في أعقاب فوز نجله زهران بمنصب عمدة نيويورك، شنّ المفكر والأكاديمي البارز محمود ممداني هجوماً لاذعاً على إسرائيل، متهماً إياها بأنها “قوة معتدية فقدت أي حسّ أخلاقي”، ومؤكداً أن ادعاءاتها بالدفاع عن النفس في غزة لا يصدقها أحد. هذا التصريح، الذي جاء في لقاء مع قناة الجزيرة مباشر، يلقي الضوء على موقف حاد تجاه الأحداث الجارية، ويضع فوز زهران ممداني في سياق أوسع من العدالة والمسؤولية الأخلاقية.

اتهامات مباشرة لإسرائيل وفضح “القناع”

لم يتردد ممداني الأب في وصف إسرائيل بأنها قوة فقدت بوصلتها الأخلاقية، مشيراً إلى أن صمت العالم تجاه ما يجري في غزة ليس نابعاً من العجز أو نقص الشرعية، بل من تاريخ طويل من التغاضي مبني على ادعاءات زائفة حول الدفاع عن ضحايا الهولوكوست والحرب العالمية الثانية. وأضاف: “لكن القناع نُزع، والغطاء تمزّق، وظهر الواقع للناس”، مؤكداً أن هذا الواقع المرير، وإن كان ثقيلاً على أهل غزة، إلا أنه يحمل في طياته رسالة ذات مغزى عميق.

غزة: مختبر الأسلحة وصمود الشعب

يرى ممداني أن غزة لطالما كانت بمثابة مختبر لإسرائيل، حيث يتم اختبار الأسلحة الجديدة قبل بيعها للخارج، وأنها المكان الذي يمكن فيه قتل أكبر عدد ممكن من الناس دون محاسبة حقيقية. ويستنكر استمرار إسرائيل في التذرع بالدفاع عن النفس، بينما يتقبل الغرب هذا الادعاء بصمت، وتتجاهل بقية دول العالم ما يحدث. على الرغم من القتل الجماعي والإصابات والمعاناة التي لحقت بأكثر من نصف سكان غزة، فضلاً عن التهجير القسري للآلاف، إلا أن ما أدهش ممداني هو صمود الغزيين ورفضهم القاطع للرحيل.

إرادة الصمود: “لن نغادر أرضنا مرة أخرى”

ينقل ممداني عن اللاجئين من غزة، الذين عانوا من نكبة عام 1948، قولهم: “تعلّمنا من تجربة الرصاص أننا لن نغادر أرضنا مرة أخرى. غادرناها لإنقاذ حياتنا، فخسرنا الأرض. في غزة، سنبقى على الأرض”. هذا التصريح، بحسب ممداني، يحمل في طياته قوة رمزية عالمية، فهو يعكس إرادة شعب في التمسك بأرضه وهويته، ويشكل تحدياً للسياسات القائمة. ويؤكد أن “النتيجة الحقيقية لغزة ليست محلية، بل عالمية”. هذا الصمود يمثل تحدياً للراوي السائد ويثير تساؤلات حول العدالة والمسؤولية الدولية.

فوز زهران ممداني: رسالة من أجل العدالة الاجتماعية

بالانتقال إلى الحديث عن فوز نجله زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك، يعترف ممداني الأب بأنهما فوجئا بهذه النتيجة، ولم يتوقعاها. ويقول إن زهران لم يدخل السباق السياسي بهدف الفوز فحسب، بل لإيصال رسالة واضحة حول العدالة الاجتماعية وحقوق الفلسطينيين، وهو لم يكن مستعداً للتنازل عن هذه المبادئ أو التقليل من شأنها. ويشير إلى أن تربية زهران في بيئة أسرية متدينة ومنضبطة، على يد والديه وجديه، لعبت دوراً كبيراً في تشكيل شخصيته وقيمه.

المال والانتخابات: كشف الفاعلية الزائفة

يؤكد ممداني أن وصول زهران إلى منصب عمدة نيويورك لم يكن سهلاً، وأنه واجه قوى قوية استخدمت المال للتصدي له، حيث تم ضخ 25 مليون دولار ضده. لكنه يضيف أن المال لم ينجح في تحقيق الفوز، بينما تمكن زهران، بموارد محدودة ومصور واحد فقط، من استغلال وسائل التواصل الاجتماعي بفعالية، وكشف عن “فاعلية المال الزائفة”. ومع ذلك، يحذر ممداني من أن المشهد سيتغير بعد الانتخابات، وأن المال سيستخدم بطرق خفية للترهيب وشراء الولاءات والخداع. ويعتقد أن زهران ممداني سيتعلم بسرعة كيفية التعامل مع هذه التحديات، وسيتجاوزها بفضل فريقه الداعم.

مرحلة التغيير: صعود الفئات المهمشة

يرى ممداني أن انتخابات نيويورك تعكس مزاجاً جديداً في المجتمع الأمريكي، حيث بدأت الفئات المهمشة – مثل المسلمين والمهاجرين الجدد – تشعر بالثقة وتخرج للتصويت والمشاركة في العملية السياسية. ويقول إن ارتفاع نسبة المشاركة السياسية لا يعكس الرضا عن النظام القائم، بل على العكس، يشير إلى أن الناس غير راضين وبدأوا يعتقدون أن الانتخابات قد تكون وسيلة للتغيير. هذا التحول الديموغرافي والسياسي يمثل فرصة حقيقية لإحداث تغيير إيجابي في المجتمع الأمريكي.

في الختام، يمثل فوز زهران ممداني بمنصب عمدة نيويورك لحظة فارقة، ليس فقط بالنسبة للمجتمع المسلم في الولايات المتحدة، بل بالنسبة للجميع الذين يؤمنون بالعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. إن تصريحات والده، محمود ممداني، تلقي الضوء على التحديات التي تواجه العالم، وتدعو إلى محاسبة إسرائيل على أفعالها، وإلى دعم صمود الشعب الفلسطيني. هذا الحدث يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التغيير والأمل، ويؤكد أن الإرادة الشعبية قادرة على تحقيق المستحيل. تابعوا آخر التطورات حول زهران ممداني ومبادراته في نيويورك، وشاركوا بآرائكم حول هذه القضية الهامة.

شاركها.
اترك تعليقاً