غزة- على رصيف واسع في قلب مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، تختلط رائحة الطعام المطهو في قدور واسعة بالدخان المنبعث من نار الحطب. ويخفي هذا المشهد التحدي الكبير الذي يواجه العاملين في المجال الخيري أثناء توفير الطعام لعشرات الآلاف من النازحين الفارين من جحيم الغارات الإسرائيلية.

ويضطر العاملون في المؤسسات الخيرية لإشعال الحطب خلال تجهيزهم الطعام للنازحين بسبب عدم توافر غاز الطهي، لكن الحطب لا يبدو بديلا جيدا، نظرا لتكلفته العالية، وتلويثه للبيئة. ويثير القلق قرب نفاد الكميات المتاحة منه، مما يجعله بديلا غير مستدام، ويهدد بإغلاق المطابخ وعدم القدرة على إطعام الأفواه الجائعة.

تجربة الطبخ على الحطب

يقول مالك أحد المطابخ في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، والذي فضّل عدم ذكر اسمه، إنه اضطر لاستخدام الحطب لطهي الطعام للنازحين من مناطق شمالي قطاع غزة. ويذكر للجزيرة نت أنه “يصنع الطعام للنازحين بتمويل من هيئة الأعمال الخيرية (جمعية أهلية)”.

ويقول المالك “نطبخ حوالي 3 آلاف وجبة يوميا، مكونة من الأرز واللحم”، وقد اضطروا لاستخدام الحطب، نظرا لعدم توافر الغاز بسبب إغلاق إسرائيل للمعابر. ويضيف “الطبخ على الحطب مرهق جدا جدا، ومشاكله كثيرة، إنه ملوث للبيئة ويلحق الضرر بالأواني”.

كما أن الحطب أكثر تكلفة من الغاز، حيث يقول إنه يدفع يوميا نحو 400 شيكل (100 دولار تقريبا) ثمنا للحطب، بالإضافة إلى أجرة نقله، في حين أن تكلفة الغاز لا تزيد عن 280 شيكل (70 دولار تقريبا).

وثمّة مشكلة أخرى متعلقة بالطبخ على الحطب، وهي عدم توافره بشكل دائم، وفي هذا الصدد يقول مالك المطعم “الحطب شحيح جدا، والمورد أخبرني أنه قارب على النفاد، وفي هذه الحالة سأغلق المطبخ”.

مأساة النازحين

النازحون في مدرسة “السيدة سكينة بنت الحسين” الحكومية بمدينة دير البلح، كانوا ينتظرون قدوم وجبات الطعام على أحر من الجمر، حيث يعاني النازحون هنا من عدم تلقيهم أي نوع من المساعدات أو الخدمات كونها تتبع للحكومة وليس لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأممية “أونروا”.

ويقول أبو شام (35 عاما) إن “النازحين، في المدارس الحكومية يعانون من ظروف صعبة جدا”، ويضيف في حديثه للجزيرة نت ” في مدارس أونروا، يتلقى النازحون بعض المساعدات من الوكالة، طعام ومياه وخدمات، لكن هنا في المدارس الحكومية، لا يوجد شيء”.

لكنه يضيف مستدركا “فقط بعض الجمعيات الخيرية تحضر لنا بشكل متقطع وجبات طعام، وجبة كل يومين أو ثلاثة”، ويذكر أنه حاول الإقامة في مدرسة تتبع للأونروا، لكنه لم يتمكن نظرا للاكتظاظ الشديد”.

وحول سبب نزوحه، يقول “أنا من سكان منطقة مشروع بيت لاهيا شمالي القطاع، ومنطقتنا تعرضت لقصف شديد وتدمرت بشكل شبه كامل، منزلي المكون من 3 طوابق تدمر، وتشردت أنا وعائلتي المكونة من 23 شخصا”.

ويشكو أبو شام من قسوة الحياة في المدرسة، حيث يقول ” نضطر للمشي حوالي كيلومترين للحصول على المياه العذبة الصالحة للشرب، لا يوجد لدينا ملابس لأننا هربنا من منازلنا دون أخذ شيء، والطقس في الليل بارد”.

ويقول أبو شام إن عدد النازحين في المدرسة يبلغ 12 ألفا، كما أنهم يعانون الأمرّين من مشكلة قلة المراحيض والاضطرار للوقوف في طوابير “وهو أمر محرج للغاية”.

ورغم نزوحه من منطقة شمالي القطاع ومكوثه في مدرسة، إلا أنه لا يشعر مطلقا بالأمان، ويخشى أن تتعرض للقصف، خاصة بعد مجزرة المستشفى المعمداني، التي أودت بحياة أكثر من 500 فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال.

ويختم أبو شام حديثه قائلا: “نُطالب بالاعتناء بنا وحمايتنا، خاصة أننا دون مساعدات، ولدينا أطفال رضّع بلا أكل أو شرب”.

ويعيش قطاع غزة حصارا مطبقا فرضه الجيش الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، قطع عنه الغذاء والماء والدواء والوقود، مما تسبب بتفاقم الوضع الإنساني المتدهور نتيجة الحرب الإسرائيلية، قبل أن تدخل بعض المساعدات من معبر رفح المصري في وقت سابق من اليوم، لكنها وصفت بأنها “غير كافية أبدا”.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.