طهران- لطالما راهنت الجمهورية الإسلامية، طوال أكثر من 4 عقود، على نجاعة خيار “المقاومة في مواجهة الكيان الإسرائيلي”، لكن طهران عدّت أن التوصل إلى الاتفاق على هدنة إنسانية في قطاع غزة مؤشر إلى انتصار الجانب الفلسطيني، وهزيمة المحور الغربي الإسرائيلي.

وفي تعليق صدر من رأس هرم السلطة في إيران، قال المرشد الأعلى علي خامنئي، إن “حركة حماس تمكنت من توجيه ضربة قاضية للكیان الصهيوني الغاصب والمدجج بالسلاح”، مضيفا أن تشديد القصف الإسرائيلي للمدارس والمستشفيات لن يعوّض الفضحية والخسارة التي مُنِيَ بها في الحرب الأخيرة على غزة.

وتابع خامنئي، خلال استقباله عددا من الرياضيين الإيرانيين، أن “مواصلة قصف المدنيين ستقصّر من عمر كيان الاحتلال”، مؤكدا أن “هذه القسوة لن تبقى دون رد”.

مقاومة بطولية

أما وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، فقد سارع إلى زيارة العاصمة اللبنانية للمرة الثانية منذ انطلاق عملية طوفان الأقصى، للقاء المسؤولين اللبنانين وقادة فصائل المقاومة الفلسطينية وحزب الله، مؤكدا أن المقاومة على مدى 6 أسابيع خلت، أثبتت بأن الوقت ليس في صالح إسرائيل.

وفي مؤتمر صحفي عقده أمس الأربعاء في مستهل زيارته إلى بيروت، رأى عبد اللهيان أن “قبول الحكومة الإسرائيلية بالهدنة يمثّل ثمرة انتصار المقاومة في غزة، وأن عملية طوفان الأقصى أظهرت بأن الخاسر الأكبر أمام الرأي العالمي هو الكيان الصهيوني والولايات المتحدة”، على حد قوله.

كما رأى محمد إيماني عضو مجلس رؤساء التحرير في صحيفة كيهان المقربة من مكتب المرشد الإيراني الأعلى، أن “معركة طوفان الأقصى -سواء توقفت أو استمرت- ستؤدي إلى هزيمة إسرائيل، التي لم تقترب بعد من تحقيق أي من أهدافها المعلنة”، معدّا أن الهدنة اعتراف بهزيمة الاحتلال في المعركة.

وفي افتتاحيته تحت عنوان “الهدنة والخسارة المدوية لإسرائيل وأميركا”، رأى إيماني أن ضريبة استئناف الحرب على غزة ستكون مضاعفة على إسرائيل، ذلك لأن خسائرها لن تقتصر على جبهة غزة، بل تمتد تداعياتها السلبية على الاقتصاد الإسرائيلي، إلى جانب تراجع الدعم الغربي لتل أبيب، وتصاعد ضغط الرأي العام العالمي عليها.

ولدى إشارته إلى صمود المقاومة وعزمها مواصلة التصدي للعدوان الإسرائيلي لفترة طويلة، رأى إيماني أن “حكومة اليمين الإسرائيلي كانت مرغمة على القبول بالهدنة الإنسانية والاعتراف بهزيمة نكراء”، موضحا أنه “إذا كانت الهدنة الإنسانية تُمثّل إخفاقا ذريعا لإسرائيل، فإنها ستكون أشد مرارة على الجانب الأميركي الذي رمى بكل ثقله في قيادة المعركة”.

مؤشرات هزيمة مدوّية

ويعتقد الباحث السياسي علي رضا تقوي نيا، أن شروط المقاومة الفلسطينية للقبول بالهدنة الإنسانية تدل على “امتلاك أصحاب الأرض اليد العليا في المعركة البرية”، مؤكدا أن الجانب الإسرائيلي قد خسر المعركة ولم يحقق أيا من أهدافه المعلنة.

وفي حديثه للجزيرة نت عدّد الباحث السياسي المؤشرات التي تثبت هزيمة إسرائيل في معركة طوفان الأقصى وفق التالي:

  • شكّلت عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ضربة إستراتيجية لهيبة الجيش الإسرائيلي وأجهزته الاستخبارية، وأسست لفقدان الرأى العام الإسرائيلي ثقته بقدرة المؤسسات الإسرائيلية على حمايته.
  • العار الذي لحق بالجيش الإسرائيلي جراء عملية طوفان الأقصى لن يُمحى سوى بالقضاء نهائيا على حركة حماس وهذا ما لم يحصل بعد، لا سيما وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد أعلن ذلك كونه هدفا أسياسيا لعدوانه على قطاع غزة.
  • قدرات حركة المقاومة الإسلامية (حماس) العسكرية لم تتزعزع على الأرض، وأن إطلاق الصواريخ من غزة لم يتوقف حتى قبيل دخول الهدنة حيز التنفيذ.
  • إسرائيل أخفقت في تحرير الأسرى وتدمير شبكة الأنفاق في قطاع غزة وتغيير السلطة التي ترأسها حركة حماس، وأخفقت في تهجير أهالي غزة إلى مصر.
  • فضيحة كيان الاحتلال لدى الرأي العام العالمي، لا سيما جراء مهاجمته المستشفيات وإخفاقه في العثور على أنفاق تحت مستشفى الشفاء.
  • وقوف الشعب الفلسطيني وحلفاء المقاومة إلى جانب حركة حماس، واحتمال فتح جبهات جديدة في مواجهة الاحتلال، زادت من ضغط الجبهة الداخلية على حكومة نتنياهو.

وخلص تقوي نيا إلى أن الهدنة تحقق جزءا كبيرا من الهدف الأساس الذي أطلقت حركة حماس معركة طوفان الأقصى من أجله، ألا وهو تحرير الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال.

شبح الحرب

من جهة أخرى، يشير الباحث في الشؤون الأميركية أمير علي أبو الفتح، إلى ارتفاع وتيرة التصعيد بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة جراء العدوان الإسرائيلي على غزة، واصطفاف كل من واشنطن وطهران إلى جانب أحد طرفي المعركة.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح أبو الفتح أن “واشنطن تتهم طهران بتحريض حركات المقاومة العراقية على مهاجمة القواعد الأميركية في العراق وسوريا”، مشددا على أن “التصعيد في جبهتي جنوبي لبنان واليمن، لا سيما المعركة البحرية في مضيق باب المندب، كان في طريقه لرفع احتمالات المواجهة بين إيران وأميركا”.

ورأى أن “الهدنة الإنسانية في غزة قد أبعدت شبح الحرب الشاملة في المنطقة”، موضحا أن “الجانب الإسرائيلي يرى في الولايات المتحدة قدرة عسكرية متفوقة، وسعى حثيثا لإقحامها في المعركة بغية تحييد الخطر الإيراني”.

وختم الباحث في الشؤون الأميركية، بالقول إن “الجانبين الإيراني والأميركي لا يرغبان بالمواجهة العسكرية” إلا أنه كان يخشى دحرجة تطورات معركة غزة وتوسعتها لاستدراجهما إلى الحرب.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.