أفادت صحيفة هآرتس الإسرائيلية بوفاة جندي إسرائيلي داخل قاعدة عسكرية نتيجة إطلاق النار على نفسه، الأمر الذي يثير قلقًا متزايدًا بشأن الصحة النفسية للجنود الإسرائيليين، خاصةً في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة. هذه الحادثة المأساوية ترفع عدد الجنود الذين انتحروا منذ بداية الحرب إلى 61، مما يسلط الضوء على الأزمة المتفاقمة داخل الجيش الإسرائيلي. الوضع يتطلب نظرة متعمقة على الأسباب الكامنة وراء هذه الزيادة المقلقة في حالات الانتحار.

تزايد حالات الانتحار بين الجنود الإسرائيليين: أرقام مقلقة

وفقًا لتقرير نشره مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست، حاول 279 جنديًا الانتحار منذ بداية عام 2024. هذا الرقم يمثل معدل 7 محاولات انتحار لكل حالة مكتملة. وتشير البيانات إلى أن 12% من هذه المحاولات كانت خطيرة، بينما صنفت 88% بأنها متوسطة الخطورة. هذه الإحصائيات تعكس حجم الضغط النفسي الهائل الذي يعاني منه الجنود.

تفاصيل الحادثة الأخيرة

الجندي المنتحر كان مقتفي أثر ويخدم في الخدمة العسكرية النظامية. أصيب بجروح خطيرة داخل القاعدة قبل أن يعلن عن وفاته مساء الثلاثاء. وقد فتحت الشرطة العسكرية تحقيقًا في الحادث، لكن الأسباب الأولية تشير إلى أن الانتحار كان نتيجة لظروف نفسية صعبة. هذه الحادثة ليست منفردة، بل هي جزء من سلسلة حوادث مماثلة تثير القلق.

الحرب على غزة وتأثيرها على الصحة النفسية للجنود

منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، ارتفع عدد الجنود الذين انتحروا بشكل ملحوظ. أعلن الجيش الإسرائيلي عن انتحار 7 جنود في الخدمة الفعلية حتى نهاية عام 2023، وارتفع العدد إلى 48 جنديًا منذ بداية الحرب. بالإضافة إلى ذلك، انتحر 13 جنديًا آخرين خارج الخدمة العسكرية بسبب مشاكل نفسية، مما يرفع إجمالي عدد حالات الانتحار إلى 61. هذه الأرقام تشير إلى أن الحرب لها تأثير مدمر على الصحة العقلية للجنود.

اضطراب ما بعد الصدمة والإصابات النفسية

تشير التقديرات إلى أن حوالي 19 ألف جندي إسرائيلي أصيبوا منذ 7 أكتوبر 2023، ويعاني أكثر من نصفهم – أي حوالي 10 آلاف جندي – من ردود فعل نفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة. هؤلاء الجنود يتلقون الرعاية في قسم إعادة التأهيل في وزارة الدفاع. التعرض المستمر للعنف والصدمات النفسية يمكن أن يؤدي إلى مشاكل نفسية خطيرة، بما في ذلك الاكتئاب والقلق والانتحار. دعم الجنود نفسيًا أصبح ضرورة ملحة.

اعتراف رسمي بالأزمة وتصاعد المخاوف

في أكتوبر الماضي، أقر رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير بتفاقم أزمة الصحة النفسية داخل الجيش. وأكد أن آلاف الجنود يتلقون العلاج النفسي، وحث القادة على اليقظة وتشخيص الظاهرة داخل الوحدات. وشدد على ضرورة عدم التردد في طلب العلاج. هذا الاعتراف الرسمي يعكس مدى خطورة الوضع.

تأثير الحرب على المدنيين في غزة

لا يمكن الحديث عن هذه الأزمة دون الإشارة إلى السياق الأوسع للحرب على غزة. فقد خلفت الحرب، التي بدأت بدعم أمريكي في 8 أكتوبر 2023 واستمرت عامين، أكثر من 70 ألف شهيد فلسطيني و171 ألف جريح. كما أدت إلى دمار هائل في البنية التحتية المدنية، حيث تراكمت قرابة 70 مليون طن من الركام في قطاع غزة. هذه المعاناة الإنسانية الهائلة تزيد من الضغط النفسي على جميع الأطراف، بما في ذلك الجنود الإسرائيليين.

الحاجة إلى دعم نفسي شامل

إن الزيادة المقلقة في حالات الانتحار بين الجنود الإسرائيليين تتطلب استجابة شاملة. يجب على الجيش الإسرائيلي توفير دعم نفسي كافٍ للجنود، بما في ذلك العلاج النفسي والخدمات الاستشارية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على القادة العمل على خلق بيئة داعمة تشجع الجنود على طلب المساعدة دون خوف من وصمة العار. الوقاية من الانتحار تتطلب جهودًا متضافرة من جميع الأطراف.

في الختام، إن أزمة الصحة النفسية التي يعاني منها الجنود الإسرائيليون هي نتيجة مباشرة للحرب المستمرة على غزة. يجب على إسرائيل أن تعطي الأولوية لدعم الجنود نفسيًا، وأن تعمل على إيجاد حلول سلمية للصراع، وذلك من أجل حماية حياة الجنود والمدنيين على حد سواء. نأمل أن يتم التركيز على توفير الموارد اللازمة لضمان حصول الجنود على الرعاية التي يحتاجونها، وأن يتم معالجة الأسباب الجذرية لهذه الأزمة. شارك هذا المقال لزيادة الوعي بهذه القضية الهامة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version