شمال سوريا- لم تكن ليلة السادس من فبراير/شباط قبل عام كما باقي الليالي التي مرت على سكان شمال سوريا وجنوب تركيا، إثر الزلزال المدمر الذي تسبب بمقتل 4256 شخصا، وإصابة 11 ألفا و774 آخرين.

وأصيبت الطفلة السورية مريم الأحمد (12 عام) بـ”متلازمة الهرس”. وقالت: “الأرجل الصناعية (العكازات) أصبحت ترافقني في كل أوقاتي، واجهت في البداية صعوبة كبيرة بالمشي، ولكن الآن وبعد مرور عام تأقلمت عليها، ولكن أريد أن أتخلص منها وأعود لألعب وأركض مع زملائي وأخوتي”.

وتُصر مريم على الذهاب إلى المدرسة على العكازات لتتشارك مع زملائها مقاعد الدراسة وقضاء الوقت، قبل العودة إلى خيمتها التي بُنيت على أنقاض منزلها وتعيش فيها مع عائلتها.

وتنحصر أمنياتها بأن تتخلص من العكازات، وأن تستطيع المشي إلى مدرستها والركض واللعب مع زملائها، وتتمنى الشفاء لكل الأطفال المصابين بكارثة الزلزال.

وفي الكارثة نفسها، نجت السيدة نجوى السلوم مع عائلتها، لكنها فقدت منزلها في مدينة إدلب وأصبحت بلا مأوى، وانتقلت إلى قرية “الزهور” في جبل كللي بريف إدلب الشمالي.

وتقول “الشقق السكنية تبقى أفضل من الخيام، ولكن بُعدها عن مركز المدن يسبب الكثير من المتاعب على الصعيد الصحي والتعليمي والخدمي”.

ويضيف السوري أبو حسام: “تمر علينا لحظات ننقل النساء الحوامل على الدراجات النارية قبل الولادة، لعدم وجود سيارة إسعاف أو نقطة طبية تعمل على مدار 24 ساعة في هذه القرية السكنية التي تضم 5 آلاف نسمة، وننقل أطفالنا إلى المدرسة بواسطة الدراجات النارية أو مشيا على الأقدام”.

وعن لحظات الزلزال الأولى، يذكر أبو حسام: “لم نكن نعلم أين نذهب، الدمار كان في كل مكان، المنازل تهدمت فوق رؤوس أصحابها”. ويضيف “بعد عذاب كبير استلمنا هذه الشقة السكنية في جبل كللي، لكن فقدنا كل شيء تحت الأنقاض، ونحن الآن بحاجة كل شيء”.

لحظات الاستجابة الأولى

يقول منير مصطفى نائب المدير العام في الدفاع المدني السوري إن الدفاع المدني انتشل 2950 عالقا من تحت الأنقاض، وقدم لهم الإسعافات الأولية ونقلهم للمشافي. كما ساهم بتجهيز قرية تأوي 7 آلاف عائلة، وساهم بتجهيز البنية التحتية من شبكات المياه والصرف الصحي، وقدم مساعدات أخرى بمشاركة عدة منظمات.

وذكر مدير منظمة “هيومن أبيل” ثائر نجار: “سارعت فرقنا لتقديم الخدمات للمتضررين من اللحظات الأولى للزلزال، وبعد ذلك كان هناك تنسيق مباشر مع المكتب الرئيسي لتقييم وضع المتضررين على الأرض وتقديم الاستجابة السريعة، وإجراء إحصاءات واستبيانات لعدد من المتضررين في مناطق جرابلس وجنديرس وإدلب وسلقين وأرمناز”.

وأضاف: “بسبب الحاجة الكبيرة لتأمين السكن العاجل للمتضررين، عملنا على تحويل مشروع سكني كُنا قد بدأنا به منذ منتصف عام 2022 لاستضافة نازحين يعيشون في الخيام، إلى مكان إيواء تُنقل إليه عائلات متضرري الزلزال، وتم نقل ألف عائلة مكونة من 5 آلاف شخص من مناطق جنديرس وأرياف إدلب”.

أثار الزلزال المتبقية على الأبنية السكنية في مدينة جديرس

محاولات التعويض

ووثق منسقو الاستجابة في سوريا تضرر 334 ألفا و821 عائلة، بعدد أفراد يبلغ مليونا و843 ألفا و911 نسمة، وتسبب الزلزال بنزوح 48 ألفا و122 عائلة، بعدد أفراد يبلغ 311 ألفا و662 نسمة، وشكل الأطفال والنساء والحالات الخاصة 67% من إجمالي النازحين.

وقال مدير منسقو الاستجابة محمد حلاج، في حديث للجزيرة نت: إن “الزلزال تسبب بنزوح مئات الآلاف بدون وجود مأوى أو مكان يلجؤون إليه، وبعد استجابة المنظمات وترميم قسم من المنازل بقي ما يقارب 51 ألف نسمة في المخيمات ومراكز الإيواء بدون استجابة لهم”.

وأضاف حلاج أن مؤتمرا للمانحين عُقد في عام 2023 لمرتين لبحث الاستجابة لمتضرري الزلزال، الأول في أبريل/نيسان، جمع فيه 1.1 مليار دولار أميركي، وخُصص منها 400 مليون دولار لشمال غرب سوريا، ورغم توزيع المبلغ على المشاريع بشكل كامل، إلا أن نسبة الاستجابة التي تم تحقيقها كانت 53.73% من متضرري الزلزال.

وأما المؤتمر الثاني فقد عُقد في بروكسل وتم تخصيصه لمتضرري الزلزال في سوريا، وبلغت قيمة التبرعات فيه 5.41 مليارات دولار، وتم تنفيذ الاستجابة الإنسانية لخطة 2023 بنسبة 33%، وهي أدنى نسبة استجابة منذ عام 2014، بسبب فشل مجلس الأمن بتمديد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.