في ظل التطورات المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط، يترقب المراقبون بشغف اللقاء المرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وبينما تتداول الأنباء حول تركيز الاجتماع على المرحلة الثانية من اتفاق غزة وإمكانية توجيه ضربة لإيران، يرى العديد من المحللين أن الهدف الأكبر يكمن في تعزيز النفوذ الإسرائيلي في المنطقة. هذا المقال يستعرض تفاصيل هذا اللقاء، التوقعات المحيطة به، والخلفيات التي تدفع الأطراف المعنية إلى هذا الاجتماع الحاسم.

لقاء ترامب ونتنياهو: ما وراء اتفاق غزة؟

يأتي هذا اللقاء في وقت حرج، بعد 77 يومًا من سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والذي شهدت خلاله إسرائيل انتهاكات متكررة، أسفرت عن مقتل وإصابة المئات من الفلسطينيين، بالإضافة إلى عرقلة إدخال المساعدات الإنسانية الضرورية. يتوجه نتنياهو، الذي يواجه اتهامات جنائية، إلى الولايات المتحدة للقاء ترامب في ميامي، وسط تزايد الاستياء الأمريكي من سلوكه الذي يُنظر إليه على أنه يعيق تنفيذ الاتفاق. هذه الزيارة هي الخامسة لنتنياهو إلى الولايات المتحدة منذ بداية العام، ومن المتوقع أن تتناول مناقشة نزع سلاح حركة حماس، وتشكيل حكومة تكنوقراط لإدارة غزة، وتشكيل قوة دولية للحفاظ على الأمن، وانسحاب إسرائيلي جزئي من القطاع.

توقعات أمريكية: ضغوط على نتنياهو ورفض التصعيد

يتوقع توماس واريك، المسؤول السابق في الخارجية الأمريكية، أن يسعى نتنياهو للحصول على الضوء الأخضر من واشنطن لشن ضربة جديدة على إيران، ومواصلة العمليات العسكرية في لبنان وغزة. ومع ذلك، يعتقد واريك أن ترامب سيرفض أي تصعيد عسكري جديد في إيران أو لبنان، لكنه سيوافق على استمرار العمليات في غزة. يعود هذا الموقف إلى وجود خلافات جوهرية بين الجانبين حول كيفية نزع سلاح حماس، وهو خلاف من غير المرجح أن يتم حله خلال هذه الزيارة. من المتوقع أن يشهد اللقاء تذويب بعض الخلافات، لكن قضايا تطبيق خطة ترامب في غزة ستظل محل جدل.

توسيع النفوذ الإسرائيلي: الهدف الاستراتيجي الأكبر

على الرغم من التركيز الظاهري على غزة، يرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية، عادل شديد، أن الهدف الرئيسي للاجتماع هو توسيع النفوذ الإسرائيلي في المنطقة. ويستند هذا الرأي إلى أن نتنياهو لا يمكن أن يستمر في انتهاك الاتفاق في غزة أو تهديد أمن دول مثل السعودية ومصر وإيران دون موافقة الولايات المتحدة. وبناءً على هذا الدعم الأمريكي، يسعى نتنياهو إلى تحويل قضية غزة، التي تمثل مصدر قلق إقليمي، من خلال طرح قضايا متعددة على ترامب، بهدف إبعاد السيطرة الكاملة عن القطاع. لا يتوقع شديد أن يعود نتنياهو من واشنطن خالي الوفاض، وبالتالي لا يتوقع أي انسحاب إسرائيلي أو إعادة إعمار في غزة خلال العام المقبل.

دور ترامب ومصالحه في المنطقة

تتفق دلال عريقات، أستاذة الدبلوماسية وحل الصراعات، مع تحليل شديد، لكنها تضيف أن نتنياهو سيواجه بعض الضغوط من أجل الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق بما يخدم مصالح ترامب الخاصة، وليس مصالح الفلسطينيين. كما سيسعى ترامب إلى ضبط سلوك نتنياهو، الذي يعتبره ركيزة للاستقرار الذي يسعى لتحقيقه في المنطقة، والذي يعتمد بشكل أساسي على الاستثمار. ويأتي هذا في ظل الإحراج الذي سببه نتنياهو لواشنطن في علاقاتها مع دول مثل مصر وقطر والسعودية وتركيا. لن يتردد ترامب في استغلال هذه الفرصة للضغط على نتنياهو، خاصةً مع الأخذ في الاعتبار المكاسب التي حققها نتنياهو بفضل الدعم الأمريكي.

الأولويات الفلسطينية والوضع الحالي

من الجانب الفلسطيني، تظل الأولوية هي إلزام إسرائيل بالالتزام بفتح المعابر وإدخال المساعدات، وفقًا لإبراهيم المدهون، مدير المؤسسة الفلسطينية للإعلام. ويشير إلى أن نتنياهو لم يلتزم بأكثر من 25% من التزاماته في المرحلة الأولى من الاتفاق. تكمن المشكلة في التباين بين أولويات إسرائيل، وتحركات الوسطاء، ورؤية ترامب للحل. وتعتقد حكومة نتنياهو إما حصر الاتفاق في مرحلته الأولى أو تخريبه تمامًا، خاصةً مع الحديث عن اعتبار “الخط الأحمر” هو الحدود الجديدة لقطاع غزة. في المقابل، أبدت حماس مرونة وقدمت حلولًا لمسألة السلاح، لكن إسرائيل تعتبر نزع السلاح شرطًا أساسيًا للانتقال إلى المرحلة الثانية. في حين أن واشنطن باتت مقتنعة بأن تنحية حماس تمامًا من مستقبل القطاع أمر غير ممكن.

في الختام، يمثل لقاء ترامب ونتنياهو نقطة تحول حاسمة في مستقبل المنطقة. وبينما تتجه الأنظار نحو اتفاق غزة، يبدو أن الهدف الأكبر يكمن في النفوذ الإسرائيلي في المنطقة، وهو ما تسعى الولايات المتحدة إلى إدارته بما يخدم مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية. يبقى السؤال المطروح: هل ستنجح هذه الجهود في تحقيق الاستقرار، أم ستؤدي إلى مزيد من التعقيدات والتحديات؟ تابعوا التطورات لمعرفة المزيد حول هذا اللقاء الهام وتأثيره على مستقبل المنطقة.

شاركها.
اترك تعليقاً