في مساء الأربعاء، شهد حقل كورمور للغاز في إقليم كردستان العراق هجومًا بطائرة مسيرة، مما أدى إلى توقف كامل لإمدادات الغاز لمحطات توليد الكهرباء وتعطيل العمليات في الحقل. هذا الهجوم، الذي استهدف خزانات الغاز، يمثل تصعيدًا مقلقًا في سلسلة من الهجمات التي تستهدف البنية التحتية للطاقة في الإقليم، ويثير تساؤلات حول أمن حقل كورمور للغاز واستقرار إمدادات الطاقة.
تفاصيل الهجوم وتداعياته الفورية
أفادت مصادر أمنية بوقوع حريق كبير في حقل كورمور نتيجة الهجوم، مع ورود أنباء عن إصابة بعض العمال. وقد نشرت قناة رووداو الكردية مقطع فيديو يظهر أعمدة الدخان المتصاعدة من الموقع، مما يؤكد حجم الأضرار.
أعلنت وزارتا الثروات الطبيعية والكهرباء في إقليم كردستان العراق في بيان مشترك عن توقف جميع إمدادات الغاز لمحطات الكهرباء، وهو ما أثر بشكل كبير على إنتاج الطاقة في الإقليم. وأكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء، أوميد أحمد، انخفاض الطاقة بحوالي 2600 ميغاواط من إجمالي 4000 ميغاواط، مما يعني انقطاع التيار الكهربائي بنسبة تصل إلى 80% في مناطق مختلفة، بما في ذلك مدينة السليمانية.
سلسلة هجمات تستهدف البنية التحتية للطاقة
هذا الهجوم ليس الأول من نوعه الذي يستهدف حقل كورمور للغاز. ففي الأيام القليلة الماضية، أطلقت قوات الأمن الكردية العراقية النار على طائرة مسيرة أخرى في محاولة لمنعها من الوصول إلى الحقل. كما شهدت السنوات الأخيرة عدة هجمات مماثلة، لم يُعلن أي طرف مسؤوليته عنها حتى الآن.
- في فبراير 2024، تعرض الحقل لهجوم بطائرة مسيرة لم يسفر عن أضرار كبيرة، واتهمت السلطات المحلية “مليشيات خارجة عن القانون” بالوقوف وراءه.
- في أبريل 2024، قُتل أربعة عمال يمنيين نتيجة قصف بطائرة مسيرة استهدف الموقع.
- في يناير 2024، استهدف صاروخان من نوع “كاتيوشا” حقل كورمور.
- خلال شهري يونيو ويوليو من العام الجاري، تعرضت منشآت الطاقة في إقليم كردستان لهجمات متكررة بمسيّرات مفخخة، مما أدى إلى أضرار مادية كبيرة.
هذه الهجمات المتصاعدة تثير قلقًا بالغًا بشأن استهداف البنية التحتية الحيوية في الإقليم، وتشكل تهديدًا مباشرًا لأمن الطاقة واستقرار الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
أهمية حقل كورمور للغاز في إقليم كردستان
يُعد حقل كورمور للغاز من أهم مصادر الطاقة في إقليم كردستان العراق، حيث يوفر أكثر من 75٪ من الغاز اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء. وبالتالي، فإن أي تعطيل لإمدادات الغاز من هذا الحقل يؤدي إلى أزمة كهرباء حادة تؤثر على حياة السكان وتعيق عمل المؤسسات والشركات.
شركة دانة غاز الإماراتية هي المستثمرة الرئيسية في حقل كورمور، وتتعاون مع وزارتي الثروات الطبيعية والكهرباء في إقليم كردستان للتحقيق في ملابسات الهجوم واستعادة الوضع إلى طبيعته. ومع ذلك، فإن هذه الحوادث المتكررة تضع علامات استفهام حول كفاءة الإجراءات الأمنية المتخذة لحماية هذا المرفق الحيوي.
التحديات الأمنية والتحقيقات الجارية
حتى الآن، لم تتضح الجهة المسؤولة عن هذا الهجوم الأخير. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن التيار الكهربائي انقطع في مناطق عدة، بينها مدينة السليمانية ثاني كبرى مدن الإقليم. وتتجه الأنظار نحو المجموعات المسلحة التي تنشط في المنطقة، والتي قد تسعى إلى زعزعة الأمن والاستقرار أو تحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية من خلال استهداف البنية التحتية.
في هذا السياق، تعهدت الحكومة العراقية بالتحقيق في الهجمات المتكررة على منشآت الطاقة في إقليم كردستان. ولكن، حتى الآن، لم يتم الإعلان عن نتائج هذه التحقيقات أو تحديد المسؤولين عن هذه الأعمال التخريبية. فضلاً عن ذلك، هناك حاجة مُلحة لتعزيز التعاون الأمني بين الحكومة المركزية في بغداد وسلطات إقليم كردستان، من أجل ضمان حماية البنية التحتية الحيوية ومنع تكرار هذه الهجمات.
الآثار الاقتصادية والاجتماعية
إن انقطاع التيار الكهربائي المستمر يؤثر بشكل بالغ على مختلف جوانب الحياة في إقليم كردستان. بالإضافة إلى الإزعاج الذي يلحق بالسكان، فإن انقطاع الكهرباء يعيق عمل المستشفيات والمدارس والشركات، ويتسبب في خسائر اقتصادية كبيرة. كما أنه يزيد من الاعتماد على مصادر الطاقة البديلة، مثل المولدات الخاصة، والتي تعتبر مكلفة وتلوث البيئة. أزمة الكهرباء الناتجة عن استهداف حقل كورمور قد تؤدي أيضاً إلى تفاقم المشاكل الاجتماعية والاقتصادية القائمة في الإقليم.
البحث عن حلول مستدامة
تتطلب معالجة هذه المشكلة اتباع نهج شامل يركز على تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتطوير مصادر الطاقة البديلة، وتحسين كفاءة شبكات توزيع الكهرباء. من الضروري أيضًا إيجاد حلول سياسية واقتصادية طويلة الأمد لضمان استدامة إمدادات الطاقة في إقليم كردستان. إضافة إلى ذلك، يجب استثمار المزيد من الجهد في بناء القدرات المحلية في مجال صيانة وتشغيل منشآت الطاقة، لتقليل الاعتماد على الشركات الأجنبية. إن حماية إمدادات الغاز في إقليم كردستان ليست مجرد ضرورة أمنية واقتصادية، بل هي أيضًا مسؤولية إنسانية تجاه سكان الإقليم.
نأمل في أن تسفر الجهود المشتركة التي تبذلها الحكومة وسلطات الإقليم والشركات المستثمرة عن استعادة الأمن والاستقرار إلى حقل كورمور، وضمان استمرار تدفق الغاز إلى محطات توليد الكهرباء. تابعونا لمزيد من التحديثات حول هذا الموضوع الهام.















