مع تصاعد التحذيرات الدولية من خطر المجاعة في قطاع غزة، تؤكد تقارير أممية وإعلامية أن السكان يعانون من انعدام شبه كامل للغذاء، في وقت تتكرر فيه مشاهد إغماء الأطفال والنساء وكبار السن في الشوارع وأمام مراكز توزيع المساعدات، وسط شح بالغ في المواد الأساسية وتقييد صارم لإدخال الإغاثة الإنسانية.

ووفقا لما وثقته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فإن حالات الإغماء من الجوع أصبحت مشهدا يوميا في شمال غزة، حيث يسقط الناس أرضا أثناء بحثهم عن لقمة تسد رمقهم أو وقوفهم في طوابير طويلة بانتظار المساعدات.

وذكرت الوكالة أن الأطفال بشكل خاص يتعرضون للإغماء بسبب سوء التغذية الحاد، في ظل عجز الأسر عن توفير وجبة واحدة يوميا.

A Palestinian woman reacts as she asks for food from a charity kitchen, amid a hunger crisis, in Gaza City, July 14, 2025. REUTERS/Mahmoud Issa

وتقول منظمة الصحة العالمية إن الجوع تحول إلى سلاح قاتل في غزة، مع تسجيل وفيات نتيجة المجاعة، خصوصا بين الأطفال.

EDITORS NOTE: Graphic content / TOPSHOT - The father of Yahya Fadi al-Najjar, an infant who died due to malnourishment, holds his body during the funeral at Nasser Medical Complex in Khan Yunis in the southern Gaza Strip on July 20, 2025.

ووفق بيانات المنظمة، فإن أكثر من 90% من الأطفال دون الخامسة يعانون من مستويات حرجة من سوء التغذية، وقد توفي العشرات منهم بالفعل بسبب الجوع.

Palestinian mother Alaa Al-Najjar mourns her three-month-old baby Yehia, who died due to malnutrition amid a hunger crisis, according to medics, at Nasser Hospital in Khan Younis, in the southern Gaza Strip July 20, 2025. REUTERS/Hatem Khaled TPX IMAGES OF THE DAY

وفي أحدث التقارير عن مسؤولين في القطاع الإنساني قالوا إن سكان غزة “ينهارون حرفيا من الجوع”، بينما تعاني مراكز الإيواء والمستشفيات من نقص بالغ في الغذاء والدواء على حد سواء.

ووصفوا الوضع الإنساني في غزة بأنه “غير مسبوق”، مع انتشار أمراض ناجمة عن سوء التغذية في أوساط النازحين.

قصص إنسانية.. أم محمد أبو عوده

وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إلى أن غزة أصبحت واحدة من أخطر بقاع الأرض على الأطفال، حيث يموت الصغار من الجوع البطيء، في ظل انهيار كامل لأنظمة الغذاء والصحة والمياه.

وتقول المنظمة إن مئات الأطفال يعانون من الهزال الحاد، ولا يتوفر لهم الغذاء العلاجي اللازم.

وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت، قبل أيام، أن أكثر من نصف سكان قطاع غزة -أي ما يزيد عن مليون شخص- يواجهون خطر المجاعة، في حين يُمنع دخول المساعدات الإنسانية الكافية، رغم النداءات المتكررة لفتح المعابر وإتاحة الممرات الآمنة.

ومع استمرار العمليات العسكرية وفرض الحصار، لم تنجح المبادرات الإنسانية في الوصول إلى جميع المناطق المنكوبة، وخاصة في شمال القطاع.

Palestinians gather at a food distribution point in the Nuseirat refugee camp in the central Gaza Strip on July 19, 2025.

وتحولت نقاط توزيع الطعام إلى “نقاط موت”، بعد استهدافها أو تفريقها بالقوة، مما أسفر عن مقتل العشرات وحرمان آخرين من الوصول إلى الغذاء.

وتتحدث منظمات الإغاثة عن وجود “نقص كارثي” في المواد الغذائية الأساسية، مثل الطحين والحليب والزيت، مما يجعل السكان يعتمدون على الحشائش أو مياه ملوثة للبقاء على قيد الحياة.

وتقول اليونيسيف إن صور الأطفال الذين لا يستطيعون الوقوف من الجوع هي “جرس إنذار للبشرية”، وسط دعوات لوقف فوري لإطلاق النار والسماح بدخول الإمدادات دون قيود.

وفي ظل هذا الوضع الكارثي، لا تزال أصوات الأمهات تتعالى في مراكز النزوح، وهن يصرخن لإنقاذ أبنائهن من “الموت البطيء”، بينما يوثق العالم واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحديث، حيث يموت الناس جوعا في القرن الـ21، على مرأى من المجتمع الدولي.

شاركها.
اترك تعليقاً