رفح– بعد مرور أكثر من 100 يوم على الحرب الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، بات انتشار المجاعة انتشارا واسعا يشكل تهديدا للنازحين الغزيين برفح الفلسطينية، بيد أن الحرب ونزوح السكان أديا إلى ظهور مبادرات تطوعية لمساعدة النازحين من مصريين على الحدود مع القطاع المحاصر.

يقول أحد المتطوعين المصريين للجزيرة نت “نصارع الوقت لإيصال بعض الأطعمة ومياه الشرب المعلبة لإخواننا النازحين من أنحاء قطاع غزة إلى رفح”.

أحمد البيك أحد الشباب المتطوعين لإيصال المساعدات من السياج الحدودي إلى النازحين الغزيين في منطقة “المواصي”، وهي أقرب نقطة حدودية للقطاع مع مصر في الجنوب الغربي لمدينة رفح، وباتت تؤوي نحو نصف سكان القطاع البالغ عددهم حوالي 2.2 مليون نسمة.

يقول البيك للجزيرة نت “نتسلل بصعوبة تجاه السياج الفاصل ونقدم بعض الأطعمة المعلبة بغرض إشباع طفل وإقامة صُلب آخرين”.

لكنه يضيف أن “حجم المساعدات التي نقدمها ضئيل جدًا مقارنة بأعداد واحتياجات النازحين، ولكن لا نستطيع إدخال أكثر من ذلك”، مشيرا إلى أن فتحات السياج الحدودي الحديدية والشبكية ضيقة، “وكثيرا ما نواجه صعوبات في أخذ تصريح بإدخال تلك المساعدات من القوات المصرية المتمركزة للمراقبة”.

فرصة للنجاة

ينظر كثير من النازحين في منطقة المواصي وتل السلطان برفح الفلسطينية إلى هذه المساعدات كفرصة للنجاة من الجوع بعد أكثر من شهرين قضتها آلاف العائلات في الشوارع وعاشت عمليات النزوح جنوبا عدة مرات، حتى وصلت إلى مسافة قريبة من السياج الشائك الفاصل بين قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء.

ويواجه هؤلاء النازحون أوضاعا إنسانية صعبة، إذ إن الكثير منهم لا يستطيعون تأمين الطعام أو مياه الشرب، وقد غادر بعضهم مراكز الإيواء في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بسبب قلة المساعدات الغذائية، لكنهم واجهوا ظروفا مأساوية قرب الحدود المصرية.

محمود سعد، شاب ثلاثيني، يقدّم مساعداته البسيطة -حسب تعبيره- للنازحين. ويقول للجزيرة نت “نحاول إدخال المساعدات التي تكون في الغالب عبارة عن مياه شرب وبعض البسكويت والمعلبات التي نستطيع إدخالها عبر فتحات السياج الضيقة لتتلقفها أيادي النازحين وأطفالهم بالجانب الفلسطيني، وتعتبر طوق نجاة للتشبث بالحياة”.

ويلفت سعد، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن المنطقة الحدودية من الجانب المصري لا يوجد بها سكان إطلاقًا، والمتطوعون هم إمّا عمال في شركات تنشط بالقرب من السياج، وإما موظفون يستطيعون الوصول للنقاط الحدودية، “ولا يوجد سكان يقيمون بشكل عادي، وإلا كان الوضع مختلفا واستطعنا إدخال كميات كبرى من المساعدات”.

كما أن الداخلين للمنطقة يُمنع عليهم، وبتعليمات أمنية مشددة، حمل هواتف مزوة بكاميرات، لذا لم يستطيعوا توثيق أوضاع النازحين في المنطقة الحدودية المحاذية.

إمدادات الكهرباء والماء

استطاع النازحون الذين استقروا بجوار السياج الحدودي بين رفح الفلسطينية والمصرية، شحن هواتفهم المحمولة وأجهزتهم الخفيفة بفضل توفير أحد المتطوعين من العاملين في مجال المقاولات منظومة كهربائية محمولة على شاحنة (مولد كهربائي يعمل بالوقود)، توقفت في الطريق الدولي داخل الأراضي المصرية في المنطقة بين السياج الحدودي والجدار الخرساني الذي يفصله ببضعة أمتار.

وعن الإجراءات الأمنية التي تتخذها السلطات المصرية في هذه المنطقة، يقول أحمد عليان، أحد المتطوعين للتخفيف عن النازحين، “نرجو الجنود المكلّفين بمراقبة وحراسة نقاط المراقبة على طول الحدود للسماح لنا بتقديم بعض الطعام والشراب للأطفال الذين ينتظروننا”.

ويضيف للجزيرة نت “بعض الجنود يسمحون لنا بذلك، وبعضهم يساعدوننا في إمداد الأطفال ببعض الأطعمة، وفي بعض الأحيان يرفض الجنود قطعا وجودنا بالمكان، رغم توسّلنا لهم، لكننا نتلافى ذلك بالمرور بجوار السياج وقذف المعلبات بصورة عشوائية والفرار فورا من المنطقة حتى لا يؤذى أحدنا”.

يشير عليان، إلى أن عملية إمداد النازحين ببعض المساعدات الغذائية البسيطة -حد تعبيره- لا تتم يوميا، ولكن عندما تتاح الفرصة ويسمح لهم الوقت بالاقتراب من السياج الحدودي. وقال “نقوم بتقديم مساعدات خفيفة لسد جوع الأطفال الذين ينتظرون مجيئنا، ولا تكفي المساعدات المقدمة إلا لعدد محدود جدا منهم”.

وقال إن عددًا من النازحين اتجهوا إلى أحد أبراج المراقبة على الحدود المصرية في بداية الأسبوع، وطلبوا من أفراد الحراسة في البرج وصلة مياها نظيفة تصل إلى الخيام القريبة لاستخدامها في الشرب والطهي، ووعدت قوات البرج بتجهيز مصدر للمياه لهم في أقرب فرصة.

وحسب شهود عيان بالمنطقة، فقد مدّت السلطات المصرية اليوم الاثنين “خراطيم” بلاستيكية عبر ساحل البحر المتوسط لإيصال المياه إلى النازحين الغزيين الموجودين بالمنطقة الحدودية القريبة من السياج الفاصل بين مصر وقطاع غزة، وذلك بشكل تطوعي وغير رسمي.​​​​​​​

وتنتشر خيام النازحين الغزيين بالقرب من السياج الحدودي الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المصرية، حيث شبه جزيرة سيناء، وبمسافة تبعد حوالي 10 أمتار عن السياج وعلى مرمى بصر الجنود المكلفين بمراقبة الحدود داخل منطقة محور فيلادليفيا.

ولا تزال المنطقة تشهد تكدّسا للخيام وازدياد عدد النازحين مع استمرار القصف الإسرائيلي على مناطق متفرقة من مدينة رفح الفلسطينية.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.