في ظل التوترات المتصاعدة بين روسيا والغرب، تتزايد المخاوف بشأن إمكانية نشوب صراع واسع النطاق. يركز هذا المقال على تحليل قدرة روسيا على خوض حرب مع حلف الناتو، استنادًا إلى تقرير نشره موقع “غازيتا” الروسي، وتصريحات رسمية من كل من موسكو وبروكسل. يهدف هذا التحليل إلى فهم المخاطر المحتملة والتداعيات الكارثية التي قد تنجم عن أي تصعيد عسكري، مع التركيز على الجاهزية النووية لكلا الطرفين.
تصريحات بوتين والجاهزية الروسية للحرب مع الناتو
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرارًا وتكرارًا أن روسيا لا تسعى إلى الحرب، لكنه في الوقت نفسه، أشار إلى استعدادها التام للرد على أي عدوان محتمل. نقلت “غازيتا” عن بوتين قوله: “نحن لا نخطط لخوض حرب، لكن إذا قررت أوروبا فجأة مهاجمتنا وبدأت بذلك، فنحن مستعدون منذ الآن. وإذا بادرت بشنّ حرب ضدنا، فقد تتطور الأحداث سريعًا إلى مرحلة لا نجد فيها طرفًا يمكن التفاوض معه.” هذه التصريحات تعكس موقفًا دفاعيًا، لكنها تحمل في طياتها تحذيرًا واضحًا بشأن العواقب الوخيمة لأي عمل عسكري ضد روسيا.
الردع النووي الروسي كعامل حاسم
يشير التقرير إلى أن الجاهزية النووية الروسية تمثل عاملاً حاسمًا في أي مواجهة محتملة مع حلف الناتو. في حالة التصعيد إلى مستوى نووي، أكد العميد المتقاعد ميخائيل خودارينوك أن القيادة الروسية ستفعل منظومة الردع الإستراتيجي بشكل كامل، بما في ذلك استخدام مختلف أنواع الأسلحة النووية. هذا يشير إلى أن روسيا تعتبر الردع النووي خطًا أحمر، وأن أي تهديد وجودي لها سيقابل برد نووي.
ردود فعل الناتو وتقييم القدرات الروسية
في المقابل، يرى مسؤولون في حلف الناتو أن روسيا تفتقر إلى الموارد والإمكانات العسكرية الكافية لتحقيق النصر في صراع تقليدي واسع النطاق ضد القوى الأوروبية الموحدة. صرح مسؤول رفيع المستوى في الناتو لـ “بي بي سي” أن بوتين يدرك تمامًا أن الناتو اليوم أكثر تماسكًا من أي وقت مضى في ما يتعلق بالدفاع عن حلفائه، وأن الحلف “لن يقف متفرجًا إذا تعرضت أراضي أحد أعضائه لأي اعتداء”.
تقييمات متباينة حول قدرة روسيا العسكرية
على الرغم من هذه التصريحات، يرى الكاتب أن موقف بوتين يعكس استعدادًا للدفاع عن روسيا في حال تعرضها للعدوان، وليس المبادرة بهجوم. هذا التناقض في التصريحات يعكس حالة من عدم الثقة المتبادل بين روسيا وحلف الناتو، ويزيد من خطر سوء التقدير الذي قد يؤدي إلى تصعيد غير مقصود. الحرب مع الناتو هي سيناريو يخشاه الجميع، ولكن التحليلات تشير إلى أن احتمالاته تزداد مع استمرار التوتر.
المخاطر المحتملة لتصعيد النزاع
حرب واسعة النطاق على المسرح الأوروبي من شأنها أن تتحول حتمًا إلى صراع عالمي، مع تميزها بالاستخدام المكثف لجميع أنواع الأسلحة، بما فيها الأسلحة النووية. هذا السيناريو الكارثي يهدد بتدمير البنية التحتية العالمية، وخسائر بشرية فادحة، وتداعيات اقتصادية واجتماعية طويلة الأمد. التصعيد العسكري في أوكرانيا يمثل بالفعل بؤرة خطر، وأي توسع للنزاع قد يكون له عواقب لا يمكن التنبؤ بها.
دور أوكرانيا في الأزمة
أشار الرئيس بوتين إلى أن أوروبا تسعى إلى تخريب اتفاق لوقف القتال في أوكرانيا، والعمل على إلحاق هزيمة إستراتيجية بروسيا. هذا الاتهام يعكس رؤية روسيا بأن الصراع في أوكرانيا هو جزء من مواجهة أوسع مع الغرب، وأن أوروبا تلعب دورًا سلبيًا في تأجيج هذا الصراع. الأزمة الأوكرانية هي نقطة اشتعال رئيسية، وأي حل لها يجب أن يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف المعنية.
دعوات إلى التفاوض والحلول السلمية
في هذا السياق، شدد بيوتر تولستوي نائب رئيس مجلس الدوما الروسي على أن أي مفاوضات بشأن أوكرانيا يجب أن تستند إلى الواقع الفعلي وتفاهمات قمة ألاسكا. وأشار إلى أن الرئيس أكد لنظيره الأميركي دونالد ترامب خلال تلك القمة أنه “لا أوكرانيا ولا أوروبا مستعدتان للمفاوضات السلمية”. هذا يشير إلى أن روسيا ترى أن المفاوضات الحقيقية تتطلب تغييرًا في المواقف الأوروبية، والاعتراف بالحقائق على الأرض.
في الختام، يمثل التوتر المتصاعد بين روسيا وحلف الناتو تهديدًا خطيرًا للأمن والاستقرار العالميين. الوضع الجيوسياسي الحالي يتطلب حوارًا بناءً وجهودًا دبلوماسية مكثفة لتجنب أي تصعيد عسكري كارثي. يجب على جميع الأطراف المعنية إعطاء الأولوية للحلول السلمية، والتركيز على التفاوض والتوصل إلى اتفاقات تضمن الأمن والاستقرار للجميع. ندعو القراء إلى متابعة التطورات الجارية، والمشاركة في النقاش حول هذه القضية الهامة.















