تقول الأساطير وأقاصيص التراث إن مصاصي الدماء لا يظهرون في ضوء الشمس ولا يظهرون في المرايا ولا يمكن تصويرهم، ويغريهم سيلان الدماء ويصيبون ضحاياهم في أعناقهم حتى الموت.. الأوصاف تلك غير بعيدة عن «دراكولا الفاشر أبو لولو» الذي قتل نحو 2000 من الأبرياء بدم بارد، وخرج ضاحكا في مقطع مرئي معترفا بفعلته وأنه قرر «تصفير العداد» ليبدأ القتل مجددا.

على خطى غراندو أول مصاص دماء في التاريخ (1578-1656) يمضي أبو لولو لكنه يقترب أكثر من قاعة محاكمة الجرائم الإنسانية الفظيعة في لاهاي، دون لائحة اتهام يقدمها وكلاء الضحايا، إذ وثق دراكولا الفاشر جرائمه بكاميرا هاتفه الجوال، فإن كان الاعتراف سيد الأدلة في القانون، فإن الدماء الساخنة التي سالت من أجساد الأبرياء في دارفور ستظل شاهدة على أحد أبشع الجرائم التي هزت ضمير العالم.

تعود أسطورة مصّاصي الدماء إلى التراث الشعبي في أوروبا الشرقية، وأشهر شخصية في هذا الحقل الدموي الرهيب هو الكونت دراكولا الذي عاش في القرن الخامس عشر، كان معروفا بقسوته، لكن القسوة والوحشية التي نفذ بها أبو لولو جرائمه أفظع بكثير.

إذ يتحدث إلى الأسرى والمدنیین والجوعی والمرعوبين، يسألهم عن أسمائهم، يمازحهم ثم يطلق عليهم النار، ويخطو مسارعا فوق جداول الدم بحثا عن صيد جديد! التحليل النفسي لحالة سفاح الفاشر يقود إلى السؤال المأزق: ما الذي يدفع الإنسان ذا الضمير والوجدان السليم ليتحول إلى «قناص عن قرب»؟ هل هو رجل سايكوباثي فقير التعاطف والندم مع الآخرين والميل للكذب والتلاعب، عدائي عنيف ومندفع؟

السمات السايكوباثية تنطبق على عبدالله إدريس الشهير بـ«أبو لولو»، الثقة المفرطة بالنفس والغطرسة واللامبالاة بالقوانين والعواقب وعدم القدرة على الشعور بمشاعر الآخرين أو الإحساس بالذنب نتيجة الأفعال المؤذية.

الكل تبرأ منه ليواجه مصيره مصحوبا بانتهاكاته الجسيمة وتعطشه للدماء. سيظل أحد أسوأ ثمرات حرب السودانيين الذين عرفوا بطيبتهم وسماحتهم.. فمن أين أتى «أبو لولو»؟

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
اترك تعليقاً