عبرت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية عن قلقها العميق إزاء التعديلات الأخيرة على تشريعات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بـ الاستدامة الشركات، وتحديداً توجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات وتوجيه الإبلاغ عن استدامة الشركات. وتخشى دول المجلس أن تؤدي هذه التشريعات إلى فرض معايير استدامة أوروبية على الشركات العالمية العاملة في السوق الأوروبي، مما قد يؤثر سلباً على مصالحها التجارية.

جاء هذا التحذير بعد رفع البرلمان الأوروبي لمجموعة من التعديلات إلى المفاوضات الثلاثية حول هذه التشريعات. وتتعلق هذه التعديلات بإلزام الشركات باتباع مفاهيم الاتحاد الأوروبي للاستدامة، والالتزام بمعايير حقوق الإنسان والبيئة، وتقديم خطط لمواجهة التغير المناخي، بالإضافة إلى الإبلاغ عن الأثر البيئي والاجتماعي لأنشطتها.

مخاوف الخليج من تشريعات الاتحاد الأوروبي حول الاستدامة

وتعتبر دول الخليج أن هذه التشريعات، حتى بعد التعديلات التي أدخلها البرلمان الأوروبي، لا تزال تمثل تهديداً لتنافسية شركاتها واستمرارية أعمالها في السوق الأوروبية. تشير التعديلات إلى إلغاء بعض الجوانب الأكثر إثارة للجدل، لكن دول المجلس ترى أنها غير كافية لمعالجة المخاوف الأساسية.

التأثير المحتمل على إمدادات الطاقة

وتؤكد دول المجلس أنها ملتزمة بالوفاء بالتزاماتها تجاه المجتمع الدولي في مجالات حقوق الإنسان والبيئة والتغير المناخي، وأنها قد واءمت تشريعاتها الوطنية مع المعايير الدولية. ومع ذلك، فهي ترى أن فرض معايير إضافية من قبل الاتحاد الأوروبي قد يعيق جهودها في هذه المجالات.

بالإضافة إلى ذلك، أعربت دول المجلس عن قلقها من أن استمرار المفاوضات حول هذه التشريعات قد يؤثر على استقرار إمدادات الطاقة إلى أوروبا. تعتبر دول الخليج مورداً رئيسياً للطاقة إلى أوروبا، وتخشى أن تؤدي القيود الجديدة إلى تقليل قدرتها على تلبية الطلب الأوروبي. التحول نحو مصادر الطاقة المتجددة، على الرغم من أهميته، يحتاج إلى وقت واستثمارات كبيرة.

الامتثال والتبعات المالية

وفقًا لبيان صادر عن دول مجلس التعاون، فإن التزام الشركات بتقديم تقارير مفصلة عن الاستدامة، والالتزام بمعايير حقوق الإنسان والبيئة، قد يفرض عليها أعباء مالية وتشغيلية كبيرة. قد تحتاج الشركات إلى توظيف خبراء متخصصين، وتطوير أنظمة جديدة للرصد والتقييم، مما يزيد من تكاليفها ويقلل من أرباحها.

وتشير بعض التقارير إلى أن الشركات التي لا تمتثل لهذه التشريعات قد تواجه غرامات باهظة، مما يزيد من المخاطر التي تواجهها. هذا قد يدفع بعض الشركات إلى إعادة النظر في استثماراتها في السوق الأوروبية، والبحث عن أسواق بديلة أكثر جاذبية.

التزام دول الخليج بالاستدامة

تؤكد دول مجلس التعاون التزامها الراسخ بمبادئ الاستدامة وحقوق الإنسان والبيئة. وقد اتخذت خطوات ملموسة في هذا الاتجاه، بما في ذلك الانضمام إلى اتفاقية باريس للمناخ واعتماد تشريعات وطنية لحماية البيئة.

وتشارك دول المجلس بفاعلية في آليات المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان، وتقدم تقارير شفافة ومنتظمة حول جهودها في هذا المجال. كما أنها تعمل على تطوير وتنويع اقتصاداتها، وتقليل اعتمادها على النفط، وتعزيز الاستثمار في الطاقة المتجددة.

ومع ذلك، ترى دول المجلس أن هذه التشريعات يجب أن تكون متوازنة، وأن تأخذ في الاعتبار الظروف الخاصة لكل دولة، وأن لا تفرض أعباء غير ضرورية على الشركات. كما أنها تشدد على أهمية التعاون والتنسيق بين الدول في مجال الاستدامة، وتجنب فرض قيود تجارية أحادية الجانب.

وتأمل دول المجلس أن يعيد الاتحاد الأوروبي النظر في هذه التشريعات، وأن يقوم بتعديلها بحيث لا تؤثر سلباً على مصالحها التجارية، وأن لا تعيق جهودها في مجال الاستدامة. كما أنها تدعو إلى الحوار والتفاوض البناء، بهدف التوصل إلى حلول مرضية لجميع الأطراف.

من المتوقع أن تستمر المفاوضات الثلاثية بين البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية حول هذه التشريعات خلال الأشهر القادمة. من المقرر أن يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول نهاية عام 2024. وسيكون من المهم مراقبة تطورات هذه المفاوضات، وتقييم تأثيرها المحتمل على الشركات الخليجية العاملة في السوق الأوروبية، وعلى إمدادات الطاقة إلى أوروبا.

شاركها.
اترك تعليقاً