في تطور مثير للقلق يعكس استمرار الصراع المسلح في كولومبيا، أفادت السلطات العسكرية، بأن مجموعة مسلحة مرتبطة بجماعة «الدعم المركزي»، وهي فصيل منشق عن قوات الثورة الكولومبية احتجزت أكثر من 70 جنديًا من الجيش الكولومبي رهائن في منطقة كاكا الغربية من البلاد.

وشهدت المنطقة، التي تُعد واحدة من أبرز المناطق المنتشرة فيها تجارة المخدرات والزراعة غير الشرعية للكوكا، تصعيدًا في العنف أخيراً بسبب المنافسة بين الجماعات المسلحة على السيطرة على طرق التهريب، وفقًا لتقارير عسكرية، بدأت الحادثة يوم السبت الماضي عندما ألقى الجيش القبض على مشتبه به مرتبط بالجماعة في منطقة جبلية نائية بمقاطعة كاكا.

وأثناء محاولة نقل المشتبه به عبر مروحية، حاصر أكثر من 100 مدني، مدعومين بمسلحين، الوحدة العسكرية الأولى، مما أدى إلى احتجاز 57 جنديًا، وفي اليوم التالي، تعرضت وحدة عسكرية ثانية لهجوم مماثل من قبل مجموعة أكبر، مما رفع العدد إلى أكثر من 70 جنديًا محتجزًا.

وحدات خاصة للتفاوض والتحرير

وأكد الجنرال إريك رودريغيز، المتحدث باسم الجيش الكولومبي، أن المدنيين الذين شاركوا في الحصار كانوا يعملون تحت ضغط الجماعة المسلحة، التي هددتهم بالانتقام إذا لم يتعاونوا، وتمكنت السلطات من تحرير الجنود بعد ساعات قليلة من خلال عملية عسكرية سريعة، إذ أرسل الجيش وحدات خاصة للتفاوض والإنقاذ، بالتعاون مع منظمات إنسانية محلية.

ولم يُبلغ عن إصابات خطيرة بين الجنود، لكن الحادثة أثارت مخاوف من تصعيد أكبر في المنطقة، وقال الرئيس غوستافو بيترو في بيان رسمي: «هذا الاعتداء يبرز فشل سياسات السلام الشاملة، وسنعمل على تعزيز الحوار مع الجماعات المسلحة مع الحفاظ على سيادة الدولة»، كما ألقى اللوم على الجماعة المسلحة، التي انسحبت من محادثات السلام العام الماضي، متهمًا إياها باستخدام المدنيين دروعًا بشرية؛ للحفاظ على سيطرتها على تجارة الكوكا.

صراع دائم في كولومبيا بسبب تجارة المخدرات

وتعتبر كولومبيا، أكبر منتج للكوكا في العالم، تعاني منذ عقود من صراع مسلح داخلي يتغذى بشكل أساسي على تجارة المخدرات، وبدأ الصراع في الستينيات مع ظهور جماعات مثل FARC وجيش التحرير الوطني (ELN) كحركات ثورية يسارية، لكنها تحولت تدريجيًا إلى منظمات إجرامية تركز على إنتاج وتهريب الكوكايين، إضافة إلى الابتزاز والتعدين غير الشرعي.

وفي عام 2016، وقعت FARC اتفاق سلام مع الحكومة، مما أدى إلى نزع سلاح أكثر من 13,000 مقاتل، لكن فصائل منشقة مثل EMC (التي يقودها إيفان مورديسكو) رفضت الاتفاق واستمرت في العمليات الإجرامية، محتفظة بسيطرة على مناطق واسعة في الغرب والشمال الشرقي من البلاد.

عمليات نزوح واسعة بسبب عصابات المخدرات

وتعتبر منطقة كاكا، الواقعة في الغرب الكولومبي، واحدة من أكثر المناطق تأثرًا بالعنف، إذ يعتمد أكثر من 90% من السكان على زراعة الكوكا للعيش، وفقًا لتقديرات الجيش الكولومبي، وتشهد المنطقة منافسة شرسة بين EMC وجماعات أخرى مثل كلان غولفو (AGC)، مما أدى إلى نزوح آلاف السكان ومقتل عشرات في الشهور الأخيرة.

وفي يناير 2025، أدى تصعيد في منطقة كاتاتومبو (شمال شرق) إلى نزوح أكثر من 32,000 شخص بسبب اشتباكات بين ELN وفصائل FARC المنشقة، مما يعكس نمطًا متكررًا، ووفقًا لتقرير منظمة هيومن رايتس ووتش، فإن سياسة «السلام الشامل» للرئيس بيترو، التي تهدف إلى التفاوض مع الجماعات المسلحة، واجهت عقبات بسبب استمرار الاختطافات والعنف، مع إعادة تنشيط مذكرات توقيف لـ31 عضوًا في ELN بسبب جرائم في كاتاتومبو.

هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها؛ في يونيو 2025، احتجز 57 جنديًا في المنطقة نفسها تحت ضغط من EMC، وفي التاريخ الأوسع، شهدت كولومبيا حالات احتجاز جماعي للجنود من قبل FARC في التسعينيات، مثل إطلاق سراح 70 جنديًا في 1997 بعد مفاوضات، ويُقدر أن تجارة المخدرات تولد مليارات الدولارات سنويًا، مما يجعل المناطق الريفية مثل كاكا ساحة للمعارك، مع تأثير إنساني مدمر يشمل النزوح والانتهاكات لحقوق الإنسان.

أخبار ذات صلة

 

شاركها.
اترك تعليقاً