هرات- قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أكثر من مليون لاجئ أفغاني عادوا من إيران إلى أفغانستان عام 2025، وذكرت مصادر أفغانية ومؤسسات دولية أن الأول من الشهر الحالي كان الأعلى رقمًا من حيث عودة اللاجئين، حيث وصل 43 ألف لاجئ في يوم واحد.

ورغم مرور عدة أيام على انتهاء المهلة التي حددتها السلطات الإيرانية في 6 يوليو/تموز الجاري، لإخراج جميع اللاجئين الأفغان غير القانونيين من إيران، ما زالت الأعداد تتوافد إلى المعبر البري الحدودي بين البلدين.

زارت الجزيرة نت معبر “إسلام قلعة” الحدودي ورصدت عودة اللاجئين، والتقت باللاجئ خالد كريمي الذي وصل مرهقًا يجرُّ عربة معبّأة بالأمتعة، بعد أن رُحّل قسرًا مع عائلته الصغيرة من إيران. ويقول وقد بدا مثقلًا بهمومه: “كان السفر صعبًا، واجهنا وضعًا سيئًا في الطريق، لقد بقينا لساعات دون ماء ولا غذاء”.

كريمي الذي قضى 4 سنوات في إيران كعامل بناء، قال إنه ليس متفائلًا بمستقبله في أفغانستان، ولا حتى بمستقبل عائلته، ويضيف متسائلا “لا أعرف ماذا سيحل بي في بلدي؟، لا يوجد عمل هنا، الفرص في قطاع البناء ضئيلة، وهناك أعداد هائلة من الشباب العاطلين عن العمل، فكيف سأحصل على فرصتي؟”.

تأمين العودة

يقول محمد زبير، نائب ممثل مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في أفغانستان: إن هدف المفوضية هو عدم هجرة اللاجئين مرة أخرى بعد وصولهم إلى بلدهم أفغانستان، مضيفا للجزيرة نت “نحتاج لدعم المانحين ليتسنى لنا مساعدة العائدين للبقاء في أماكنهم الأصلية، وعدم هجرتهم بشكل متكرر إلى أماكن أخرى، داخل بلدهم أو للخارج”.

وأشار زبير بأن المفوضية انخفضت ميزانيتها في أفغانستان بين 30 إلى 40%، “وهو ما يصعّب الاستجابة لضروريات اللاجئين المعرّضين للخطر” كما قال، حيث كانت المفوضية تقدم دعمًا ماليًا لكل أسرة عائدة يصل إلى ألفيْ دولار، لكنه انخفض لـ156 دولارا فقط.

من جهتها، بادرت السلطات الأفغانية فور ازدياد توافد اللاجئين وبالتنسيق مع المنظمات الدولية ومؤسسات محلية أفغانية، لتقديم ما أمكنها من مساعدات أساسية للعائدين.

ويقول مسؤول تسجيل اللاجئين عند معبر “إسلام قلعة”، مولوي سلطان مفكّر: إن الحكومة الأفغانية شكلت 12 لجنة لتقديم الخدمات للاجئين لتسهيل عودتهم، وأضاف للجزيرة نت “شكَّلنا لجانًا صحية وغذائية ومالية وقانونية ولوجستية، ولجانًا أخرى عديدة لتهيئة الظروف لعودة اللاجئين بشكل آمن”.

وأردف “الجانب الأفغاني يستقبل أحيانًا 560 حافلة في اليوم الواحد، في كل حافلة 70 لاجئًا مبعدًا من إيران، أي نحو 40 ألف لاجئ في اليوم، وبأيام أخرى أكثر من ذلك”.

إمكانيات محدودة

وتأتي العودة الواسعة لمئات آلاف اللاجئين في وقت يشتد فيه الضغط الاقتصادي على أفغانستان، التي تعاني أزمات إنسانية واقتصادية مزمنة، ورغم ذلك توفر الحكومة الأفغانية مخيمات مؤقتة، وتقدم 30 دولارًا لكل فرد في الأسرة اللاجئة، كما تقدم لجنة الإسكان الدائم قطعة أرض لكل عائلة عائدة بمعدل 100 متر لكل فرد في الأسرة.

وبعيدًا عن الجهود الحكومية والدولية، تزداد أعداد الجمعيات الخيرية الأفغانية ودعم رجال الأعمال في ولاية هرات لمساعدة العائدين، وعلى طول امتداد الطريق بين المدينة وحتى معبر إسلام قلعة، بمسافة تصل إلى نحو 112 كيلو مترا، تتوزع سيارات الماء والغذاء على اللاجئين العائدين، فضلًا عن توفير وسائل نقل مجانية إلى المدينة.

وتحدث متطوع في مؤسسة إغاثية للجزيرة نت، عن دور المؤسسات الخيرية في تقديم الطعام والشراب وبعض الأساسيات اللازمة للعائدين قائلا “بعد مشاهدة رجوع أعداد هائلة من المهاجرين للوطن، دفعَنا ذلك لدعمهم والوقوف بجانبهم بكل ما يمكن تقديمه، المهم بالنسبة لنا هو التخفيف عنهم وطمأنتهم بعد عودتهم لوطنهم”.

عودة اللاجئين الأفغان من إيران - معبر إسلام قلعة - هيرات

ملايين اللاجئين

بدأ اللجوء الأفغاني باتجاه إيران في نهاية سبعينيات القرن الماضي، مع بدء الغزو السوفياتي لأفغانستان حيث تشير التقديرات إلى مغادرة نحو مليوني أفغاني إلى إيران حينها، فيما تعلن بعض المصادر الرسمية وغير الرسمية وجود ما بين 3 و5 ملايين لاجئ أفغاني في إيران وحدها، قبل حملة الترحيل القسري الأخيرة التي طالت أكثر من مليون منهم حتى الآن.

ويذكر أن السلطات الإيرانية تنسق مسبقًا مع نظيرتها الأفغانية، بالتبليغ عن أعداد اللاجئين المرحلين للجانب الأفغاني، مما يُسهِّل على سلطات كابل استيعاب الأعداد الهائلة التي تصل أراضيها.

يشار إلى أن تصاعد أعداد اللاجئين العائدين من إيران إلى أفغانستان بشكل كبير، جاء بعد المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل التي استمرت 12 يومًا، رغم إعلان طهران نيتها المسبقة ترحيل اللاجئين غير القانونيين، حسب قولها.

شاركها.
اترك تعليقاً