تعيش «هيئة تحرير الشام» في سورية، التي كانت تسمى في الماضي «جبهة النصرة»، حالة من الانقسامات والخلافات الشديدة، بعد اتهام القيادي بالهيئة «ابو ماريا القحطاني»، الذي يعد الذراع اليمنى لزعيم الهيئة أبو محمد الجولاني، بأنه على علاقة وثيقة بقوات التحالف الدولي الموجودة في سورية ومع الجيش السوري، وهو ما تسبب في استهداف عدد من قيادات الهيئة خلال الأيام الماضية، والتخطيط لاستهداف قيادات الهيئة.

وترددت أنباء عن اعتقال «القحطاني»، وهناك تقارير أكدت تصفيته جسدياً، كما أن الهيئة بصدد التحقيق مع عشرات من منتسبيها لهم علاقة قوية بالتخابر مع جهات خارجية، ومن المتوقع أن تؤدي تلك الخلافات الحالية إلى تأثير سلبي على هيئة تحرير الشام في محافظة أدلب التي تسيطر عليها أو في مناطق الشمال السوري، وهي الهيئة التي صنفت منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة ومجلس الأمن الدولي عام 2018، وتم فرض عقوبات دولية عليها.

وقال الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي بالقاهرة القيادي الإخواني السابق الدكتور إسلام الكتاني لـ«عكاظ» إن الجماعات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة أصبحت بالفعل مخترقة من قبل جهات استخباراتية عدة، وهناك الكثير منها أصبحت منشقة، كما أن تلك التنظيمات لديها العشرات من الخلافات والانقسامات الداخلية، مؤكدا أن هيئة تحرير الشام ليست الأولى المخترقة، فجماعة «الإخوان» الأكثر تنظيما أصبحت منقسمة إلى 3 مجموعات، وأصبح الصراع على المناصب والأموال يضرب الجماعة الآن، وجميعهم يبتعدون عن منهج المؤسس حسن البنا، بل وصلت خلافاتهم إلى العلن، وهو أمر غير موجود من قبل، وهناك شيوع للاتهامات بالخيانة والعمالة بينهم، وهي ليست وليدة الفراغ، ولكن بسبب الخلافات والانقسامات واختراقها من الداخل.

وأضاف الكتاني أن ما يحدث من خلافات داخل التيارات الإرهابية أمر ليس مستغربا أو مستبعدا، مشيراً إلى أن مقتل قيادات داعش الأربعة في سورية يؤكد أن التنظيم مخترق خصوصاً خلال العامين الماضيين.

وأوضح أن سورية في الاتجاه لحسم معركتها مع الإرهاب، كما حدث في العراق من قبل، وهو أمر يشغل التنظيمات الإرهابية، تلك الجماعات التي أصبحت شبه عارية وليس أمام أعضائها إلا الفرار لجهات أخرى، أو التعاون مع جهات مخابراتية بهدف الفرار بجلدها، كما أن تلك الكيانات الإرهابية تعاني من نقص كبير في التمويل، بعد سيطرة الدولة السورية على معظم أراضيها عدا أدلب وشمال البلاد، خصوصاً أن المخطط كان هو السيطرة على نصف الأراضي السورية، أو تفتيتها إلى دويلات صغيرة.

ولفت إلى أن التقارب العربي التركي مع سورية، واستعادة دمشق مقعدها بالجامعة العربية، أمر سيكون له دور في استقرار البلاد، مبيناً أن التنسيق بين التنظيمات الإرهابية أصبح من الماضي، وكل جهة تحاول السيطرة والنفوذ على الجهة الأخرى، فالتنظيمات القوية تسعى إلى القضاء على التنظيمات «الأضعف» خوفاً من منافستها على الأراضي والموارد، والصراع والقتل من السمات المشتركة بين الجماعات الإرهابية، وجزء أصيل من بنيتها، وهو ما شاهدته مصر من قبل جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية، وعودة مثل تلك التنظيمات إلى دول المنطقة أصبحت شبه مستحيلة، كون الجميع يرفض القتل والتنكيل باسم الدين، وهي جماعات انتهت سياسياً وشعبياً لكونها مدمنة شعارات.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.