أحكمت السلطة العسكرية في غينيا بيساو قبضتها على مقاليد الحكم منذ الانقلاب الذي قاده الجنرال هورتا إنتا في نوفمبر الماضي، وتواصل اتخاذ قرارات مثيرة للجدل تثير قلق المجتمع الدولي. يركز هذا المقال على التطورات الأخيرة في غينيا بيساو، وخاصةً تعيين المدعي العام الجديد وحل المجلس الأعلى للقضاء، وتحليل تأثير هذه الإجراءات على مستقبل الوضع السياسي في غينيا بيساو والديمقراطية في البلاد.
تعزيز السلطة العسكرية: تعيين المدعي العام وحل المجلس الأعلى للقضاء
أعلن المجلس العسكري الحاكم في غينيا بيساو عن تعيين أحمد تيجاني بالدي، الرئيس السابق للمحكمة العليا للحسابات في عهد الرئيس المخلوع عمر سيسوكو إمبالو، في منصب المدعي العام للجمهورية. هذا التعيين، الذي أُعلن عنه في الجمعة الماضية، يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى ترسيخ سلطة الجيش.
إلى جانب ذلك، اتخذ المجلس العسكري قرارًا بحل المجلس الأعلى للقضاء وإغلاق المدرسة الوطنية للقضاء حتى نهاية المرحلة الانتقالية. هذه الخطوة، بالإضافة إلى منح المدعي العام الجديد صلاحيات واسعة النطاق، أثارت مخاوف جدية بشأن استقلالية القضاء.
صلاحيات غير مسبوقة للمدعي العام الجديد
القرار المثير للجدل منح المدعي العام صلاحيات غير مسبوقة، بما في ذلك تعيين نوابه ورؤساء المحاكم في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى سلطة نقلهم أو عزلهم. يرى العديد من المراقبين أن هذه الصلاحيات الواسعة تهدف إلى إخضاع الجهاز القضائي بشكل مباشر للسلطة العسكرية، مما يقوض مبدأ الفصل بين السلطات. هذا التطور يثير تساؤلات حول نزاهة القضاء في المستقبل واحتمالية تعرضه للتدخل السياسي.
ردود الفعل والانتقادات الدولية
أثارت هذه الإجراءات موجة واسعة من الانتقادات من منظمات حقوقية محلية ودولية. وصفت هذه المنظمات الإجراءات بأنها “ضربة قاصمة” لمبدأ الفصل بين السلطات وتهديدًا مباشرًا لأسس الديمقراطية في غينيا بيساو. تعتبر هذه الإجراءات بمثابة تراجع كبير في مجال حقوق الإنسان وسيادة القانون في البلاد.
بالإضافة إلى ذلك، أعربت العديد من الدول عن قلقها إزاء التطورات الأخيرة، مطالبة السلطات العسكرية باحترام مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان. هناك دعوات متزايدة لفرض عقوبات على المسؤولين عن هذه الانتهاكات.
سياق سياسي مضطرب: الاعتقالات والمرحلة الانتقالية
منذ الانقلاب العسكري، اعتقلت السلطات الجديدة زعيم حزب المعارضة دومينغوس سيمويش بيريرا، بالإضافة إلى عدد من مسؤولي اللجنة الوطنية للانتخابات وأعضاء في الحكومة السابقة. في الوقت نفسه، غادر الرئيس السابق عمر سيسوكو إمبالو البلاد.
وعدت القيادة العسكرية بمرحلة انتقالية لا تتجاوز عامًا واحدًا، مع تعيين رئيس وزراء جديد والإعلان عن تشكيل “المجلس الوطني للانتقال” ليقوم بدور السلطة التشريعية. ومع ذلك، لم يتم الكشف عن تركيبة هذا المجلس حتى الآن، مما يثير المزيد من الشكوك حول طبيعة المرحلة الانتقالية. الأزمة السياسية في غينيا بيساو تتفاقم مع استمرار الغموض حول مستقبل الحكم.
مستقبل العملية السياسية والعودة إلى الحكم المدني
تثير هذه التطورات تساؤلات حول مستقبل العملية السياسية في غينيا بيساو. غياب ضمانات واضحة لعودة الحكم المدني، وتنامي المخاوف من أن تتحول المرحلة الانتقالية إلى تكريس دائم للسلطة العسكرية على مؤسسات الدولة، يهدد بتقويض أي أمل في مستقبل ديمقراطي. الوضع يتطلب حوارًا وطنيًا شاملاً لضمان انتقال سلمي للسلطة.
التدخل العسكري في غينيا بيساو ليس ظاهرة جديدة، حيث شهدت البلاد عدة انقلابات عسكرية في الماضي. ومع ذلك، فإن الإجراءات الأخيرة تبدو أكثر تصعيدًا وتهديدًا للديمقراطية.
الخلاصة: مستقبل غينيا بيساو على المحك
إن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها السلطة العسكرية في غينيا بيساو، وخاصةً تعيين المدعي العام وحل المجلس الأعلى للقضاء، تمثل تهديدًا خطيرًا للديمقراطية وسيادة القانون. الوضع السياسي في غينيا بيساو يتطلب مراقبة دقيقة وجهودًا دولية مكثفة لضمان عودة البلاد إلى المسار الديمقراطي. من الضروري أن تلتزم السلطات العسكرية باحترام حقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية، وأن تبدأ حوارًا وطنيًا شاملاً لتحديد مستقبل البلاد.
ندعو القراء إلى متابعة التطورات في غينيا بيساو والتعبير عن دعمهم للديمقراطية وحقوق الإنسان في هذا البلد. يمكنكم مشاركة هذا المقال على وسائل التواصل الاجتماعي للمساهمة في نشر الوعي حول هذا الوضع الحرج. هل تعتقدون أن المجتمع الدولي يجب أن يتخذ إجراءات أكثر صرامة للضغط على السلطات العسكرية في غينيا بيساو؟ شاركوا آرائكم في قسم التعليقات أدناه.















