اليمن تشهد توترات متصاعدة: سيطرة الانتقالي على حضرموت والمهرة وتداعياتها على الحكومة والوضع الاقتصادي

تتصاعد التوترات السياسية والعسكرية في اليمن، مع إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي سيطرته على محافظتي حضرموت والمهرة، مما أثار ردود فعل قوية من الحكومة المعترف بها دوليًا. هذه التطورات، التي حدثت في 8/12/2025، تثير مخاوف جدية بشأن مستقبل العملية السياسية، واستقرار البلاد، والوحدة اليمنية. وتأتي هذه السيطرة في وقت حرج يواجه فيه اليمن أزمة اقتصادية وإنسانية خانقة، مما يزيد من تعقيد المشهد. السيطرة على هذه المحافظات الغنية بالموارد، تضع الحكومة في موقف صعب وتثير تساؤلات حول مستقبل السلطة في اليمن.

تصاعد التوتر: سيطرة المجلس الانتقالي على حضرموت والمهرة

تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي خلال الأيام القليلة الماضية من بسط نفوذه وسيطرته على محافظتي حضرموت والمهرة، اللتين تمثلان معًا نحو نصف مساحة اليمن الجغرافية. اللافت في هذه السيطرة هو قلة المواجهات المسلحة، حيث تمت العملية في الغالب بسلاسة، مما أثار استغراب المراقبين. هذا الأمر يطرح تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا الانسحاب النسبي للقوات الحكومية، وهل كان هناك اتفاق مسبق أو نوع من التنسيق الضمني.

السيطرة على حضرموت والمهرة تمنح المجلس الانتقالي الجنوبي نفوذاً أكبر على الموارد الاقتصادية الهامة في البلاد، مثل النفط والموانئ، مما يعزز موقفه التفاوضي ويمنحه قدرة أكبر على التأثير في القرارات السياسية والاقتصادية.

رد فعل الحكومة اليمنية ومغادرتها عدن

أثار استمرار سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على المحافظتين غضبًا واسعًا في أوساط الحكومة اليمنية، التي اعتبرت هذه الخطوة تقويضًا لسلطتها وتعديًا على سلطة الدولة. وقد ردت الحكومة بمغادرة العاصمة المؤقتة عدن متوجهة إلى المملكة العربية السعودية، في خطوة احتجاجية على التوسع العسكري للمجلس الانتقالي.

وقال مصدر حكومي مقيم في عدن إن الحكومة غادرت إلى السعودية بعد مغادرة رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي لقصر معاشيق، والذي سيطرت عليه قوات المجلس الانتقالي. وأكد المصدر أن الوضع في اليمن أصبح معقدًا للغاية، وأن مستقبل الأمور غير واضح. بالإضافة إلى ذلك، توقفت رحلات طائرات الخطوط الجوية اليمنية في مطار عدن، مما أدى إلى إرباك كبير في صفوف المسافرين. وزارة النقل، المحسوبة على المجلس الانتقالي، بررت التوقف بأسباب فنية.

موقف المجلس الانتقالي وتأكيده على الاستقرار

في المقابل، قلل المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي، أنور التميمي، من أهمية مغادرة بعض أعضاء الحكومة لعدن، مؤكدًا أن عددًا منهم لا يزالون يمارسون مهامهم بشكل طبيعي، بمن فيهم وزراء الدفاع والداخلية والنقل. وأشار إلى أن معظم المغادرين من مناطق الشمال، بينما بقي معظم الوزراء من مناطق الجنوب.

وأكد التميمي أن المجلس الانتقالي حريص على توفير البيئة السياسية والأمنية المناسبة لقيام الحكومة بمهامها، مشيرًا إلى التناغم بين توجهات رئيس الحكومة سالم بن بريك نحو التعافي الاقتصادي، وتوجهات المجلس الانتقالي التي تهدف إلى توفير الأمن والاستقرار. كما أشاد بالتحسن الذي طرأ على قيمة العملة المحلية والقدرة الشرائية للمواطنين، والذي يعزى جزئيًا إلى الإصلاحات الاقتصادية التي نفذها رئيس الحكومة.

تحذيرات من تقويض سلطة الحكومة وتداعيات اقتصادية

حذر رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي من أن الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي تمثل خرقًا صريحًا لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وتهدد وحدة القرار الأمني والعسكري، وتقوض سلطة الحكومة الشرعية. جاء ذلك في لقاء جمعه بسفراء الدول الراعية للتسوية السياسية في اليمن، والذين حثهم على تحمل المسؤولية الجماعية لمنع انزلاق البلاد إلى مزيد من التفكك والفوضى.

وأضاف العليمي أن أي اضطراب في محافظتي حضرموت والمهرة قد يؤدي إلى تداعيات اقتصادية ومعيشية خطيرة، مثل تعثر دفع رواتب الموظفين، ونقص الوقود، وتفاقم الأزمة الإنسانية، وإضعاف ثقة المانحين بالحكومة الشرعية. هذه التحذيرات تعكس القلق العميق بشأن مستقبل اليمن الاقتصادي والإنساني في ظل هذه التوترات السياسية المتصاعدة. الوضع في اليمن يتطلب حلاً سياسياً شاملاً يضمن مشاركة جميع الأطراف في السلطة والثروة.

مستقبل اليمن: الحاجة إلى حوار شامل

إن التطورات الأخيرة في اليمن، وخاصة سيطرة المجلس الانتقالي على حضرموت والمهرة، تؤكد على الحاجة الملحة إلى حوار سياسي شامل يجمع جميع الأطراف اليمنية، بهدف التوصل إلى حلول مستدامة للأزمة اليمنية. يجب أن يرتكز هذا الحوار على احترام سيادة اليمن ووحدته، وضمان مشاركة جميع المكونات اليمنية في السلطة والثروة، ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على المجتمع الدولي، وخاصة الدول الراعية للتسوية السياسية في اليمن، أن يلعب دورًا أكثر فعالية في دعم جهود السلام، وتقديم المساعدة الإنسانية اللازمة للشعب اليمني. الأزمة اليمنية تتطلب تضافر الجهود الإقليمية والدولية من أجل تحقيق السلام والاستقرار في البلاد. إن مستقبل اليمن يعتمد على قدرة الأطراف اليمنية على تجاوز خلافاتها، والعمل معًا من أجل بناء مستقبل أفضل لجميع اليمنيين.

شاركها.
اترك تعليقاً