واشنطن- يبدو أن واشنطن تنفست الصعداء مع انتهاء خطاب الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، وبعد أن صرح البيت الأبيض “إننا مطلعون على خطاب حزب الله، ولا نسعى لتوسيع الصراع، وكنا واضحين مع حلفائنا بشأن عدم تدخل أي طرف ثالث في الحرب بين إسرائيل وحماس حاليا”.

وفي خطابه أمس الجمعة، انتقد حسن نصر الله موقف واشنطن الداعم للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وقال إن “من يريد منع قيام حرب إقليمية، يجب أن يسارع إلى وقف العدوان على غزة”. وأشار إلى تلقيه تحذيرات من حكومات عربية من مغبة إشعال حرب أوسع نطاقا وإثارة رد عسكري أميركي، مضيفا “هذه التهديدات لن تغير موقفنا، وستنضم مجموعة تلو الأخرى إلى الحرب”.

وعقب الخطاب، غرّد مايكل سينغ، المسؤول السابق بالبيت الأبيض والخبير بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، قائلا “أتوقع أن يتم استقبال خطاب نصر الله بارتياح في واشنطن، لأنه لا ينذر بتصعيد إيراني، بل قد ينظر إليه على أنه رسالة إلى وكلاء إيران الآخرين للحد من أفعالهم. وما ذكره من تهديد للولايات المتحدة وإسرائيل عديم الجدوى وبعيد عن الرسالة الحقيقية”.

مخاوف أميركية

منذ بداية العدوان، تحذّر إدارة جو بايدن من مخاطر توسّع الصراع، وقال مستشار الأمن القومي جاك سوليفان، في تصريحات متلفزة “إن خطر تصعيد الحرب بين إسرائيل وحماس إلى صراع إقليمي أوسع هو حقيقي”، وتعهد بأن تواصل الولايات المتحدة الرد على هجمات “وكلاء إيران” لردع تصعيد الصراع في الشرق الأوسط.

وتشهد الجبهة بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلية مناوشات عسكرية زادت حدتها خلال الأيام الماضية، إلا أنها لم تتعد أي خطوط حمراء لكلا الطرفين. كما تعرضت القوات الأميركية في العراق وسوريا لبعض الهجمات، وأقدمت جماعة الحوثي في اليمن على إطلاق عدة صواريخ باتجاه إسرائيل.

وزاد القلق في واشنطن خلال الأيام الماضية بسبب تزايد الهجمات على القوات الأميركية المنتشرة في عدة قواعد بالعراق وسوريا، مما أثار مخاوف من أن “إيران ووكلاءها قد يسعون إلى توسيع الصراع وزعزعة استقرار المنطقة”. تبع ذلك قصف المقاتلات الأميركية عدة منشآت شرق سوريا تستخدمهما إيران وفصائل تابعة لها.

وأوضح ديفيد دي روش، المسؤول السابق بالبنتاغون والمحاضر بكلية الدفاع الوطني في واشنطن أنه “إذا ضربت أي مجموعة مدعومة من إيران قاعدة أميركية في أي وقت، فستحصل على رد من الولايات المتحدة. وسببها الآن هو الحرب بين إسرائيل وحماس، حيث تعتقد إيران أنها قائدة محور المقاومة الذي يضم الفصائل الشيعية في لبنان وسوريا والعراق وحماس واليمن”. مضيفا “الجماعات الوحيدة التي تقاتل إسرائيل الآن هي حماس، وهي العضو السني الوحيد في محور المقاومة”.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال روش إن “الهجمات التي تشنها مليشيات تابعة لإيران غير خطيرة، وحتى الآن، لم يشن الوكلاء الإيرانيون سوى هجمات روتينية محسوبة”.

وأكد المسؤول السابق بالبنتاغون أنه إذا أرادت الولايات المتحدة أن تردع إيران عن توجيه هجمات بالوكالة ضد مصالحها أو وجودها في سوريا أو العراق أو أي مكان آخر، فيجب تطبيق شرطين:

  • أولا: توضيح أنها تعتبر إيران مسؤولة عن هذه الهجمات، ولن تنجرّ إلى الاعتراف بأن الجماعات المدعومة إيرانيا تتمتع بحرية اتخاذ قراراتها.
  • ثانيا أن ترد بطريقة تلحق ألما حقيقيا بإيران.

وقال “بما أن الولايات المتحدة لا تريد إشعال حرب مع إيران، فمن المرجح أن يقتصر الرد العسكري الأميركي على الهجمات التي تتعرض لها، على منشآت الحرس الثوري الإيراني وأفراده في سوريا”.

هل حقق الردع الأميركي أهدافه؟

في هذا السياق، اعتبر كريستيان كوتس أولريشسن، خبير الشؤون الدولية بمعهد بيكر في جامعة رايس بولاية تكساس، أن واشنطن تسعى لإعادة مصداقية الردع الأميركي، وتهدف أيضا إلى توجيه رسالة إلى إيران ووكلائها مفادها أن الهجمات على القواعد الأميركية في العراق وسوريا ستؤدي إلى رد أميركي قوي، بحسب حديثه للجزيرة نت.

بدوره، اعتبر ماثيو والين، الرئيس التنفيذي لمشروع الأمن الأميركي (مركز بحثي يركز على الشؤون العسكرية) أن إيران سعيدة بالاستفادة من عدم الاستقرار الإقليمي وإدامته، لأن استقرار خصومها الأجانب يضعف قوتها.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال والين إنه “من المرجح أن تسعى إيران دائما إلى إيجاد وسيلة لإضعاف أو تشتيت انتباه القوات الأميركية في المنطقة. قد لا يكون الردع كما هو متصور تقليديا وواقعيا بالنسبة للولايات المتحدة ما لم تكن على استعداد لتهديد استقرار النظام الإيراني بشكل مباشر، وهو ما لا أعتقد أن واشنطن لديها مصلحة حقيقية في القيام به في هذا الوقت”.

وأضاف “قد يُنظر إلى هذه الضربات على أنها عقابية أو محاولة لإضعاف قدرة إيران على إحداث الفوضى، وقد تشعر إيران أنها تستطيع مواصلة هذه الهجمات لأن لديها القدرة على القيام بذلك بمعدل خسارة مقبول. ويمكن أن يؤدي معدل خسارة غير مقبول لإيران إلى تصعيد الصراع إلى مستوى لا يهتم أي من الطرفين بالوصول إليه بشكل خاص”.

في سياق متصل، أنهت حاملتا الطائرات “يو إس إس جيرالد آر فورد” و”يو إس إس دوايت دي أيزنهاور” عدة أيام من التدريبات العسكرية في شرق البحر المتوسط، شارك فيها ما يقرب من 11 ألف عسكري أميركي، وفقا لبيان للبحرية الأميركية الذي أكد على أهمية “العمل على ردع العدوان ودعم حلفائنا وشركائنا”.

وأشار قائد الأسطول السادس الأميركي الأدميرال توماس إيشي، إلى أهمية الردع العسكري والتدريبات. وقال إن “تشغيل مجموعات ضاربة مزدوجة مع الحلفاء والشركاء في بيئة ديناميكية، يدل على قدرتنا على الاستجابة بسرعة حاسمة لأي طارئ. كما أن وجودنا يرسل إشارة واضحة حول التزامنا بردع العدوان وتعزيز الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة”.

وفور بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي، نشرت واشنطن حاملتَي طائرات “جيرالد فورد” و”داويت أيزنهاور” في شرق البحر المتوسط، إضافة إلى أكثر من 20 قطعة بحرية، وتعزيز أسراب القوات الجوية في الشرق الأوسط بالمزيد من المقاتلات من طراز (إف 16) و(إف 35).

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.