بيروتواشنطن- أثارت وفاة الطبيب الأميركي من أصل سوري مجد كم ألماز داخل سجون النظام السوري، التي كشفتها صحيفة “نيويورك تايمز” السبت الماضي، موجة من الاستياء، وأعادت التذكير بممارسات النظام السوري تجاه المعتقلين.

وكان مجد كم ألماز قد أسس “المعهد الدولي للتنمية النفسية الاجتماعية” في منطقة البقاع اللبنانية عام 2013، حيث أنشأ مركزين بهدف تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للاجئين في منطقة البقاع، لكن تم إغلاقهما في 2017 بعد عدة شهور من اختفائه.

وقالت ابنته مريم كم ألماز -في مقابلة مع وكالة أسوشيتد برس- إنه خلال اجتماع في واشنطن هذا الشهر مع 8 مسؤولين أميركيين كبار، تم تقديم معلومات استخباراتية حول الوفاة المفترضة لوالدها.

وذكرت مريم أن المسؤولين قالوا إنه على مقياس من واحد إلى 10، كان مستوى ثقتهم بوفاة والدها “9”. وقالت إنها سألت عما إذا كان قد تم استرداد أميركيين محتجزين آخرين بنجاح من داخل المعتقلات السورية، وقيل لها “لا”.

وفاة قبل سنوات

أشارت مريم كم ألماز إلى أن المسؤولين أخبروها أنهم يعتقدون بأن الوفاة حدثت قبل سنوات، وفي وقت مبكر من اعتقال والدها. وفي عام 2020، أخبر المسؤولون الأسرة أن لديهم سببا للاعتقاد بأنه توفي بسبب اضطرابات في القلب سنة 2017، لكن الأسرة تمسكت بالأمل وواصل المسؤولون الأميركيون السعي للتوصل لمعرفة ما جرى معه.

واستدركت قائلة “لم يؤكدوا لنا حقا مدى مصداقية المعلومات والمستويات المختلفة للتحقق الذي كان يجب أن تمر به حتى الوصول لهذه النتائج”.

ولم يرد البيت الأبيض أو مكتب التحقيقات الفدرالي، الذي يحقق في عمليات اختطاف الأميركيين في دول أجنبية، على أسئلة صحفية طلبت إيضاحات وتفاصيل أكثر عن ظروف الاعتقال والوفاة وكيفية الوصول لهذه النتيجة.

وكان الطبيب الأميركي السوري مجد كم ألماز قد اختفى في فبراير/شباط 2017، وكان عمره حينذاك 59 عاما في أثناء سفره إلى سوريا لزيارة أحد أفراد الأسرة المسنين. وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي إنه أوقف عند نقطة تفتيش تابعة للحكومة السورية بإحدى ضواحي دمشق ولم يسمع عنه شيء منذ ذلك الحين.

ويعد مجد كم ألماز واحدا من عديد من المواطنين الأميركيين الذين اختفوا في سوريا، بمن فيهم الصحفي أوستن تايس، الذي فُقد عام 2012 عند نقطة تفتيش في منطقة شرقي دمشق.

جدير بالذكر أنه عام 2020، وخلال الأشهر الأخيرة من حكم إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، زار مسؤولون أمنيون دمشق لحضور اجتماع رفيع المستوى بهدف التفاوض على إطلاق سراح أميركيين معتقلين ومختفين داخل سوريا، لكن جدوى، حيث لم يقدم الجانب السوري أي معلومات تثبت وجود معتقلين أميركيين أحياء، واعتبر أن المطالب الأميركية غير معقولة.

نشاط كم ألماز في لبنان

وفي حديث خاص للجزيرة نت، أشارت رندة علي، التي كانت تشغل منصب المساعدة الإدارية لمجد كم ألماز في لبنان، إلى أن المركز استهدف اللاجئين السوريين وفق تقييم نفسي واجتماعي، حيث شملت الفئات المستهدفة الأطفال والبالغين إلى المسنين والمصابين.

وأضافت أن خدمة المسح النفسي الاجتماعي شملت أكثر من 39 ألفا في مناطق متعددة بمحافظة البقاع بلبنان، سواء في المخيمات أو المنازل.

وسعت برامج المركز إلى تقديم دعم متخصص للأطفال المتضررين جراء الأزمة السورية، وشمل ذلك علاج الخوف والصدمات، والتبول اللاإرادي، وتنمية مهارات الإدارة الذاتية. واستفاد من هذه البرامج المختلفة ما يزيد على ألف طفل.

وأشارت رندة -في حديثها للجزيرة نت- إلى أن المركز تمكن من الحصول على الدعم المالي الضروري في بداية تأسيسه من خلال متبرعين وجمعيات، إلا أن تراجع هذا الدعم أجبر مجد كم ألماز على الاستناد إلى موارده الشخصية لتشغيل المركز خلال فترة 2016 وبداية 2017، وذلك قبل اختفائه.

ومن جهتها، أوضحت المؤسّسة المشاركة ورئيسة منظمة “كن في سلام” ريناتا كريسينزو، للجزيرة نت، أنها انضمت بصفتها متطوعة لتقديم المساعدة لمجد كم ألماز في لبنان عام 2017. وذكرت أن مجد سافر في البداية إلى لبنان لتقييم وضع اللاجئين الفارين من سوريا، ثم أسس مركزه هناك.

وأضافت كريسينزو أن مجد قدم الدعم النفسي للاجئين السوريين والمواطنين اللبنانيين وكل من عانى الصدمات والضغوط. وذكرت أنها زارت لبنان لفترة قصيرة (8 أيام في يناير/كانون الثاني 2017)، قبل 3 أسابيع من اختطاف مجد، لإجراء تقييم للاحتياجات والتعرف على العمل والثقافة.

برنامج لم يكتمل

وأشارت كريسينزو إلى أنها خططت للعودة في مارس/آذار 2017 لبدء البرنامج، لكن ذلك لم يحدث بسبب اختطافه. وخلال زيارتها في يناير/كانون الثاني، وثقت البرامج وما تعلمته في مذكرة صور على فيسبوك. وتقول “كنا نعتزم إنشاء برنامج جديد لكبار السن. لم يتم تنفيذه أبدًا لأنه تم اختطافه، وفي النهاية أُغلقت مراكزه بسبب نقص التمويل”.

وأصدرت مريم ابنة مجد بيانا ذكرت فيه أن والدها “شعر بأنه مدعو لخدمة سكان المناطق التي مزقتها الحرب والمتضررة من الكوارث، من كوسوفو إلى لبنان، وأيضا في الولايات المتحدة في أعقاب إعصار كاترينا”.

وأضافت أنه “عمل مع جهات محلية لتقديم الدعم النفسي وتدريب المهنيين المحليين ومجموعات متعددة بطريقة تراعي الثقافات المختلفة. كما قدم التمويل (غالبا من ماله الخاص) حتى يتمكن الاختصاصيون والخبراء النفسيون المحليون من تقديم دعم لبرامج الصحة العقلية المستدامة الذي تشتد الحاجة إليه”.

من جانبها، دعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الإدارة الأميركية إلى اتخاذ أقصى التدابير الممكنة ضد النظام السوري لقتله مواطنا أميركيا تحت التعذيب.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.