دمشق – اعتاد السوريون خلال سنوات الحرب عند سماعهم صوت المروحيات أن يتخيلوا مشاهد الموت والدمار، ويستعدوا لتلقي البراميل المتفجرة التي تلقى عليهم من السماء وتزن أكثر من نصف طن، لكنهم وقفوا اليوم ملوحين لها بالأيادي محتفلين بقدومها، وهي تُلقي عليهم الورود وعبارات الحب والسلام.

واليوم السبت شهدت المحافظات السورية احتفالات بالساحات العامة إحياء للذكرى الرابعة عشرة لانطلاق الثورة السورية في مثل هذا اليوم من عام 2011 في كل من إدلب ودمشق وحلب وحمص وحماة، بالإضافة لأنشطة وكرنفالات في عدد من البلدات والقرى في المحافظات السورية.

وعمل القائمون على تنظيم إحياء الذكرى على تنويع الأوقات بين المحافظات السورية، حيث أقام أبناء محافظة إدلب احتفالاتهم ظهر اليوم السبت، في حين أقامتها محافظات حلب وحمص وحماة ودمشق مساءً، في الوقت الذي سيكون فيه إحياء الذكرى في محافظة درعا يوم 18 مارس/آذار الجاري.

ذكرى مختلفة

يقول خالد العساف (75 عاما) للجزيرة نت “جئت اليوم قاطعا مسافة 50 كلم إلى إدلب لأشارك في هذه الذكرى التي خرجنا فيها منذ 14 عاما، واليوم نحتفل بهذه الذكرى ونحن داعمون للدولة السورية الجديدة وللرئيس أحمد الشرع، الذي كان يعيش معنا ووعدنا بأن نعود إلى مناطقنا التي كانت محتلة من قبل بشار الأسد وروسيا وإيران، وصدق وعده”.

وذكر العساف أنه مهجر من ريف حلب، وكان يشارك في إحياء هذه الذكرى على مدى سبع سنوات في إدلب، التي احتضنتنا طوال تلك الفترة التي هجرنا فيها بلداتنا وقرانا، حسب قوله.

 

يقول عضو تنسيقيات الثورة السورية وليد المحمد للجزيرة نت إن “هذه الذكرى مميزة عن باقي الأعوام التي كنا نحتفل بها لأنها الأولى بعد سقوط نظام بشار الأسد البائد، ونيل السوريين حريتهم وكرامتهم، وعودة الحياة الكريمة لهم”.

ووجه المحمد “رسالة إلى كل السوريين بمختلف معتقداتهم الدينية والطائفية والعرقية والإثنية بأن هذه الثورة قامت لتعيد للسورين كرامتهم وحريتهم ولينالوا حق المواطنة”، وأضاف أن العدالة والمواطنة حق لكل إنسان سوري.

وقال الناشط المدني نزار الحمادي للجزيرة نت “الاحتفال له مذاق وطعم آخر بعد أن تذوقنا الحرية والكرامة بعد معاناة وتضحيات تكللت بعد الصبر والصمود بالنصر، وإسقاط نظام حكم آل الأسد وفراره إلى روسيا وأصبحت سوريا للسوريين”.

وأضاف أن ما يميز المظاهرات والاحتفالات في هذه الذكرى أن كل المحافظات السورية تشارك فيها بعد أن كنا نحتفل فقط في الشمال السوري المحرر، أما اليوم فالجميع يحتفل من دمشق حتى القامشلي لأن السوريين أصبحوا يتنفسون عبق الحرية، وفق تعبيره.

مظاهرة مدينة إدلب بالذكرى 14 لانطلاق الثورة السورية

 

ويقول مدرس اللغة العربية حسن الشحاد للجزيرة نت إن “سوريا بمساحتها البالغة 185 ألفا و180 كلم مربعا أصبحت جميعها تتنفس الحرية، وتخلصت من حكم نظام مجرم جثم على صدور السوريين على مدى 60 عاما، لذلك اليوم سوريا واحدة”.

وأضاف أن “سوريا جميعها من طائفة واحدة فقط هي المواطنة السورية، وسوريا للجميع ولا مكان للخارجين أو الانفصالين فيها، فكلنا مع بعضنا بعضا يدا واحدة، ومن حق كل مواطن سوري أن يأخذ حقوقه بالمواطنة، ولا بد من حصر السلاح بيد الدولة”.

وأوضح “نحن السوريين نرفض كل أفكار التجزئة والتقسيم، فسوريا للجميع من كل الطوائف والأعراق، والثورة السورية قامت وصمدت 14 عاما من أجل نيل كل مواطن سوري حريته، واليوم الثورة تنتصر ويتم ملاحقة الفلول لننعم ببلد تسوده الحرية”.

 

مظاهرة مدينة إدلب بالذكرى 14 لانطلاق الثورة السورية 3

 

تؤكد الصحفية حنين عمران -التي شاركت في احتفالية دمشق بساحة الأمويين- للجزيرة نت أن إحياء ذكرى انطلاق الثورة السورية في دمشق كان حُلما طال انتظاره من أهالي دمشق وريفها خلال السنوات الماضية، “التي حُرِم السوريون فيها حتى من متابعة صفحات الثورة السورية، إذ كان ذلك بحدّ ذاته جرما في قوانين الإرهاب”.

وتضيف أنه لطالما شعر الدمشقيون العالقون تحت حكم الأسد بأن الأسباب تفوق إرادتهم، فقد كانوا في كثير من الحالات يعيشون الحسرة وهم يشاهدون ويتابعون احتفالات الثورة السورية كل عام في مناطق الشمال السوري المحررة.

وتقول “الاحتفالات لم تنتهِ في دمشق منذ سقوط النظام وحتى يومنا هذا، ففي كل فرصةٍ يجدها أهالي دمشق يحتفلون في الساحات العامة، يتجمعون أمام السيف الدمشقي في ساحة الأمويين ويغنون أغنيات الثورة التي كانوا محرومين من سماعها إلا سرّا”.

وتوضح “في كل عام كنت أعتزم السفر إلى الشمال السوري، بينما يشاركني الأصدقاء هناك صور الاحتفالات بذكرى الثورة، ولكن ذلك كان يعتبر خطرا كبيرا، واليوم شاء الله أن أحتفل بهذه الذكرى هنا في دمشق، لا بل يشاركني أصدقائي الذين كنت أتوق للذهاب إليهم ومشاركتهم”.

شاركها.
اترك تعليقاً

2025 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.