رصد مراسل الجزيرة إلياس كرام تراجع حالة النشوة والابتهاج التي سادت إسرائيل وخاصة في أوساط اليمين المتطرف في أعقاب العدوان على قطر، وذلك بعد تأكدها من فشل محاولة اغتيال وفد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذي كان يجتمع في الدوحة لمناقشة الصفقة التي قدمها الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في غزة.

فبعد ساعات قليلة من العدوان الإسرائيلي الذي استهدف مكتب قيادة حماس في الدوحة، أعلنت الحركة فشل إسرائيل في اغتيال الوفد المفاوض، مؤكدة استشهاد 6 أشخاص ليسوا من قيادات حماس أو وفدها المفاوض، هم نجل القيادي خليل الحية ومدير مكتبه و3 مرافقين وعنصر من قوة الأمن الداخلي القطري.

وبعد وقت قصير من حدوث العدوان، أعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- أن إسرائيل اتخذت قرار الهجوم بشكل مستقل، مؤكدا أن العملية نفذت بدقة ومتعهدا بأن “يد إسرائيل الطولى” ستصل لكل أعدائها، واتهم قادة حماس الذين كانوا يجتمعون في الدوحة بالوقوف وراء أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وبحسب ما رصده مراسل الجزيرة -من خلال متابعته لوسائل الإعلام الإسرائيلية وما يصدر من بيانات عن جهات سياسة رسمية ومعارضة ووسائل تواصل اجتماعي- فإنه بعد عدة ساعات من ذلك العدوان وبعدما تبيّن أنه لم يحقق غايته، تغيرت لهجة الخطاب الإسرائيلي.

حيث قال المراسل إن وسائل الإعلام الإسرائيلية بدأت تنقل عن مصادر أمنية وسياسية قولها إن إسرائيل مازالت تنتظر النتائج، وقالت القناة 12 إنه مع مرور هذا الوقت لا يوجد حتى الآن تأكيد رسمي من طرف إسرائيل بأنها تمكنت من القضاء على قيادة حماس في الدوحة.

كما أن المعارضة التي باركت العدوان فور وقوعه، عادت لاحقا لتتساءل فيما إذا كان نتنياهو قد وضع في حسابه عواقب ما أقدم عليه بانتهاك سيادة دولة أخرى ليست في حالة حرب مع إسرائيل.

ولفت مراسل الجزيرة إلى أن البيانات التي أصدرها الجيش الإسرائيلي ثم نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس تجنبت الإشارة إلى أسماء قيادات حماس التي تم استهدافها، كما لم تأت على ذكر أن الهجوم وقع في الدوحة، وهو يدل على أن قادة اسرائيل يدركون أنهم ارتكبوا خطأ كبيرا بانتهاك سيادة دولة أخرى، وأنهم بعثوا رسالة مفادها أن الهجوم لم يكن موجها ضد قطر بل ضد قيادة حماس.

على مضض

ورغم أن الاعتداء على قطر لقي ترحيبا واسعا من وزراء في حكومة نتنياهو وحتى من جانب سياسيين معارضين للحكومة في البداية، فإن وسائل إعلام إسرائيلية عادت لاحقا لتؤكد أن الهجوم لم يحصل على إجماع من كل القوى السياسية والأمنية الإسرائيلية، وأن المستوى العسكري نفذها على مضض.

فبحسب ما ذكرته القناة 12 وهيئة البث الإسرائيليتان فإن رئيس الأركان إيال زامير ورؤساء جهاز المخابرات (الموساد) والاستخبارات العسكرية تحفظوا على العدوان.

وفي هذا السياق، نقلت القناة 13 عن مسؤولين سياسيين وعسكريين قولهم إنهم يتحفظون على الهجوم وكان يجب استنفاد المفاوضات أولا.

وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن بعض قادة الأجهزة الأمنية تحفظوا على التوقيت، لأنهم يعتقدون أنه لاتزال هناك فرصة للتوصل إلى صفقة لا سيما بعد المقترح الأميركي.

ولم يستبعد مراسل الجزيرة في فلسطين أن يكون زعم وسائل الإعلام الإسرائيلية -بأن رئيس الموساد تحفظ على العدوان على قطر- هدفه محاولة إبقاء الطريق إلى العاصمة الدوحة مفتوحا أمام رئيس الموساد، خاصة أنه زار قطر عدة مرات في إطار ترؤسه لوفد إسرائيل في المفاوضات التي تستضيفها الدوحة لإنهاء الحرب في غزة وإعادة الأسرى الإسرائيليين.

وقد نجحت قطر من خلال المفاوضات بإعادة عشرات الأسرى الإسرائيليين إلى عائلاتهم، بينما لم تسفر الإبادة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة منذ قرابة عامين عن عودة أي منهم.

ومن جانبها انتقدت عائلات الأسرى الإسرائيليين العدوان على الدوحة، واعتبرت أنه محاولة لاغتيال الأسرى وليس اغتيال قادة حماس.

يُذكر أن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وصف -مساء الثلاثاء- ما تعرضت له بلاده بأنه عدوان “غادر” يشكل “إرهاب دولة” مشددا على أن قطر لن تتهاون في الدفاع عن سيادتها وستتعامل بحزم مع أي اختراق أمني.

شاركها.
اترك تعليقاً