تتباين آراء الخبراء بشأن ما يمكن لإيران الإقدام عليه في حال بدأت إسرائيل حربا برية واسعة لاستئصال حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، حيث يرى البعض أن طهران ستتدخل بشكل مباشر في الحرب، في حين يستبعد آخرون هذه الفرضية ما لم يتم ضرب الأراضي الإيرانية بشكل مباشر.

ورغم تزايد التحذيرات من احتمال اتساع رقعة الحرب الدائرة بين جيش الاحتلال وفصائل المقاومة الفلسطينية، فإن الوقائع على الأرض لا توفر معطيات تدل على أي تدخل إيراني مباشر حتى الآن، حسب ما يرى مراقبون.

ورغم أن حزب الله اللبناني، حليف إيران، بدأ اشتباكات متقطعة مع جيش الاحتلال على حدود لبنان، فإن الخبير العسكري اللواء فايز الدويري، يقول إن الأمر يبدو وكأنه اتفاق ضمني بعدم تجاوز الطرفين هذه المنطقة إلى ما هو أبعد.

وخلال المساحة التحليلية التي تقدمها الجزيرة “غزة.. ماذا بعد؟”، قال الدويري إن الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله ما تزال تدور في إطار الفعل ورد الفعل لكنها لا تعطي أي مؤشر على المضي نحو معركة مفتوحة.

وفي حين يتحدث البعض عن دخول إيران في حرب مباشرة فور بدء إسرائيل اجتياح غزة، يقول الدويري إن هذا لن يحدث إلا إذا تعرضت إيران لضربة مباشرة، مؤكدا أن حزب الله نفسه “لن يدخل في الحرب مباشرة كما يتصور البعض”.

ليس هذا وحسب -يضيف الدويري- فإن حزب الله “لن يدخل الحرب فور بدء الاجتياح البري القادم لقطاع غزة، وإنما سيرهن هذا بحجم ومدى وتداعيات هذا التدخل”، حسب قوله.

وفي الاتجاه نفسه تقريبا، تحدث المحلل السياسي اللبناني أمين قمورية، قائلا إن حزب الله لديه قواعد للتحرك وإن قواعد الاشتباك بينه وبين إسرائيل ما تزال قائمة رغم أنها تغيرت خلال الأسبوعين الماضيين.

ووفقا لقمورية فإن عدم حديث الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله يعني أن هناك موقفا للحزب، وهو ما لم يحدث حتى الآن، مضيفا “رغم وجود حزب الله في المعركة بشكل أو بآخر، إلا أن قرار الدخول في حرب مباشرة له حسابات معقدة داخلية وإقليمية”.

أما الباحثة المتخصصة في الشأن الإيراني، الدكتورة فاطمة الصمادي، فترى أن النظر لوضعية إيران في المعركة يتطلب النظر إلى “الفسيفساء الدفاعية التي خلقتها في المنطقة كحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن”.

وبالتالي -تضيف فاطمة الصمادي- فإنه لا يمكن القول إن حزب الله هو صاحب قرار الدخول في حرب مباشرة؛ لأن دخول أي جزء من هذه الفسيفساء الدفاعية الإيرانية في حرب واسعة سينظر له على أنه دخول إيراني.

وحدة الساحات

وفيما يتعلق بما يطلق عليه وحدة الساحات (ضد إسرائيل)، قال الدويري إن حماس تقاتل وحيدة الآن ضد إسرائيل بشكل مباشر بينما ساحات اليمن والعراق ولبنان لديها مرجعيات في إيران التي لا ترغب في حرب مباشرة ولا تريد أيضا للقوى الموالية لها أن تتورط حتى لا تتسع رقعة الحرب.

في المقابل، يقول قمورية إن وحدة الساحات موجودة لكن ليس بالصورة التي يتمناها أو يتوقعها البعض، معربا عن قناعته بأن المواقف كلها مرهونة بمستقبل المعركة، بما في ذلك المواقف العربية الرسمية.

وفي هذا الشأن، ترى فاطمة الصمادي أن حماس متحالفة مع إيران لكنها ليست جزءا من الفسيفساء الدفاعية الإيرانية، وهناك اتفاق بأنها هي من يتخذ قرار الحرب وأنها لن تقاتل إلا من أجل فلسطين، بيد أن هذا كله لا يعني التخلي عنها من جانب طهران.

الخطوط الحمراء

وترى الدكتورة فاطمة أن الخط الأحمر لإيران هو الحفاظ على نظامها السياسي وبالتالي هي تتجنب فتح حرب واسعة في المنطقة قد تؤدي لانهيار النظام، لكنها في الوقت نفسه لا يمكنها التخلي عن حماس لأنها تعتبر القضية الفلسطينية جزءا من مصالحها الوطنية.

وبالتالي -تقول الباحثة- إن إيران لن تسمح بمحو حماس من المعادلة الفلسطينية لأن هذا يعني خسارة طهران لهذه القضية المهمة بالنسبة لها.

واستدلت على ذلك بأن آخر ما عمل عليه قائد الحرس الثوري الراحل قاسم سليماني كانت خطة “لتفعيل الأذرع الخشنة لمحور المقاومة في فلسطين”، مضيفة أن الخطة يتم العمل عليها رغم رحيله.

لكن الدويري يجزم بأن إيران لن تتدخل إلا إذا قصفت مباشرة، وقال إن الولايات المتحدة وضعت في عهد جورج بوش الابن إبان الحرب على العراق خطة من 7 سيناريوهات للتعامل مع طهران أعلاها كان احتلالها بالمطلق وأدناها كان تدمير مشروعها النووي.

وأضاف “في نهايات عهد باراك أوباما وضعت خطة من 4 سيناريوهات لا تزال قائمة تبدأ بتوجيه ألفي ضربة جوية لها نزولا إلى 500 ضربة”، كما تم وضع خيارات توجيه ضربة أميركية منفردة أو ضربة بمشاركة إسرائيل، حسب الدويري.

وخلص الدويري إلى أن الوضع الآن يتجه لضربة أميركية إسرائيلية، وبالتالي فإن إيران لن تتدخل مباشرة في الحرب ولكنها ستوعز لأذرعها بالتدخل في حال وصل الأمر لمحو حماس.

ويرى الدويري أن واشنطن التقطت هذا الموقف وبالتالي بعثت جنرالا لتأطير العملية الإسرائيلية البرية بحيث تكون قوية وتفضي لمخرج سياسي على غرار معركة الموصل.

على العكس من ذلك، يرى قمورية أن قرار حزب الله ليس رهنا لإيران بشكل كامل خصوصا عندما يتعلق الأمر بتثبيت الوجود الأميركي في المنطقة كما يحصل حاليا، لأنه قام بالأساس على مقاومة هذا الوجود.

والأمر نفسه -حسب قمورية- ينسحب على إيران لأن مصلحتها والحفاظ على ما حققته من مكتسبات خلال 4 عقود وتقدمها النووي كلها أمور مرتبطة بما يجري في غزة، وهي لديها حلفاء في الساحات لا يمكن التقليل من قدرتهم على التصرف إذا وقعت معركة مفتوحة.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.