أنقرة- شيع الآلاف اليوم السبت جثمان الناشطة التركية الأميركية عائشة نور التي قتلت برصاص جنود إسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، بمسقط رأسها في منطقة ديديم بمحافظة أيدن غربي تركيا، وذلك في مراسم شعبية ورسمية.
وكان جثمان الناشطة قد نُقل إلى تركيا صباح أمس الجمعة بعد رحلة جوية بدأت من مطار اللد (بن غوريون) في إسرائيل، مرورا بالعاصمة الأذربيجانية باكو، وصولا إلى إسطنبول.
واستُقبل الجثمان بمراسم رسمية حضرها والي إسطنبول داود غُل وعدد من المسؤولين المحليين. ثم نقل الجثمان إلى مطار عدنان مندريس بإزمير حيث أُقيمت مراسم استقبال أخرى بحضور الوالي سليمان إلبان، إلى جانب عدد من المسؤولين والشخصيات العامة، من بينهم رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل، ونائب حزب الحركة القومية تامر عثمان أوغلو.
وقال رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش إن “دماء عائشة نور لن تذهب هدرا وسنحاسب من قتلها في المحاكم الدولية”.
الآلاف يشيعون جثمان الناشطة التركية الأمريكية عائشة نور إيغي بمنطقة ديديم في محافظة آيدن غربي #تركيا إلى مثواها الأخير.. مراسل #الجزيرة عامر لافي ينقل لنا المشهد#الأخبار #حرب_غزة pic.twitter.com/vjiOKookms
— قناة الجزيرة (@AJArabic) September 14, 2024
جريمة قتل
وحمّل قورتولموش إسرائيل وداعميها مسؤولية “جريمة قتل” عائشة، مشيرا إلى أن تشريح جثمانها أثبت إصابة مباشرة برأسها وليس كما ادعى الاحتلال برصاصة مرتدة عن الأرض.
وأكد أن تركيا ستبدأ بإرسال الأدلة التي تملكها بشأن مقتل الناشطة إلى المحاكم الدولية.
وفي إزمير، دخلت والدة الناشطة رابعة بيردن في نوبة من البكاء الشديد أثناء مراسم استقبال جثمان ابنتها، واستدعت حالتها تدخل الفرق الطبية بعد تعرضها للإغماء. أما والدها، محمد سعاد إيغي، فقد بدا منهكا أثناء تلقيه العزاء من الحضور، وسط أجواء من الحزن والتأثر.
ونُقل جثمان عائشة نور إلى هيئة الطب الشرعي في إزمير حيث استغرق التشريح نحو 4 ساعات، ثم إلى مدينة أيدن حيث شيع بعد صلاة الجنازة اليوم السبت في المسجد المركزي للمدينة، ليُوارى الجثمان الثرى بعد صلاة الظهر.
على صعيد آخر، أقيمت صلاة الغائب على روح الناشطة في عدد من المدن التركية، من بينها إسطنبول وأنقرة وبورصة وإسكي شهير وكوتاهيا وكوجالي، بمشاركة مسؤولين محليين وممثلين عن منظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى حشود من المواطنين.
وأعرب المشاركون في تلك الفعاليات عن إدانتهم للاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الفلسطينيين، مؤكدين تضامنهم مع عائلة عائشة نور ودعمهم للقضية الفلسطينية.
شخصيات بارزة
وأفادت مصادر مطلعة -للجزيرة نت- بأن شخصيات بارزة من الحكومة التركية، إلى جانب قادة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، أكدوا حضورهم لتوديع الناشطة التي باتت تمثل رمزًا للنضال والدفاع عن الحقوق المدنية لدى الشعب التركي.
وأعلنت العديد من منظمات العمل الإنساني مشاركتها في مراسم التشييع لتكريم الناشطة الراحلة وإبراز دورها في دعم القضايا الإنسانية.
من جهة أخرى، تفاعل المواطنون على منصات التواصل الاجتماعي بشكل كبير مع خبر الجنازة، حيث دعا العديد منهم إلى مشاركة واسعة في تشييعها دعما لعائلة الناشطة وتضامنا معها.
تحركات رسمية
وكان وزير العدل التركي، يلماز طنتش، قد أعلن في مؤتمر صحافي عقده الخميس الماضي أن المدعي العام في أنقرة بدأ تحقيقا رسميا في مقتل الناشطة التركية الأميركية عائشة نور إيغي، استنادا إلى القانون المحلي التركي.
وأوضح الوزير أن التحقيق يهدف إلى محاسبة المسؤولين عن حادثة مقتل إيغي، مشيرا إلى أن “كل الأدلة متوفرة، ومنها مشاهد للحادثة، وسنضمن الحفاظ على حقوقها بموجب القانونين المحلي والدولي”.
وأكد طنتش أن التحقيق يتناول جريمة “القتل العمد” التي وقعت تحت بند “جريمة ضد الإنسانية”، موضحا أن التحقيق فُتح بموجب المواد 12 و13 من قانون العقوبات التركي، التي تتيح متابعة الجرائم المرتكبة بحق مواطنين أتراك في الخارج.
وكانت عائشة نور، البالغة من العمر 26 عاما، قد قُتلت برصاص جنود إسرائيليين، يوم الجمعة الماضي، أثناء مشاركتها في مظاهرة ضد الاستيطان في بلدة بيتا بمحافظة نابلس شمالي الضفة الغربية.
وبحسب إدارة مستشفى رفيديا في نابلس، وصلت إيغي مصابة برصاصة في الرأس، ولكنها فارقت الحياة رغم محاولات الإنعاش الطبي.
في سياق متصل، أعلنت وزارة الخارجية التركية، الخميس، أنها ستسعى لإصدار مذكرات اعتقال دولية بحق الجنود الإسرائيليين المتورطين في الحادثة، مؤكدة أن إيغي “استُهدفت وقتلت عمدا” خلال مشاركتها في مظاهرة سلمية، وتعهدت ببذل كل الجهود لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.