اغتالت عناصر أمنية فلسطينية الشاب رامي الزهران من مخيم الفارعة جنوب مدينة طوباس شمالي الضفة الغربية قبل ظهر اليوم الثلاثاء، بعد استهدافه بعدة رصاصات اخترقت أنحاء متفرقة من جسده.

وفي حين نقلت مواقع التواصل الاجتماعي عن شهود عيان وناشطين قولهم إن الأمن الفلسطيني نفَّذ عملية اغتيال بحق الشاب الزهران (18 عاما)، أفاد بيان للناطق الرسمي باسم قوى الأمن الفلسطيني اللواء أنور رجب بأن الأمن رد على مصدر إطلاق النار الذي تعرَّض له من قبل “أحد المطلوبين الخارجين عن القانون”.

وذكرت مصادر محلية مطلعة من داخل المخيم أن الشاب الزهران استُهدف بالقرب من منطقة عين الماء عند مدخل مخيم الفارعة “بمجموعة كبيرة من الرصاص” اخترقت جميع أنحاء جسده، وأدت إلى استشهاده.

ملابسات الاغتيال

وأوضحت المصادر أن قوة من جهاز الاستخبارات العسكرية الفلسطينية كانت ترتدي زيا مدنيا أطلقت النار “بكثافة” تجاه الزهران، الذي كان يقود مركبة “غير قانونية”، ومن ثم انسحبت باتجاه مدينة طوباس، بينما نُقل الشاب المصاب إلى مستشفى طوباس التركي الحكومي ليعلَن استشهاده بعد وصوله للمشفى مباشرة.

وحول عملية الاغتيال وإذا ما كان الشاب مطلوبا لأجهزة الأمن أو جيش الاحتلال، قالت المصادر المطلعة إن “الحادث لا يزال يشهد ملابسات، غير أن الأكيد أنه قُتل برصاص الأمن الفلسطيني”.

وفي حين تناقلت وسائل إعلام وناشطون عبر مواقع التواصل أن شقيق الشهيد رامي الزهران (يزن الزهران ولقبه شعشوعة) مطلوب للاحتلال الإسرائيلي وللسلطة الفلسطينية، وأنه هو المقصود من عملية الاغتيال، وأن جيش الاحتلال الإسرائيلي اقتحم منزل عائلته في المخيم عدة مرات بهدف اعتقاله أو تصفيته.

ونفى ناشطون من المخيم عبر منصة تلغرام أن يكون الشاب رامي الزهران -حسب قول السلطة- هو من بادر بإطلاق النار تجاه الأمن الفلسطيني، ووصفوا عملية الاغتيال بـ”الجبانة”.

وذكر الناشطون أن الشهيد رامي كان يستقل مركبة شقيقه المطلوب، وأن أجهزة الأمن الفلسطينية كانت تنصب “كمينا” في المكان، واستهدفت المركبة بمن فيها بإطلاق النار مباشرة، ظنا منها أن الموجود داخل المركبة هو يزن.

رد السلطة ونفي العائلة

من جهته، ذكر اللواء أنور رجب الناطق باسم الأمن الفلسطيني -في بيان عممه على وسائل الإعلام- أنه “في إطار الجهود المتواصلة التي تبذلها قوى الأمن الفلسطيني لفرض النظام وتطبيق القانون، وفي أثناء قيام قوة أمنية بعملية اعتقال أحد المطلوبين الخارجين عن القانون في محافظة طوباس، تفاجأت القوة بتعرضها لإطلاق نار مباشر من قبل الخارجين عن القانون، مما شكل تهديدًا حقيقيًا لحياة أفراد القوة وأمن المواطنين في المنطقة”.

وأمام هذا “الخطر المباشر” -حسب البيان- اضطرت القوة الأمنية للرد على مصدر النيران “وفقًا لقواعد الاشتباك المعتمدة”، مما أسفر عن إصابة أحد مطلقي النار، الذي تبين أنه ينخرط بحالة “الفلتان الأمني”، وقد فارق الحياة متأثرًا بإصابته.

وذكر البيان أن الأمن الفلسطيني لن يسمح لأي جهة أو شخص بتهديد الأمن والاستقرار أو تجاوز القانون، “وستواصل عملها بحزم للحفاظ على أمن المواطن وسلامة المجتمع، ضمن إطار القانون واحترام حقوق الإنسان”.

من جانبها، نفت عائلة زهران في مخيم الفارعة  الأتهامات ضد ابنها الشهيد، وقالت إنه لم يجرِ أي اشتباك مع عناصر الأمن، وإن مخيم الفارعة ملتزم بسيادة القانون ولا توجد حالة انفلات أمني، وقالت إنها ستتوجه إلى “المحاكم الدولية والصليب الأحمر وجميع المحافل، من أجل إحقاق الحق وإزهاق الباطل، والانتصار للمظلوم رامي زهران”.

وأعلنت العائلة -في بيانها لوسائل الإعلام- الحداد 3 أيام، وحالة النفير العام، وأكدت أنها لن تقيم أي مراسم لتشييع جثمان الشهيد، وطالبت بتسليم كل من شارك في قتله للقضاء العسكري، وإقالته من منصبه، وأعلنت رفضها استقبال محافظ طوباس وأي أحد من الأجهزة الأمنية والإدارة العامة، داعية لجان حقوق الإنسان للتحرك الفوري وإجراء تحقيق عادل في القضية.

هدف للطرفين

وكانت السلطة الفلسطينية قد بدأت حملة “حماية وطن” الأمنية في مخيم جنين مطلع ديسمبر/كانون الأول الماضي، واعتقال من تصفهم “بالخارجين عن القانون” ونزع سلاحهم. وتطورت الأحداث بعد اغتيال السلطة للقائد في كتيبة جنين يزيد جعايصة، والصحفية شذى الصبَّاغ، التي قتلت داخل منزلها، كما قُتلت عناصر من قوى الأمن خلال ذلك أيضا.

وبالرغم من شن الاحتلال عملية “السور الحديدي” في 21 يناير/كانون الثاني 2025 على مخيمات جنين، ومواصلتها بعد أيام في مخيم طولكرم وجاره مخيم نور شمس، فإن السلطة الفلسطينية لم توقف ملاحقتها للمقاومين الفلسطينيين، واعتقلت عددا كبيرا منهم، وقتلت آخرين، كما دعت كثيرين لتسليم أنفسهم وإلقاء سلاحهم.

تنديد واسع

وفي بيان لها نددت لجنة أهالي المعتقلين السياسيين بالضفة الغربية بعملية الاغتيال، وقالت -في بيان لها وصل إلى الجزيرة نت- إنها تأتي ضمن “مسلسل متواصل من القمع والإجرام والملاحقة”، وذكرت أن 22 فلسطينيا استشهدوا برصاص الأجهزة الأمنية الفلسطينية منذ الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وفي حين نشرت الأجهزة الأمنية حواجز عسكرية في محيط المخيم والطرق المؤدية إلى مدينة طوباس، أغلق محتجون غاضبون الشارع الرئيسي قرب مدخل المخيم، وأشعلوا الإطارات المطاطية رفضا لعملية الاغتيال، في وقت صدحت فيه مكبرات المساجد بنعي الشهيد.

وفي المقابل، نددت القوى الوطنية والإسلامية بعملية الاغتيال، وحمَّلت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أجهزة السلطة بالضفة الغربية مسؤولية قتل الشاب رامي زهران، وقالت إن ذلك يتزامن مع “تصاعد الاعتقالات السياسية والملاحقات الأمنية بحق النشطاء”.

وقالت الحركة -في بيان لها وصل إلى الجزيرة نت- إنها تنعى الشهيد رامي زهران وكافة الشهداء الذين راحوا “ضحية جرائم السلطة”، ودعت إلى موقف وطني جامع للوقوف بوجه هذه الممارسات “اللاوطنية”، والضغط على أجهزة السلطة للتوقف عن هذه “الانتهاكات الخطيرة والحفاظ على الدم الفلسطيني وحرية التعبير”.

شاركها.
اترك تعليقاً