في قلب الدوحة، عاصمة قطر، اختتمت فعاليات النسخة التاسعة من جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد، مؤكدةً التزام قطر الراسخ بمواجهة هذه الظاهرة العالمية الخطيرة. هذا الحدث، الذي أقيم يوم الأحد، لم يكن مجرد حفل تكريم، بل تجسيدًا لرسالة قطر الداعمة للنزاهة والشفافية، وتكريمًا للجهود الاستثنائية المبذولة في هذا المجال على مستوى العالم. الجائزة، التي أطلقت عام 2016، تواصل إلهام الأفراد والمؤسسات للوقوف في وجه الفساد والسعي نحو مستقبل أكثر عدالة.
قطر تواصل ريادتها في مكافحة الفساد عالميًا
تعتبر مكافحة الفساد من أهم التحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة، حيث تقوض التنمية المستدامة، وتزيد من عدم المساواة، وتزعزع الثقة في المؤسسات الحكومية. ومن هذا المنطلق، أطلقت دولة قطر هذه الجائزة المرموقة، لتكون منصة عالمية للاحتفاء بالنماذج المتميزة في هذا المجال، وتشجيع المزيد من الجهود لمواجهة الفساد بشتى أشكاله.
وقد كرم أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، نخبة من الشخصيات المتميزة من مختلف أنحاء العالم، تقديرًا لإسهاماتهم الجليلة في مكافحة الفساد وتعزيز قيم النزاهة. وشمل التكريم الفائزين في أربع فئات رئيسية: البحث والمواد التعليمية الأكاديمية، والابتكار والصحافة الاستقصائية، وإبداع الشباب وتفاعلهم، وإنجاز العمر والإنجاض المتميز.
الفائزون بالنسخة التاسعة: رواد في مجال النزاهة
تألقت أسماء الفائزين في هذه الدورة، حاملةً معها قصص نجاح ملهمة في مجال مكافحة الفساد. ففي فئة البحث والمواد التعليمية الأكاديمية، تم تكريم البروفيسور نيكوس باساس والدكتورة ماريان كاميرر لجهودهما في تطوير المعرفة والأدوات اللازمة لفهم الفساد ومواجهته بشكل فعال.
أما في فئة الابتكار والصحافة الاستقصائية، فقد حصد الجائزة كل من غلوريا بالاريس فينيولس وتاتيندا تشيتاغو وأنديسوا ماتيكينكا، الذين أظهروا شجاعة وإبداعًا في كشف قضايا الفساد وتقديمها للرأي العام.
وفي فئة إبداع الشباب وتفاعلهم، تم تكريم مار نيانغ ومطيع الله ويسا، اللذين قدما مبادرات مبتكرة لتعزيز الوعي بأضرار الفساد وتشجيع الشباب على المشاركة في جهود مكافحته.
واختتمت فعاليات التكريم بتكريم دراغو كاس والدكتورة أوبياغيلي إيزكويسيلي في فئة إنجاز العمر والإنجاز المتميز، تقديرًا لمسيرتيهما الحافلتين بالعطاء في مجال تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد.
رسائل قوية من الأمم المتحدة حول أهمية مكافحة الفساد
لم يقتصر حفل التكريم على تكريم الفائزين، بل شهد أيضًا مشاركة رفيعة المستوى من الأمم المتحدة، حيث أكد جون براندولينو، نائب الأمين العام لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن هذا الحدث يمثل محطة مهمة لتكريم الشخصيات الاستثنائية التي اختارت الوقوف بشجاعة في وجه الفساد.
وأضاف براندولينو أن خبرات هؤلاء الفائزين والمرشحين تساهم في صياغة حلول مبتكرة يمكن تطبيقها في دول ومناطق أخرى، وأن التزامهم يشكل مصدر إلهام للجميع لمواصلة العمل من أجل ترسيخ قيم النزاهة والمساءلة والشفافية. كما أعلن عن إطلاق سلسلة حوارات الفائزين بجوائز التميز في مكافحة الفساد، بهدف ربطهم بالشباب وتعزيز التعاون وتبادل الخبرات.
العلاقة بين الفساد والإرهاب والتنمية المستدامة
من جانبه، سلط ألكسندر زويف، نائب الأمين العام لمكتب مكافحة الإرهاب، الضوء على العلاقة الوثيقة بين الفساد والإرهاب، مؤكدًا أن الإرهاب غالبًا ما يتغذى على الجريمة المنظمة والاتجار غير المشروع والفساد. وأشار إلى أن الفساد يقوض ثقة المجتمعات بمؤسساتها، ويضعف هياكل الدولة، وينتهك حقوق الإنسان، مع تأثير غير متكافئ على النساء والشباب.
وأكد الدكتور علي بن فطيس المري، رئيس اللجنة العليا للجائزة، أن الجائزة تمثل نموذجًا عمليًا لالتزام دولة قطر بالشراكة مع الأمم المتحدة، ودعم الهدف الـ16 من أهداف التنمية المستدامة المتعلق ببناء مؤسسات قوية ومحاربة الفساد.
أثر الجائزة ومستقبلها في تعزيز النزاهة العالمية
على مدار عشر سنوات، نجحت جائزة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الدولية للتميز في مكافحة الفساد في إحداث أثر حقيقي ومستدام في الدول المستضيفة، وتسليط الضوء على خطورة الفساد وضرورة مواجهته. وقد كرمت الجائزة حتى الآن 58 فائزًا من مختلف دول العالم، وأسهمت في ترسيخ ثقافة عالمية تؤكد أن التنمية المستدامة لن تتحقق دون مكافحة الفساد وتعزيز سيادة القانون.
إن استمرار هذه الجائزة ودعمها من قبل دولة قطر والأمم المتحدة يمثل دافعًا أساسيًا لمواصلة العمل من أجل عالم أكثر نزاهة وعدالة، حيث يمكن للجميع أن يعيشوا بكرامة وأمان. وتأكيدًا على هذا الالتزام، ستواصل الجائزة البحث عن النماذج الملهمة في مجال مكافحة الفساد، وتقديم الدعم اللازم لهم لمواصلة جهودهم النبيلة.














