الفرنسية، كان مؤسس الاتحاد العام التونسي للشغل، ولعب دوراً محورياً في حركة الاستقلال التونسية. زيارة الرئيس سعيد لضريحه تحمل دلالات رمزية قوية، تؤكد على الاستمرار في نهج النضال من أجل السيادة الوطنية.
رفض التدخل الأوروبي في الشؤون الداخلية
لم تكن تصريحات الرئيس سعيد مفاجئة، حيث سبق له أن رفض بشكل قاطع التدخل الأوروبي في الشؤون الداخلية لتونس. في نوفمبر الماضي، اعتبر سعيد إدراج قضايا تونس في البرلمان الأوروبي بمثابة تدخل سافر في السيادة الوطنية.
هذا الموقف جاء رداً على انتقادات وجهها البرلمان الأوروبي للسلطة التونسية بشأن الوضع الحقوقي، خاصةً فيما يتعلق بحبس ناشطين وسياسيين معارضين وصحفيين. الوضع الحقوقي في تونس يظل قضية حساسة، حيث تتهم السلطات بالقيام باعتقالات تعسفية، بينما تدافع عن إجراءاتها بأنها ضرورية لحماية الأمن القومي.
الإجراءات الاستثنائية والجدل السياسي
منذ 25 يوليو 2021، اتخذ الرئيس سعيد سلسلة من الإجراءات الاستثنائية، بما في ذلك حل مجلس النواب وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإقرار دستور جديد. هذه الإجراءات أثارت جدلاً واسعاً في تونس، حيث تعتبرها بعض القوى “انقلاباً على الدستور وترسيخاً لحكم فردي مطلق”، بينما تراها قوى أخرى “تصحيحاً لمسار ثورة 2011”.
تفسيرات متباينة للإجراءات الرئاسية
يؤكد الرئيس سعيد أن إجراءاته تهدف إلى حماية الدولة من خطر داهم، وأنها تتوافق مع الدستور، نافياً المساس بالحريات والحقوق. في المقابل، يرى محامو المتهمين أن التهم الموجهة لموكليهم غير صحيحة. الأزمة السياسية في تونس مستمرة، وتتطلب حواراً وطنياً شاملاً للخروج من المأزق الحالي.
تحديات تواجه تونس في ظل التوترات الإقليمية
تواجه تونس تحديات متعددة، ليس فقط على الصعيد السياسي الداخلي، بل أيضاً في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة. الوضع الاقتصادي الصعب، وارتفاع معدلات البطالة، وتأثير الأزمات الدولية على الاقتصاد التونسي، كلها عوامل تزيد من تعقيد المشهد.
بالإضافة إلى ذلك، تواجه تونس ضغوطاً خارجية من مختلف الأطراف، مما يجعل الحفاظ على استقلالها وإرادتها الوطنية أمراً بالغ الأهمية. العلاقات الخارجية لتونس تتطلب دبلوماسية حكيمة لتحقيق مصالحها الوطنية والحفاظ على سيادتها.
في الختام، يمثل خطاب الرئيس سعيد تأكيداً على التمسك بالسيادة الوطنية في وجه التحديات الداخلية والخارجية. ومع استمرار الأزمة السياسية والجدل حول الإجراءات الاستثنائية، يبقى الحوار الوطني الشامل هو السبيل الوحيد للخروج من المأزق الحالي وتحقيق الاستقرار والازدهار في تونس. ندعو القارئ الكريم إلى مشاركة هذا المقال مع الآخرين للمساهمة في نشر الوعي حول الوضع في تونس.















