قالت صحيفة واشنطن بوست إن الولايات المتحدة تعد خطة تقوم على بناء ونشر آلاف المسيرات لإطلاقها باتجاه مضيق تايوان وإبقاء الجيش الصيني مشغولا حتى وصول المدد لتايوان، وذلك لضمان عدم نجاح الغزو الصيني للجزيرة، لكن قائدا عسكريا أميركيا كبيرا يقول إن الوقت ينفد قبل وضع الخطة موضع التنفيذ.
وأشارت الصحيفة -في عمود الكاتب جوش روجين- إلى أن سياسة “الغموض الإستراتيجي”، التي تنتهجها الولايات المتحدة منذ فترة طويلة، جعلتها غير ملتزمة بالدفاع عن تايوان إذا هاجمتها الصين، وحتى الرئيس جو بايدن الذي قال مرارا وتكرارا إنه سيرسل الجيش الأميركي للدفاع عن تايوان، أوضح أن “ذلك يعتمد على الظروف”، كما أن سلفه دونالد ترامب لا يبدو مستعدا، إذ قال إنه “لا يوجد شيء يمكننا القيام به حيال ذلك”.
وذكر الكاتب أن إرسال رجال ونساء أميركيين للدفاع عن ديمقراطية صغيرة على الجانب الآخر من العالم سيكون قرارا صعبا للغاية بالنسبة لأي رئيس أميركي، ولهذا السبب تهدف الخطة إلى ردع الرئيس الصيني شي جين بينغ عن محاولة الغزو التي يخطط لها في عام 2027.
حرب قصيرة وحادة
ونسبت الصحيفة للأدميرال صامويل بابارو، الرئيس الجديد للقيادة الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادي، إن واشنطن تعمل من أجل ألا يرى الرئيس الصيني نصرا سهلا إذا نظر عبر مضيق تايوان، موضحا أن الأميركيين “يريدون أن يقدموا للعالم حربا قصيرة وحادة قبل أن يتمكن العالم من توحيد صفوفه”.
وقال بابارو إن “مهمتي هي التأكد من أن الجيش الأميركي وحلفاءه يبقون قادرين على تحقيق النصر من الآن وحتى عام 2027 وما بعده”، موضحا أن إستراتيجية الصين المحتملة هي تغطية تايوان بهجوم ضخم دون سابق إنذار، خشية تكرار خطأ الروس في أوكرانيا عام 2022، عندما فشل غزوهم الأولي الشامل وتحول إلى حرب استنزاف طويلة.
وأوضح بابارو أن المفتاح لإحباط إستراتيجية الصين المفترضة هو إستراتيجية أميركية أطلق عليها “مشهد الجحيم”، وفكرتها هي أنه بمجرد أن يبدأ أسطول الغزو الصيني في التحرك عبر الممر المائي الذي يفصل بين الصين وتايوان، ينشر الجيش الأميركي آلاف الغواصات غير المأهولة، والسفن السطحية غير المأهولة، والمسيرات لإغراق المنطقة وإعطاء القوات التايوانية والأميركية وحلفائها الوقت لإعداد رد مناسب.
وقال بابارو “أريد تحويل مضيق تايوان إلى منطقة جحيم غير مأهولة باستخدام عدد من القدرات السرية، حتى أجعل حياتهم (الصينيين) صعبة لمدة شهر، مما يوفر الوقت لبقية ما يراد تنفيذه”، ولكنه رفض أن يقدم مزيدا من التفاصيل وقال “لا أستطيع أن أخبرك بما ينطوي عليه ذلك، لكنه حقيقي وقابل للتحقيق”.
وأشار روجين إلى وجود بعض العلامات على أن خطة “مشهد الجحيم” تحرز تقدما، ومن ذلك أن وزارة الدفاع أعلنت أنها ستنفق مليار دولار على برنامج لبناء أسراب من السفن السطحية غير المأهولة والمسيرات لهذه المهمة بالذات، وإن كان الجدول الزمني لتسليم هذه الأنظمة غير واضح.
الخيارات
وحتى لو تم تجميع “مشهد الجحيم” في الوقت المناسب وتأهيله، فإن المسيرات وحدها لن تضاهي الحشد العسكري الصيني الضخم -كما يرى بابارو- لأن الجيش الصيني يعمل على توسيع قدراته النووية والبحرية والجوية والسيبرانية والاستخباراتية والحرب الإلكترونية بسرعات قياسية.
وذكر القائد العسكري أن الجيش الأميركي ليست لديه حاليا طريقة موثوقة لوقف صواريخ كروز الصينية “القاتلة لحاملات الطائرات” والتي تفوق سرعتها سرعة الصوت، وذلك في وقت يقول فيه المسؤولون اليابانيون إن إدارة بايدن تماطل في طلب طوكيو إنشاء قوة عمل مشتركة جديدة للمساعدة في الاستعداد للصراع حول تايوان وفي بحر جنوب الصين.
ومما يزيد من تعقيد الموضوع أن الغزو الواسع النطاق ليس الخيار الصيني الوحيد، فهناك الحصار كما وقع في الشهر الماضي، وهناك أيضا الإكراه الاقتصادي والتدخل السياسي ونشر المعلومات المضللة للضغط على الشعب التايواني، وهي تهديدات تقع خارج نطاق اختصاص قيادة منطقة المحيطين الهندي والهادي.
وخلص روجين إلى أن “أمام المنطقة خيارين، إما التخلي عن بعض حرياتهم وإما التسلح بقوة، وكلتا الحالتين لها آثار مباشرة على أمن وحرية ورفاهية مواطني الولايات المتحدة الأميركية”، كما يرى بابارو.