الدوحة- اختتم وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، اليوم الخميس، زيارة استمرت يومين للعاصمة القطرية الدوحة، والتي تأتي وسط تطورات إقليمية متسارعة وضغوط دولية متزايدة لإنهاء المأساة الإنسانية في غزة وإعادة ترتيب ملفات المنطقة، مما يعكس عمق الشراكة الإستراتيجية والتنسيق بين الدوحة وأنقرة.

وتُعد هذه الزيارة الثالثة لفيدان إلى الدوحة منذ مطلع العام، وتحمل في توقيتها ودلالاتها بُعدين متوازيين:

  • الأول هو توطيد مسار التعاون الثنائي بين البلدين، خصوصا مع اقتراب انعقاد الاجتماع الحادي عشر للجنة الإستراتيجية العليا بين البلدين.
  • والثاني هو تكثيف التنسيق المشترك في الملفات الإقليمية الساخنة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأزمة السورية.

ووفق كتاب ومسؤولين إعلاميين قطريين، فقد تجاوزت أجندة المحادثات الإطار الثنائي التقليدي لتشمل تقييم الخطوات الدولية الأخيرة نحو الاعتراف بدولة فلسطين، وبحث سبل وقف الهجمات الإسرائيلية على غزة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، إلى جانب استعراض مبادرات مشتركة لدعم الاستقرار في سوريا ومنع أي محاولات لتعطيله.

ومع هذا الزخم، تبدو الزيارة بمثابة محطة مفصلية لإعادة رسم أولويات العمل المشترك بين البلدين، سواء على الصعيد الدبلوماسي أو في ملفات الأمن الإقليمي والتنمية.

واستقبل أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، صباح اليوم الخميس، وزير الخارجية التركي، وجرى خلال المقابلة استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، إضافة إلى بحث أبرز المستجدات الإقليمية والدولية، لا سيما تطورات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة وسوريا.

واستعرض رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، خلال لقائه أمس الأربعاء، مع وزير الخارجية التركي، علاقات التعاون بين البلدين وسبل دعمها وتعزيزها، وناقشا تطورات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وسوريا، بالإضافة إلى عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

وأكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، خلال اللقاء، على ضرورة تكثيف الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الحرب الوحشية على قطاع غزة، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بشكل مستدام ودون عوائق إلى القطاع، وإطلاق سراح “الأسرى والمحتجزين”، مشددا على دعم قطر الكامل لكافة المساعي الحميدة الرامية لتسوية القضية الفلسطينية بالوسائل السلمية وتنفيذ حل الدولتين.

وتشمل زيارة الوزير التركي تقييما للشراكة الإستراتيجية المتنامية بين البلدين في جميع المجالات، ومجالات التعاون الجديدة للفترة المقبلة، ومناقشة التحضيرات للاجتماع الـ11 للجنة الإستراتيجية العليا برئاسة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس رجب طيب أردوغان، والمقرر عقده في الدوحة في وقت لاحق من العام الجاري.

صادق العماري: الزيارة تؤكد على المستوى الرفيع لعلاقات ترتكز على تاريخ طويل من التعاون الوثيق والشراكة الاستراتيجية

دلالات دبلوماسية وسياسية

من جهته، أكد مدير المركز القطري للصحافة صادق العماري في تصريح للجزيرة نت، أن زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان للدوحة تحمل دلالات سياسية ودبلوماسية مهمة، وتؤكد على المستوى الرفيع للعلاقات القطرية التركية التي ترتكز على تاريخ طويل من التعاون الوثيق والشراكة الإستراتيجية المتنامية.

وأوضح العماري أن لقاء رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، بالوزير التركي، يشكل محطة بارزة لمناقشة سبل دعم وتعزيز التعاون الثنائي في كافة المجالات، وبحث مجالات جديدة للشراكة المستقبلية.

وبيّن مدير المركز القطري للصحافة أن جدول الزيارة يتضمن أيضا بحث تطورات الملف السوري وسبل إرساء الأمن والاستقرار فيه، إلى جانب تقييم الخطوات الأخيرة التي اتخذها المجتمع الدولي تجاه الاعتراف بدولة فلسطين.

واختتم العماري تصريحه بالتأكيد على أن هذه هي الزيارة الثالثة لوزير الخارجية التركي إلى قطر هذا العام، مما يعكس الزخم الكبير في مسار العلاقات الثنائية، وحرص البلدين على تنسيق المواقف وتعزيز التشاور حيال القضايا الإقليمية، والعمل المشترك من أجل الأمن والاستقرار، وفي مقدمة ذلك دعم صمود الشعب الفلسطيني ونصرة قضيته العادلة.

ماجد الجبارة: الوضع الإقليمي والدولي بالغ التعقيد يتطلب أعلى درجات التنسيق السياسي والدبلوماسي بين الشركاء الاستراتيجيين

محطة إستراتيجية

وقال مدير تحرير جريدة الراية القطرية، ماجد الجبارة في تصريح للجزيرة نت، إن الزيارة تمثل محطة إستراتيجية مهمة في مسار العلاقات القطرية–التركية، لأنها تأتي في ظرف إقليمي ودولي بالغ التعقيد، يتطلب أعلى درجات التنسيق السياسي والدبلوماسي بين الشركاء الإستراتيجيين.

وأوضح الجبارة أن دلالات هذه الزيارة تتجاوز إطارها الثنائي، فهي تعكس إرادة سياسية مشتركة لقطر وتركيا للقيام بدور فاعل في القضايا الإقليمية، لا سيما في ظل التحديات التي تواجه العالمين العربي والإسلامي، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.

وأشار الجبارة إلى أن اللقاء بين رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، والوزير التركي، لم يكن محصورا في تعزيز التعاون الثنائي فحسب، بل تطرق بعمق إلى قضايا مصيرية، أبرزها الوضع في قطاع غزة، وضرورة وقف الحرب الوحشية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون انقطاع، مع التمسك بحل الدولتين كخيار إستراتيجي يضمن الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأضاف أن الملف السوري شكّل جانبا آخر من المباحثات، حيث ناقش الجانبان سبل منع محاولات زعزعة الاستقرار هناك، وإمكانية توسيع التعاون في مجالات إعادة الإعمار وبناء القدرات، بما يسهم في عودة الأمن إلى سوريا واستعادة استقرارها السياسي والاجتماعي.

وتناولت المحادثات التحضير للاجتماع الحادي عشر للجنة الإستراتيجية العليا، الذي سيحضره أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس رجب طيب أردوغان. وهو اجتماع يُنتظر أن يرسم خريطة تعاون جديدة بين البلدين في المرحلة المقبلة.

حل القضايا الإقليمية

من ناحيته، قال السفير التركي لدى دولة قطر، محمد مصطفى كوكصو، إن زيارة وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إلى الدوحة تأتي في إطار استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، وبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك.

وأضاف، في تصريح للجزيرة نت، أن المباحثات، تناولت أبرز التطورات الإقليمية والدولية، ولا سيما مستجدات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، إلى جانب الملف السوري.

وشدد السفير التركي على أن الزيارة تعكس الإرادة السياسية المشتركة بين البلدين للقيام بدور فاعل في حل القضايا الإقليمية، وتجسد حرص قيادتي البلدين على تنسيق المواقف وتعزيز العمل المشترك من أجل الأمن والاستقرار في المنطقة، مع دعم صمود الشعب الفلسطيني وتحقيق حل الدولتين كخيار إستراتيجي لتحقيق السلام.

السفير التركي بالدوحة: الزيارة تعكس الإرادة المشتركة للبلدين للقيام بدور فاعل في حل القضايا الإقليمية

وأعرب عن تقدير بلاده للدور الفاعل للوساطة القطرية منذ اندلاع الأزمة، سواء من جهة المساعدات الإنسانية أو العمل على إحلال السلام في الأراضي المحتلة.

وجدد السفير التركي إدانة بلاده الإبادة التي يتعرض لها سكان قطاع غزة، مشددا على أن تركيا تحمّل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن الجرائم المرتكبة، وضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لوقف هذه الانتهاكات وضمان محاسبة مرتكبيها.

شاركها.
اترك تعليقاً