طهران- منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حينما بدأ طوفان الأقصى، استهدفت إسرائيل قادة ومستشارين عسكريين إيرانيين في سوريا 4 مرات، ما أدى إلى مقتل 11 قائدا ومستشارا عسكريا إيرانيا على الأقل.

لكن الضربة الأقسى كانت مساء أمس الاثنين، حيث استهدف هجوم إسرائيلي مبنى القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق بـ6 صواريخ، ونقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية عن 4 مسؤولين إسرائيليين، لم تسمهم، أن إسرائيل مسؤولة عن الهجوم.

وأعلن الحرس الثوري الإيراني أن الهجوم أودى بحياة جنرالين، هما قائد الحرس في سوريا ولبنان محمد رضا زاهدي، ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي، بالإضافة إلى 5 ضباط آخرين مرافقين لهما.

وأثار الهجوم تساؤلات حول دور الحرس الثوري في سوريا، ونفوذ الموساد في دمشق، مما أوصله إلى استهداف أهم شخصية للحرس الثوري خارج الحدود الإيرانية.

مصالح مشتركة

أوضح القيادي السابق في الحرس الثوري الجنرال إسماعيل كوثري، أنه منذ عام 1982، أي منذ أكثر من 40 عاما، وأعضاء في الحرس الثوري يقومون بمهام خارج الحدود الإيرانية في داخل الأراضي السورية، وذلك بطلب من السلطات السورية.

وأضاف، في حديثه للجزيرة نت، أنه “بناء على العلاقات والاتفاقيات بين إيران وسوريا، هناك مصالح مشتركة بين البلدين، ومن الطبيعي أن تدار من خلال وجود فيلق القدس في سوريا، كما أنه قبل ثورة عام 1979 في إيران، كان هناك 50 ألف مستشار أميركي في إيران”.

ولفت النائب في البرلمان عن مدينة طهران أن “حضور العميد زاهدي ومعاونه رحيمي ورفاقهم في سوريا كان بناء على مهامهم في فيلق القدس، والتي كانوا يقومون بها ويؤدونها في الأراضي السورية”، ونفى أي اجتماع في مبنى القنصلية الإيرانية في دمشق مع أعضاء حركة الجهاد الإسلامي، مؤكدا عدم صحة هذه الأنباء.

وختم بأن “دمشق آمنة للسوريين ومن فيها، ولا يوجد فيها تهديد أمني للحضور الإيراني، لكن أميركا وإسرائيل تحاولان زعزعة الأمن بعملياتهما المناهضة للمواثيق الدولية، في ظل صمت مجلس الأمن إزاءها”.

الموساد في دمشق

من جهة أخرى، لفت الباحث السياسي مهدي خرّاطيان إلى أنه “في السنوات الأخيرة زاد الحضور الإيراني في سوريا بسبب الأزمة السورية، وكذلك التطورات في النفوذ الإسرائيلي في المنطقة”.

ورأى في حديثه للجزيرة نت أن “المعادلات الجديدة لما يعرف بمحور المقاومة ودعم حزب الله اللبناني، وإعادة العلاقات بين حماس وإيران بعد الأزمة السورية، جعلت سوريا منطقة لوجستية بالنسبة لإيران وحلفائها”.

وقال إنه “في ضوء التنسيق مع دمشق، تنوي إيران أن تستفيد من سوريا لنقل الدعم المطلوب لفصائل المقاومة في غزة، وتكافح حضور داعش في الأراضي السورية”.

وأضاف أن “النظام السوري يريد من إيران إلى حد كبير أن تستمر بحضورها على الأراضي السورية، للحفاظ على الاستقرار، ومحاربة القوات الأميركية والجماعات الكردية والجماعات المسلحة الأخرى”.

واعتبر أن هذه الأسباب تجعل المستشارين وقادة الحرس الثوري حاضرين في سوريا دائما، “لردع إسرائيل والسيطرة على التحرك الأميركي في المنطقة، ومنع سيطرة الجماعات المتطرفة، لكن أهم ما يربط النظام الأمني الإيراني بسوريا هو إسرائيل” حسب وصفه.

وفي إشارة إلى وصول إسرائيل إلى أهم شخصية في الحرس الثوري خارج الحدود الإيرانية، قال خراطيان “إن البيئة الأمنية السورية ملوثة بالعملاء والجواسيس منذ سنوات طويلة”، وأشار في هذا الصدد إلى اغتيال عماد مغنية في دمشق في عام 2008، أي قبل الأزمة السورية.

وتابع في هذا الصدد بقوله إن “الأزمة السورية كشفت عن نفوذ عملاء الموساد في أعماق الجهاز الأمني السوري، ومن المؤكد أن الموساد حاضر بقوة على الأراضي السورية”.

وأضاف أن “اغتيال زاهدي بصفته أهم شخصية على مستوى الشرق الأوسط في فيلق القدس التابع للحرس الثوري يعني أنه كان مُراقبا بدقة ومنذ مدة طويلة”.

الرد المتوقع

وفي ما يخص سيناريوهات الرد الإيراني، استبعد خراطيان أن تستهدف إيران أهدافا داخل الحدود الإسرائيلية ردا على قصف قنصليتها في دمشق، وتوقع أن ترد إيران بشكل تدريجي وبمجموعة من العمليات المختلفة والمتتالية، على المستويات السياسية والاستخباراتية.

وتابع أن “على إيران أن تستهدف الجهاز المخابراتي الإسرائيلي بشكل دقيق، ولهذا الغرض عليها أن تعيد النظر بسياسة الردع التي تنتهجها تجاه تل أبيب، ويجب أن تبعثر التقديرات في الجانب الإسرائيلي”.

ومن جانب آخر، قال القيادي السابق في الحرس الثوري حسين كنعاني مقدم للجزيرة نت إن “الهجوم على القنصلية الإيرانية يعني استهداف الأراضي الإيرانية، وهذا يمنح الحق لإيران ومحور المقاومة بأن يجعلا جميع سفارات وقنصليات إسرائيل حول العالم ضمن بنك أهدافهما”.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.