طهران- قال مساعد وزير الدفاع الإيراني الأسبق وأول قائد لبحرية الحرس الثوري الجنرال حسين علائي، إن معركة غزة ستقضي على حياة بنيامين نتنياهو السياسية، كما ستقضي على الحلم الإسرائيلي بالسيطرة على ربوع فلسطين.

وفي مقابلة خاصة بالجزيرة نت، أضاف علائي، أن العدوان الذي تشنه إسرائيل على غزة منذ عملية “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/تشرين الأول، سيقوّض حظوظ الرئيس الأميركي جو بايدن في انتخابات الرئاسة عام 2024، وسيؤدي إلى تهميش مشروع طريق الهند-أوروبا عبر الشرق الأوسط.

ويعتبر اللواء المتقاعد حسين علائي، الذي سبق وترأس قيادة هيئة الأركان للحرس الثوري، من كبار الخبراء الإيرانيين للشؤون العسكرية والإستراتيجية.

وتحدث في هذا الحوار عن احتمالات اتساع رقعة معركة غزة، والأسباب التي تمنع واشنطن وطهران من المواجهة في التوقيت الراهن، وتداعيات المعركة على الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني والساحتين الإقليمية والدولية.

  • كيف تقرأ تحشيد الأساطيل البحرية الأميركية في شرق المتوسط، وما تأثيره على مجريات العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة؟

منذ اليوم الأول لعملية طوفان الأقصى لم يدّخر الجانب الأميركي جهدا إلا بذله في سبيل تقديم الدعم لآلة الإجرام الإسرائيلي، فقد رمت الولايات المتحدة بثقلها كله  للوقوف إلى جانب إسرائيل من جهة، ومنع محور المقاومة من أن يقدم دعما للجانب الفلسطيني من جهة أخرى. ونرى أن إرسال واشنطن أساطيلها الحربية وحاملات الطائرات إلى البحر الأبيض المتوسط والخليج يأتي في هذا السياق.

نعتقد أن سلوك الجانب الأميركي يهدف لطمأنة الكيان الصهيوني من عدم اتساع رقعة الحرب، لكي يواصل قصفه على قطاع غزة وإبادة الفلسطينيين بدم بارد، لكن نرى أن التحشيد الأميركي قد فشل في صد دعم حزب الله اللبناني وجماعة أنصار الله اليمنية “الحوثي” والحركات العراقية للمقاومة الفلسطينية.

وبالعودة إلى الأحداث التاريخية نجد أن الولايات المتحدة الأميركية سبق أن كثفت حضور أساطيلها البحرية في المياه الإقليمية إبان الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، وقد خاضت الحرب ضد الجمهورية الإسلامية إلى جانب نظام صدام حسين، وفي هذه الحقبة لا ننسى أن جزءا من القوات الأميركية وسفنها الحربية تمكث منذ أعوام في قواعدها في الكويت والسعودية والبحرين وقطر والإمارات.

ما يجب قوله هنا إن أيا من الدول الإقليمية لا ترغب في زيادة التوتر في الشرق الأوسط، ولقد سعت طهران دائما بحكمة وحنكة وعزيمة من أجل إحباط المؤامرات الأميركية والإسرائيلية الرامية إلى إفتعال صراعات بالمنطقة.

  • ما قراءتكم  لإطلاق جماعة الحوثي رشقات صاروخية باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة وعزمها إغلاق مضيق باب المندب بوجه السفن الإسرائيلية؟

بالرغم من أن أغلب الصواريخ والمسيرات اليمنية يتم اعتراضها فوق البحر الأحمر وهي في طريقها إلى الكيان الإسرائيلي، فإن موقف جماعة الحوثي من الصراع وإعلان صنعاء أنها في حالة حرب مع الاحتلال الإسرائيلي شكل نقلة نوعية في تقديم الدعم المعنوي لأصحاب الأرض والوقوف إلى جانب الحق. ونأسف لتموضع بعض الدول العربية والإسلامية في جبهة العدو وإسناده وتسخير دفاعاتهم الجوية لاعتراض الصواريخ اليمنية.

كما أن جماعة الحوثي استطاعت أن تربك الملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر نصرة للجانب الفلسطيني، وذلك عبر توقيفها إحدى السفن التجارية الإسرائيلية وتهديدها باستهداف وتوقيف جميع السفن الإسرائيلية في مضيق باب المندب.

  • ما احتمالات اتساع رقعة العدوان المتواصل على غزة وتحويلها إلى حرب إقليمية قد تكون طهران طرفا فيها؟

تعمل الجمهورية الإسلامية بذكاء لعدم الوقوع في الفخ الإسرائيلي الرامي إلى افتعال حرب بين طهران وواشنطن، لقد حاول بنيامين نتنياهو، بجهد حثيث ومنذ اليوم الأول من عملية طوفان الأقصى، استدراج إيران إلى الحرب وجعلها في مواجهة الولايات المتحدة، بيد أنه اصطدم بيقظة الجمهورية الإسلامية وفشل فشلا ذريعا في تحقيق هدفه هذا.

مما لا شك فيه أن الجانب الأميركي يعرف جيدا أن الحرب سجال، وأنه سيكون معرضا لمخاطر جمة في الحروب غير المتكافئة، لا سيما مع إيران. وبالتالي، فإنه لن يقبل المجازفة في الحرب معها عشية انتخاباته الرئاسية المقررة العام المقبل.

  • كيف تقيمون مجريات العدوان على غزة وأي الطرفين تمكن من تحقيق أهدافه؟

يبدو أن الاحتلال الصهيوني قد اتخذ قراره بمواصلة الإبادة الجماعية في غزة وتهجير أهلها، لكنه لم يجن سوى أنه كشف عن طبيعة كيانه وديدنه في قتل الأبرياء لا سيما الأطفال والنساء، وقدم كيانه باعتباره مجرم حرب، وبالرغم من دخول عملياته شهرها الثالث في غزة لكنه فشل فشلا ذريعا في تحرير أسراه.

نعتقد أن عناد قادة الاحتلال في مواصلة القصف الانتقامي على غزة لن يخلصهم من فضيحة نجاح عملية “طوفان الأقصى”، التي شنتها المقاومة الفلسطينية صبيحة السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وأظهرت هشاشة الكيان الصهيوني وعجز أجهزته الأمنية في التنبؤ بها.

وفي نهاية المطاف لن يتمكن كيان الاحتلال وآلته العسكرية من غسل العار الذي لحق به في ذلك اليوم، وأن سياسة الأرض المحروقة التي يتبعها منذ أكثر من شهرين لن تنقذه من مصيدة غزة.

الهدف الأساس لكيان الاحتلال في المرحلة الراهنة هو إبادة الشعب الفلسطيني في القطاع المحاصر، لأن تل أبيب تعتبر جميع شرائحه مناهضة للاحتلال، ولذلك تسعى من أجل تهجيرهم بالقوة.

الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أظهر حتى الآن أنه عازم على إفشال المخططات الإسرائيلية الرامية إلى تهجيره وتشريده، ولذلك نرى أنهم يستبسلون في المقاومة، ولم يتركوا منازلهم رغم القصف الجنوني المتواصل الذي لم تسلم منه حتى المستشفيات.

  • كيف تقرؤون الاصطفات الغربية والإسلامية إلى جانب طرفي معركة غزة؟

عقب انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، بادرت بعض الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة ومعها ألمانيا وبريطانيا، بتقديم شتى أنواع الدعم السياسي والعسكري للجانب الإسرائيلي لارتكاب إبادة جماعية في غزة، في مؤشر على عدم اكتراث هذه الدول بحقوق الإنسان والمواثيق الدولية، ونرى استخدامها حق النقض (الفيتو) ضد القرارات المقدمة لوقف إطلاق النار في غزة.

لقد تسبب السلاح الأميركي والبريطاني والألماني المستخدم في القصف على غزة بكارثة إنسانية وبيئية في القطاع المحاصر، حيث فاق حجم الدمار الذي لحق بالبنى التحتية في غزة ما خلفته الحرب العالمية الثانية في جميع المدن الألمانية، كما أن شدة الانفجارات في غزة تجاوزت القنبلتين النوويتين الأميركيتين اللتين ألقيتا على اليابان.

ولم تكتفِ هذه الدول الغربية بالدعم التسليحي للكيان الصهيوني، حيث أسهمت في الحصار المطبق على القطاع لتجويع الشعب الفلسطيني وحرمانه من أبسط الحقوق الإنسانية ومنها العلاج، بل ظهرت هذه الدول وكأنها في مواجهة مع الشعب الفلسطيني الأعزل.

وفي المقابل، للأسف لم نر دعما عربيا وإسلاميا مناسبا للجانب الفلسطيني، بل إن بعض الدول العربية تسهم في حصار القطاع، والبعض الآخر يستضيف قادة كيان الاحتلال، كما أن بعض العواصم الأخرى لم تلغِ اتفاقات التطبيع مع المحتل.

الجمهورية الإسلامية ترى من واجبها تقديم الدعم للشعب الفلسطيني، وعلاوة على مساعيها الدبلوماسية لوقف الحرب على غزة، فقد أوفدت جمعية الهلال الأحمر الإيراني عشرات الأطنان من المساعدات الغذائية والطبية إلى الشعب الفلسطيني، بيد أن تلك المساعدات لم تدخل القطاع بعد.

لا نرى تحركا ملموسا من قبل الدول العربية والإسلامية لنصرة غزة، سوى مشاركة حزب الله اللبناني وجماعة الحوثي وبعض الحركات العراقية، لكن هذه الحركات تواجه ضغوطا من قبل حكومات هذه الدول.

  • ما تداعيات معركة طوفان الأقصى على طرفيها والحالتين الإقليمية والدولية؟

لعل أول تداعيات هذه الحرب إزاحة بنيامين نتنياهو عن الساحة السياسية، والهجرة العكسية لليهود من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتجميد اتفاقات تطبيع العلاقات العربية مع الكيان الصهيوني.

نعتقد أن عمليات “طوفان الأقصى” أعادت القضية الفلسطينية إلى واجهة التطورات العالمية، ونتوقع مسايرة العديد من حلفاء إسرائيل لمبدأ حل الدولتين، والضغط على تل أبيب للقبول به، مما يعني القضاء على الحلم الإسرائيلي الرامي إلى السيطرة على ربوع فلسطين.

للأسف ستتزايد معاناة الشعب الفلسطيني بعد انتهاء المعركة الجارية، بسبب فقدان العديد من الأسر أحبابها جراء القصف والدمار الذي لحق بالقطاع.

وقد تنعكس تداعيات هذه المعركة سلبا على المستقبل السياسي للرئيس الأميركي جو بايدن في الانتخابات الرئاسية العام المقبل، بسبب دعمه المطلق للكيان الصهيوني في قتله للأطفال والنساء، كما أنها سوف تهمش مشروع طريق الهند-الخليج-أوروبا عبر الدول العربية والكيان الإسرائيلي.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.