يشهد قطاع غزة أزمة صحية حادة تتفاقم يوماً بعد يوم، وتضع أرواح الآلاف من المرضى على المحك. فبعد مرور أكثر من عام على الأحداث الجارية، لم تعد المعاناة مقتصرة على الإصابات المباشرة، بل امتدت لتشمل نقصاً كارثياً في الأدوية في غزة، وتدهوراً مريعاً في الخدمات الطبية. هذا النقص يعرض حياة الفلسطينيين للخطر، ويحول حياتهم إلى صراع يومي من أجل الحصول على أبسط مقومات البقاء.
الوضع المأساوي: نقص الأدوية وتدهور الخدمات الصحية في غزة
أطلق الدكتور منير البرش، المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة، تحذيراً مروعاً خلال مداخلة مع قناة الجزيرة، مؤكداً أن أرواح آلاف المرضى معلقة بسبب النقص الحاد في الأدوية وتدمير المستشفيات وغياب الكوادر الطبية المتخصصة. لم يعد الأمر مجرد صعوبة في الحصول على العلاج، بل بات الحديث عن سيناريوهات مأساوية تهدد بوفاة مئات المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية طبية مستمرة.
أرقام تفزع: فئات المرضى الأكثر تضرراً
الأرقام التي أشار إليها الدكتور البرش تعكس حجم الكارثة، وتشير إلى أن أكثر من 80 ألف مريض سكري مهددون بتدهور حالتهم الصحية بسبب عدم توفر أدوية السكري الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، يواجه أكثر من 5100 مريض ضغط خطر الإصابة بجلطات قاتلة نتيجة لعدم القدرة على الوصول إلى الخدمات الضرورية مثل القسطرة القلبية وجراحة القلب المفتوح.
ولا تتوقف المعاناة عند هذا الحد، فالأرقام تتصاعد لتشمل:
- حوالي ألفين من مرضى السرطان يواجهون خطر الموت المحقق بسبب انعدام الأدوية والبروتوكولات العلاجية.
- 45 ألف مريض قلب مهددون بأزمات قلبية حادة.
- 1100 مريض كلى بحاجة ماسة إلى جلسات غسيل الكلى المنتظمة.
- أكثر من 24 ألف شخص يعانون من أمراض نفسية وحرموا من الأدوية اللازمة.
تأثير الحصار والإعاقة المتعمدة لإدخال الأدوية
يؤكد الدكتور البرش أن الاحتلال الإسرائيلي يفرض قيوداً صارمة على دخول المستلزمات الطبية لغزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. لا يسمح سوى بمرور كميات ضئيلة من الأدوية، لا تتجاوز 10% من الاحتياجات الملحة. هذه الإعاقة المتعمدة تزيد من تفاقم الأزمة، وتحول دون وصول الأدوية المنقذة للحياة إلى المرضى المحتاجين.
بالإضافة إلى ذلك، استهدف القصف والتدمير المتعمد 324 صيدلية مرخصة و128 شركة ومستودع أدوية، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية الدوائية في القطاع. هذا التدمير يؤثر بشكل كبير على قدرة النظام الصحي على الاستجابة للحالات الطارئة وتوفير الرعاية اللازمة للمرضى. نقص الأدوية الأساسية أصبح واقعاً ملموساً، يشمل حتى المضادات الحيوية وخافضات الحرارة، بالإضافة إلى الشاش المعقم للجروح والأدوات والمواد الضرورية الأخرى.
التقارير الدولية: شهادات دامغة على الكارثة
لا يقتصر الحديث عن الأزمة على المصادر المحلية، بل تؤكد التقارير الصادرة عن منظمة الصحة العالمية أيضاً حجم المعاناة. تشير أرقام المنظمة إلى وفاة 1092 مريضاً في انتظار الإجلاء الطبي خلال الأشهر الماضية في غزة. وتشير المنظمة أيضاً إلى أن 50% من مستشفيات القطاع تعمل جزئياً أو توقفت عن العمل تماماً، مما يضع ضغوطاً هائلة على المستشفيات القليلة المتبقية التي تحاول تقديم الرعاية الطبية للمرضى والجرحى.
السعي لإيجاد حلول: جهود مكثفة لمواجهة الأزمة
على الرغم من التحديات الهائلة، تبذل جهوداً مكثفة من قبل وزارة الصحة في غزة والمنظمات الدولية لإيجاد حلول لهذه الأزمة. تشمل هذه الجهود:
- التواصل المستمر مع الجهات المانحة والمنظمات الدولية لتأمين إمدادات الأدوية والمستلزمات الطبية.
- الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لرفع القيود المفروضة على دخول المساعدات الطبية إلى غزة.
- إعادة تأهيل المستشفيات والصيدليات المتضررة.
- توفير الدعم النفسي والاجتماعي للمرضى والجرحى وعائلاتهم.
خاتمة: دعوة للعمل العاجل لإنقاذ الأرواح
إن الوضع الصحي في غزة يزداد خطورة مع كل ساعة تمر، والنقص الحاد في الأدوية يمثل تهديداً وجودياً لآلاف الأرواح. من الضروري التدخل الفوري والعاجل لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة، ورفع القيود المفروضة على دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع. هذه الأزمة تتطلب تكاتفاً دولياً وجهوداً مشتركة لإنقاذ أرواح الأبرياء وتخفيف معاناتهم. ندعو الجميع إلى دعم هذه الجهود، والمساهمة في تخفيف حجم الكارثة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة. شارك هذه المقالة لزيادة الوعي حول هذا الموضوع الحساس والمؤلم.















