القدس المحتلة- بينما كانت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تستعد للإعلان عن عزمها الانتقال إلى المرحلة الثالثة للحرب على غزة، وقبيل ساعات من إعلان الجيش فرض السيطرة على حي الشجاعية، أطلقت فصائل المقاومة الفلسطينية رشقة صاروخية صوب “تل أبيب الكبرى” في رسالة تفند سردية الاحتلال بشأن سير الحرب وفشله في تحقيق الأهداف المعلنة.

وقد حمل إطلاق هذه الدفعة الصاروخية الكبيرة في طياته رسائل مفادها أن سيطرة جيش الاحتلال على شمال غزة مزعومة ومنفصلة عن الواقع.

كما أنها تشكك بصحة رواية الجيش الإسرائيلي بشأن الاقتراب من القضاء على الترسانة الصاروخية للمقاومة وإلحاق أضرار كبيرة بالقدرات العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة.

وتأتي هذه الرشقة الصاروخية الكبيرة، في وقت يدرس فيه المستوى السياسي والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية الانتقال إلى المرحلة الثالثة من القتال بالقطاع.

تحكم وسيطرة

ويتوقع أن يعلن جيش الاحتلال عن “القضاء على العديد من كتائب حماس وتحرير بعض قوات الاحتياط، وإعادة انتشار القوات بالحزام الأمني الذي سيتم إنشاؤه داخل القطاع، مع الإبقاء على العلميات العسكرية في خان يونس”.

ويواجه الجيش الإسرائيلي خيارين لتنفيذ المرحلة الثالثة، كما يقول أمير بوحبوط المحلل العسكري بالموقع الإلكتروني والا” فالأول هو انسحاب جميع القوات من مدن قطاع غزة “والانتظام في قطاع أمني والخروج من هناك لتنفيذ عمليات نوعية ومحددة”.

أما الخيار الثاني، بحسب المحلل العسكري فـ”هو انسحاب جزئي من قطاع غزة مع بقاء جزء من القوات في المخيمات المركزية وخان يونس، وتدمير البنية التحتية الإرهابية ومواصلة الجهود لتحرير المختطفين”.

وفي حين يعكس توجه جيش الاحتلال -الانتقال إلى المرحلة الثالثة وتسريح بعض قوات الاحتياط والانتشار عند منطقة السياج الأمني دون أن تتمكن العمليات العسكرية البرية من تحرير المحتجزين الإسرائيليين- أن حماس ما زالت تتحكم وتسيطر.

وفي مؤشر على ذلك، تفرض حماس الشروط والوقائع على الأرض وتحديدا بكل ما يتعلق بمسار المفاوضات لإمكانية التوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد وإلى صفقة تبادل جديدة، بحسب الصحفي إليور ليفي مراسل الشؤون السياسية بالتلفزيون الإسرائيلي الرسمي “كان 11”.

ويرى ليفي أن الرشقة الصاروخية الكبيرة أيضا جزء من مفاوضات صفقة تبادل محتملة، لافتا إلى أن المؤسسة الإسرائيلية تناقش حاليا مقترحات إضافية من شأنها إقناع حماس بالتراجع عن مطالبها بوقف كلي لإطلاق النار، وإتاحة الفرصة لإحراز تقدم يؤدي إلى صفقة لإطلاق المحتجزين الإسرائيليين.

ويعتقد أن صاحب القول الفصل بكل ما يتعلق بصفقة التبادل والهدنة هو رئيس الحركة يحيى السنوار، والقائد العام لكتائب عز الدين القسام محمد الضيف.

لا تنازلات

ولفت ليفي إلى أن تصريحات المتحدث باسم الجناح العسكري للقسام التي أعقبت الرشقة الصاروخية باتجاه “تل أبيب الكبرى” بمثابة رسالة مباشرة من السنوار بأن حماس ليست مستعدة لتقديم تنازلات.

وتعليقا على مواصلة القسام إطلاق رشقات صاروخية إلى العمق الإسرائيلي بعد مرور 76 يوما على الحرب، كتب المراسل العسكري للقناة 13 الإسرائيلية، ألون بن دافيد، مقالين بعنوان “يجب أن يُنادى الطفل باسمه: نحن لسنا قريبين من تدمير حماس” في إشارة إلى أن أهداف الحرب المعلنة بتقويض الترسانة الصاروخية والعسكرية فشلت وأن تدمير حماس يستغرق وقتا طويلا.

ونهاية هذا الأسبوع، يقول بن دافيد “يقترب الجيش الإسرائيلي كثيرا من إعلان هزيمة حماس في كامل شمال قطاع غزة، وهذا يعني أن فرقتي الحركة اللتين تعملان بهذه المنطقة، مع كتائبهما، توقفتا عن العمل كمقاتلين وأصبحت معظم المنطقة غير صالحة للسكن”.

لكن المراسل العسكري يؤكد أن “هذا لا يعني أنه لم يعد هناك مسلحون بهذه المنطقة أو بنية تحتية مادية لحماس، فهي موجودة وستظل كذلك. ولكن يمكن اليوم السفر من زاكيم أو باري إلى وسط مدينة غزة بمركبة غير مدرعة بشكل كبير”.

ومع ذلك، يضيف المراسل العسكري “إننا لسنا قريبين من تحقيق الهدفين الرئيسيين: إطلاق المختطفين وتدمير القوة العسكرية والصاروخية والحكومية لحماس”.

ويتابع “إن إخضاع حماس شمال القطاع إنجاز عسكري كبير بعد شهرين من المناورات البرية، وتحقق بدفع ثمن باهظ، لكن هذا لا يدعو إلى التفاؤل، فتقويض وتدمير حماس ما زال بعيدا”.

وأوضح بن دافيد في السياق ذاته أن الجيش الإسرائيلي يعلم أن مدينة غزة وضواحيها كانت منطقة محصنة ذات بنية تحتية واسعة النطاق وشبكة أنفاق تحت الأرض، لكنه لم يخمن ولم يقدر حجم هذه التحصن، قائلا “يوما بعد يوم، خلال المناورة البرية تتفاجأ القوات الإسرائيلية باكتشاف المدى الهائل للأنفاق القتالية ومجمعات القيادة تحت الأرض”.

انعدام الثقة والأمان

وفي قراءة للصراع الذي فُتح على مصراعيه بعد معركة “طوفان الأقصى” يعتقد يوفال أراد -وهو رئيس مستوطنة “كوخاف يائير” المقامة على حدود الرابع من يونيو/حزيران- أن يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول المقبل قد يصل من قلقيلية وطولكرم.

لقد خلفت أحداث “السبت الأسود” بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول والحرب التي اندلعت في أعقابها، يقول أراد “انعدام ثقة تام لدى الجمهور الإسرائيلي في وسائل الدفاع الموجودة داخل حدود إسرائيل، وقوضت بشكل أساسي إحساس السكان بالأمن”.

ويضيف يوفال أراد “ومع استمرار القتال على جبهتي غزة ولبنان، يشعر سكان غوش دان شرقي شارون (تل أبيب الكبرى) بضيق متزايد أمام السيناريوهات المرعبة”.

واستعرض أراد في مقاله عبر الموقع الإلكتروني “والا” سيناريوهات الرعب لدى سكان “تل أبيب الكبرى” واعتماد نموذج الأنفاق الهجومية لحركة حماس قبالة مستوطنات “غلاف غزة”.

وقال المتحدث نفسه “فقط 300 متر تفصل بين كوخاف يائير-تسور يغال وقلقيلية. والآونة الأخيرة، أُبلغ السكان عن أصوات حفر مشبوهة قرب منازلهم، وأعربوا عن خوفهم من نفق هجوم يبدأ في المدينة الفلسطينية”.

وأضاف أراد “لكيلا نستيقظ متفاجئين في مواجهة هجوم قاتل، يجب على إسرائيل إعادة الحساب وفحص هذه الـ 300 متر التي تفصل بين قلقيلية وكوخاف يائير، أو بين طولكرم وبات حيفر، وكأنها مئات الأمتار بين جباليا وباري وكفار وغزة، عندها فقط نستطيع أن نستعيد الشعور بالأمان الذي فقدناه بالسابع من أكتوبر/تشرين الأول”.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.