يرى خبراء أن الانسجام السياسي والعسكري الجديد في إسرائيل، إلى جانب التوافق الإسرائيلي الأميركي في عهد الرئيس دونالد ترامب يعني “بدء العد التنازلي لضم الضفة الغربية أو أجزاء منها عبر عمليات عسكرية وقوانين تشريعية ودعم سياسي أميركي”.

يقول الأكاديمي والخبير بالشأن الإسرائيلي مهند مصطفى إن العمليات العسكرية الإسرائيلية تهدف لتوسيع المشروع الاستيطاني في الضفة، وتمهيد الأرضية لعملية الضم ميدانيا.

وأكد مصطفى -في حديثه لبرنامج “مسار الأحداث”- أن هذه العمليات مخطط لها قبل “طوفان الأقصى” وما تغير فقط حدتها وقسوتها، مشيرا إلى انسجام “مذهل” بين المستويين السياسي والعسكري في إسرائيل.

ولا تقتصر خطوات ضم الضفة على العمليات العسكرية فحسب، بل بإقرار قوانين في الكنيست مثل حظر أنشطة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وقانون فك الارتباط بشمال الضفة، وفق مصطفى.

وكذلك، تمتلك إسرائيل خطة للقضاء على المخيمات في الضفة الغربية، لكونها معقلا للمقاومة الفلسطينية وبالتالي “القضاء على حق عودة اللاجئين”.

وتواصل قوات الاحتلال لليوم الـ14 تواليا حملتها العسكرية في مدينة جنين ومخيمها، بعد أن نفذت الأحد أكبر عملية تفجير لمربعات سكنية منذ عام 2002 في الضفة الغربية.

وعمقت قوات الاحتلال سيطرتها في 3 مناطق شمال الضفة الغربية، مما أجبر غالبية سكان مخيمات جنين وطولكرم على النزوح.

في السياق ذاته، وصف نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشة ما يجري بالضفة بحرب حقيقية بعد حرب صامتة، مؤكدا أن إسرائيل تريد تحقيق جملة من الأهداف السياسية.

ووفق خريشة، فإن إسرائيل تريد تعويض فشلها في قطاع غزة، ومحاولة تهجير سكان الضفة قسرا، وإفراغ المكان بحيث لا يكون قابلا للسكن، إلى جانب إعادة احتلال الضفة الغربية.

بدوره، أعرب المحلل السياسي والباحث في معهد الشرق الأوسط حسن منيمنة عن قناعته بأن ما يجري ليس عملية آنية، وإنما تأسيس لما هو مطلوب، في إشارة منه إلى “ضم الضفة وتفريغها من أهلها وتهجيرهم”.

ووفق منيمنة، فإن ما يحدث حاليا “مظهر أولي لمشروع الضم الذي تراه إسرائيل ضروريا”، مشيرا إلى أن إسرائيل دخلت بعد طوفان الأقصى “في معركة وجودية”.

وبناء على ذلك، تعمل على ضرب المخيمات بالضفة والبنية التحتية فيها بحيث تمنع أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية من النهر إلى البحر، واصفا الأمر بـ”مشروع واضح لإعادة إسرائيل دولة يهودية خالصة”.

ضغوط وضمانات

وأقر مصطفى بأن حجم القوات المشاركة في العملية الإسرائيلية الحالية بالضفة ما كان ليتم لولا ضغوط وزير المالية بتسلئيل سموتريتش على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتعويضه عن وقف إطلاق النار بغزة.

واستدل الخبير بالشؤون الإسرائيلية بتهجير الفلسطينيين في مناطق “ج” -التي تمثل أكثر من 60% من مساحة الضفة الغربية- لضمها مبدئيا إلى إسرائيل.

ووفق مصطفى، فإن نتنياهو يريد خلال زيارته واشنطن الحصول على ضمانات أميركية بشأن الضفة الغربية، مع منحه وعدا بضم الكتل الاستيطانية التي تحظى بإجماع داخل إسرائيل في القدس وشمالي الضفة.

ولمواجهة ذلك، شدد خريشة على ضرورة اعتراف السلطة الفلسطينية بخطأ إجراءاتها السابقة، مستدلا بالأوضاع الحالية في الضفة التي تشبه كثيرا ما مرت به غزة، وطالبها برفع يدها عن المقاومين وألا تمنع أحدا يريد مقاومة الاحتلال.

وأكد خريشة أهمية انتهاج السلوك المقاوم للاحتلال، مشيرا إلى أن سلوك السلطة الذي يرتكز على عدم تكرار نموذج غزة “فشل في ظل التدمير الإسرائيلي الممنهج لشمال الضفة”.

تماهٍ إسرائيلي أميركي

وبشأن التوافق الإسرائيلي الأميركي، أكد منيمنة وجود تماهٍ بين الإدارة الأميركية وبين المواقف اليمينية في إسرائيل، التي ترى عهد ترامب بأنه سيكون عهد ضم الضفة.

وقال منيمنة إن أميركا انتقلت من مرحلة التخفي في عهد رئيسها السابق جو بايدن إلى الوقاحة في عهد ترامب الذي يريد تصفية القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن الأخير يريد السلام بين إسرائيل ودول المنطقة وليس مع الفلسطينيين.

وكذلك، فإن المنطقة مقبلة على “لي أذرع” -حسب المتحدث- في ظل المطالب الإسرائيلية والأميركية بتهجير الفلسطينيين أو تذويبهم، وعدم تبني واشنطن اليوم مبدأ حل الدولتين، ملقيا باللوم على الأنظمة العربية في هذا الإطار.

وخلص إلى أن ترامب يريد “استبدال مرجعية القانون الدولي السائدة منذ الحرب العالمية الثانية بمنطق القوة”، مما يسهل عملية ضم إسرائيل للضفة، ويدعم توجهات اليمين في إسرائيل وأميركا.

وحسب خريشة، فإن ترامب صاحب “صفقة القرن” يتبنى المصلحة الإسرائيلية، “لذلك المطلوب فلسطينيا توحيد الجهود والتمسك بالأرض ومقاومة الاحتلال”.

شاركها.
اترك تعليقاً

2025 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.