في برد قارس وأمطار غزيرة، تحاول عائلة فلسطينية في قطاع غزة أن تصنع لنفسها مأوى من بين الركام، بعدما لم تجد ملاذا سوى مسجد مدمر احتمت بجدرانه المتصدعة من قسوة الشتاء ونيران الحرب. هذه الصورة المأساوية تجسد واقعاً مريراً يعيشه آلاف النازحين في غزة، وتُظهر حجم المعاناة الإنسانية التي تتفاقم مع كل يوم يمر. هذا المقال يسلط الضوء على قصة عائلة داود، كنموذج للعديد من العائلات التي تعاني من النزوح في غزة، وتواجه تحديات لا يمكن تصورها في سبيل البقاء.
معاناة عائلة داود: قصة النزوح في غزة
من داخل المسجد المحطم، نقلت مراسلة الجزيرة مباشر علا أبو معمر صورة قاسية لواقع العائلات النازحة التي دفعتها الظروف إلى الإقامة وسط أنقاض مبان لم تعد صالحة للحياة. عائلة داود، المكونة من ثمانية أفراد، وجدت نفسها مضطرة للجوء إلى هذا المسجد بعد تدمير منزلها في القصف. الوضع الإنساني يزداد سوءاً مع كل هطول للأمطار، حيث يتسرب الماء إلى داخل المسجد، محولاً أرضيته إلى برك موحلة.
تحديات المأوى البدائي
تعيش العائلة محاطة بالمخاطر، بين أعمدة مهدمة ونوافذ سقطت بفعل القصف. يحاول أفراد العائلة سد الفتحات بما توفر لديهم من أقمشة مهترئة وأغطية بلاستيكية، لكن هذه المحاولات لا تجدي نفعاً أمام قوة الأمطار والرياح. الأطفال يقضون لياليهم وهم يرتجفون من البرد، بينما تحاول الأم تهدئتهم وطمأنتهم.
صعوبة توفير الاحتياجات الأساسية للنازحين
يصف أبو مصعب داود، رب الأسرة، المشهد بمرارة: “نعيش وسط الرياح والبرد الشديد، والأطفال جميعهم يشعرون بالبرد، ولا نملك ما نفعله. رغم أنني موظف في وكالة الأونروا، لا أستطيع تلبية احتياجات أسرتي”. هذه الكلمات تعكس العجز الذي يشعر به الكثير من الآباء في غزة، الذين يجدون أنفسهم غير قادرين على توفير أبسط مقومات الحياة لأطفالهم. الأزمة الإنسانية في غزة تتفاقم مع نقص الغذاء والدواء والملابس الشتوية.
الخوف والقلق المستمر
أم مصعب تروي لحظات الخوف التي تعيشها الأسرة كلما اشتدت الأمطار: “عندما يهطل المطر، تأتي المياه دفعة واحدة، فيجتمع الأطفال حولي خائفين ويسألون: ماذا يحدث. أحاول طمأنتهم، لكننا بحاجة إلى خيمة أو أي مأوى”. الخوف من انهيار المسجد أو من دخول المزيد من المياه يرافق العائلة طوال الوقت. الوضع النفسي للعائلة متدهور، حيث يعانون من القلق والتوتر بسبب الظروف الصعبة التي يمرون بها.
تدهور الوضع الصحي للأطفال والنساء
ابنة هدى داود تؤكد أن المكان لا يصلح للعيش مطلقا: “عندما تمطر الدنيا نضطر لإيقاظ الأطفال والهرب بهم. لا توجد ملابس كافية، وأنا أعاني من ضغط الدم. الأطفال خائفون والبرد يفتك بنا”. الطفلة ليان تصف المشهد بكلمات بسيطة: “أشعر بالبرد الشديد، ولا توجد لدينا ملابس أو جوارب عندما تمطر”. ليان أصيبت بحروق في قدمها منذ بداية الحرب، ولم تتلق علاجا مناسبا بسبب الاكتظاظ في المراكز الطبية. هذا يعكس التحديات الصحية التي تواجهها العائلات النازحة، خاصة الأطفال والنساء. الرعاية الصحية في غزة تعاني من نقص حاد في الإمكانيات والموارد.
الحاجة الماسة للمساعدات الإنسانية
في رسالة يختتم بها حديثه، يقول أبو مصعب: “نتمنى أن يفرجها الله علينا، وأن نعود إلى بيوتنا في رفح وحي الزيتون وخان يونس. سئمنا الضغوط والمشاكل اليومية، ونرجو أن نعود إلى ديارنا”. هذه الكلمات تعبر عن أمل العائلة في العودة إلى حياتها الطبيعية، ولكن هذا الأمل يتطلب توفير المساعدات الإنسانية العاجلة، وتوفير مأوى آمن وصحي للعائلات النازحة. المجتمع الدولي مدعو للتحرك العاجل لإنقاذ حياة آلاف العائلات التي تعاني من النزوح في غزة.
في الختام، قصة عائلة داود ليست مجرد قصة فردية، بل هي جزء من قصة أكبر تعيشها آلاف العائلات في غزة. المعاناة الإنسانية تتفاقم مع كل يوم يمر، وتتطلب تحركاً عاجلاً من المجتمع الدولي لتقديم المساعدات الإنسانية اللازمة، وتوفير مأوى آمن وصحي للعائلات النازحة. ندعو الجميع للمساهمة في تخفيف معاناة هؤلاء الناس، وإعادة الأمل إلى قلوبهم. شارك هذا المقال لزيادة الوعي حول النزوح في غزة و الأزمة الإنسانية في غزة، وادعم جهود الإغاثة الإنسانية.


