الدوحةـ اعتبرت جلسة “دراسة سبل حل الأزمة السورية” -ضمن فعاليات منتدى الدوحة– أن “الأزمة السورية واحدة من أكبر المآسي الإنسانية والسياسية التي شهدتها المنطقة العربية في العقد الأخير، منذ اندلاعها عام 2011 وحان الوقت لحلها”.

واعتبرت جلسة المنتدى، الذي انطلقت أعماله اليوم بالعاصمة القطرية ويستمر ليومين بحضور العديد من رؤساء الدول والمسؤولين، أن سوريا وشعبها تأثروا بشكل كبير بتداعيات هذه الأزمة المستمرة التي أسفرت عن ملايين الضحايا واللاجئين في الداخل والخارج. ومع مرور الوقت، استمرت المأساة في الاشتداد وطال أمدها، مما لا يزال يؤثر بشكل كبير على حياة المدنيين الأبرياء ويتسبب في تدهور الوضع الإنساني.

كما أكد المشاركون بالجلسة أن الشعب السوري يواجه تحديات هائلة خلال هذه الفترة الطويلة من الأزمة، إذ تعرض المدنيون لأعمال عنف مروعة، بما في ذلك القصف المستمر والحصار والهجمات الكيميائية، مما تسبب في خسائر فادحة في الأرواح ودمار هائل بالبنية التحتية والمنازل والمستشفيات والمدارس.

تدخل عاجل

شدد المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا جير بيدرسون أن أزمة هذا البلد بحاجة إلى تدخل دولي عاجل وضرورة مشاركة كل من الإيرانيين والروس والأتراك والأميركيين باعتبارهم من اللاعبين المتداخلين بقوة في الملف السوري، مشيرا إلى أن العملية السياسية وصلت إلى طريق مسدود ويجب إيجاد مقاربة بين النظام والمعارضة.

وعبر بيدرسون عن أمله في تغيير الوضع الراهن في أقرب وقت ممكن، محذرا من أنه ما لم يحدث ذلك “سنفقد فرصة أخرى للمساعدة في إنهاء الصراع السوري بطريقة تفاوضية”.

ونبه المبعوث الخاص إلى أهمية استئناف العملية السياسية بين الأطراف السورية عبر رعاية أممية، مؤكدا على أهمية بناء الثقة بين جميع الأطراف الرئيسية، من خلال اتخاذ خطوات متبادلة يمكن التحقق منها.

وفيما يتعلق بالوضع الإنساني واللاجئين، قال بيدرسون إن التعامل مع هذا الوضع المتدهور والمتفاقم ليس مجرد ضرورة إنسانية، بل سيساهم أيضا في بناء ثقة بأن التقدم في القضايا السياسية ممكن أيضا، لافتا إلى أن الظروف الحالية في سوريا لا تساعد على عودة اللاجئين بشكل آمن وطوعي، داعيا النظام السوري إلى بذل المزيد من الجهود لتبديد المخاوف المتعلقة بحماية اللاجئين وتوفير الأمن والعيش الكريم لهم.

من جهتها أكدت المبعوثة الفرنسية لسوريا بريجيت كورمي ضرورة الحصول على دعم سياسي أوسع وتعاون دولي لإنهاء المأساة السورية المستمرة منذ عام 2011 وتطبيق آليات فعالة لضمان تنفيذ القرارات الدولية وتحميل النظام المسؤولية عن هروبه من هذه القرارات لا سيما بعد أن وصلت العملية السياسية إلى طريق مسدود.

الجلسة أكدت أن الأزمة السورية تسببت في نزوح الملايين داخليا وخارجيا (الجزيرة)

 معاناة مستمرة

ودعت كورمي إلى ضرورة البحث عن حلول للتعامل مع النظام السوري الذي يتجاهل أية حلول يمكن التوافق عليها، معتبرة أن قرار الجامعة العربية بإعادة مقعد سوريا سيعطي فرصة لدعم الجهود الرامية لحل الأزمة بها.

وشددت المتحدثة نفسها على الحاجة إلى توافق بين الأطراف السورية وعدم نسيان الشعب السوري الذي يعاني منذ أكثر من عقد، وضرورة تأمين المساعدات الإنسانية له.

بدوره يؤكد رئيس الائتلاف السوري هادي البحرة أن جميع الحلول والمبادرات التي تم طرحها لحل الأزمة فشلت بسبب إستراتيجيات العرقلة التي ينتهجها نظام بشار الأسد، مشيرا إلى أن هذا النظام يعيش على الأزمات ويفتعلها ويسعى لبقائها ليبرر وجوده في الحكم.

ويوضح البحرة، في حديث للجزيرة نت، أن بيان جنيف الذي تم إعلانه عام 2014 طرح خطة واضحة لحل الأزمة لكن النظام رفض الاستماع والانصياع إليها واستمر في وضع العقبات أمام أي حلول، مشددا على أنه ما لم يضغط المجتمع الدولي على نظام الأسد فسيستمر في عناده وقتاله وحربه على الشعب السوري.

هادي البحر يؤكد أن النظام يعمل على إفشال أية حلول للأزمة السورية (الجزيرة)

رفع المظالم والمحاسبة

ويضيف رئيس الائتلاف السوري أن رفع المظالم عن الشعب مرتبط بالمسار السياسي، وفي حال إقرار عملية سياسية نهائية فستكون العدالة الانتقالية جزءا منه، مشيرا إلى أنه مع استمرار النظام في رفض العملية السياسية ومحاولة إفشالها المستمرة فيجب إخضاعه للمحاسبة والمساءلة عبر مختلف الوسائل الممكنة ومنها رفع الدعاوى أمام المحاكم الوطنية الأوروبية أو الدفع عبر وسائل مختلفة بالحصول على قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة لتحويل جرائم النظام السوري إلى محكمة العدل الدولية.

ويحذر البحرة أنه ما لم يسارع المجتمع الدولي إلى حل الأزمة في سوريا فإنها ستتفاقم وتتحول من “الأزمة الإنسانية” إلى الكارثة الإنسانية خاصة أن الوضع الحالي ينبئ بأن نصف الشعب السوري قد يواجه المجاعة فضلا عن انهيار المؤسسات وعموم الفوضى.

ولا يرى رئيس الائتلاف السوري أن عودة دمشق إلى الجامعة العربية ستسهم في حل الأزمة ببلاده، مشيرا إلى أنه منذ تفجر الوضع عام 2011 هو سوري سوري وليس بسبب خلافات مع أنظمة عربية أو غيرها، مشددا على أن الحل يتمثل في رفع المظالم عن الشعب السوري ومحاسبة مرتكبي الجرائم بحقه.

أطراف متداخلة

وفي السياق ذاته، قال القائم بالأعمال لدى السفارة السورية في قطر بلال تركية إن الأزمة السورية مستمرة منذ أكثر من 12 عاما وزادها تعقيدا تدخل العديد من الأطراف الدولية والإقليمية حيث يوجد على الأراضي السورية قوات عدة دول إضافة إلى القصف الإسرائيلي المستمر، معتبرا أن هذا التعقيد بسبب التعارض والتناقض بين الأطراف المتداخلة بعدما خرج الحل من أيدي السوريين بسبب تعنت نظام الأسد.

ويوضح تركية، في حديث للجزيرة نت، أن نظام الأسد لم يعد لديه حلول سياسية، والحل الوحيد الذي يراه هو عودة سوريا بشكل كامل تحت سيطرته، مؤكدا أن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية كبيرة تجاه حل هذه القضية التي تعد الأهم في المنطقة وتأثيرها سيكون كبيرا على كل دول الجوار.

وتحدث القائم بالأعمال عن الجهود والمبادرات التي تقوم بها بعض مؤسسات المجتمع المدني لمحاسبة رموز النظام السوري عن جرائمه، وآخرها الحكم الذي صدر بحق الأسد من محكمة فرنسية.

أما المبعوثة البريطانية لسوريا آن سنو فأكدت أن الأزمة السورية لم تنته ولا تزال قائمة، وهناك حالة إنسانية ملحة يجب مراعاتها عبر الحرص على تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة والضرورية للسوريين المتضررين من الحرب وخاصة شمال غربي البلاد.

وأشارت سنو إلى أن الأزمة السورية قد دخلت عامها الـ 13، وأنها تركت آثارا مدمرة على الشعب السوري، حيث تسببت في مقتل ما يقرب من نصف مليون شخص، ونزوح أكثر من 13 مليونا، وتسببت في دمار واسع النطاق في البنية التحتية والاقتصاد السوري.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.