اليابان تتجه نحو تطوير أسلحة الليزر عالية الطاقة لمواجهة التهديدات المتزايدة

في تطور لافت يعكس سعيها لتعزيز قدراتها الدفاعية في ظل التوترات الإقليمية، كشفت مجلة نيوزويك الأمريكية عن قيام وكالة دفاع يابانية بتركيب نظام ليزر عالي الطاقة على متن سفينة حربية لإجراء تجارب بحرية مستقبلية. يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه المنطقة تصاعدًا في القوة العسكرية الصينية، وتدهورًا في العلاقات بين طوكيو وبكين، خاصةً بعد تصريحات يابانية حول إمكانية التدخل العسكري في حال فرضت الصين حصارًا على تايوان. هذا التوجه يمثل نقلة نوعية في استراتيجيات الدفاع اليابانية، ويدخل البلاد في منافسة تكنولوجية متزايدة في مجال الأسلحة الموجهة بالطاقة.

تطوير أسلحة الليزر: استجابة للتحديات الجيوسياسية

تعتبر أسلحة الليزر بمثابة “أسلحة موجهة بالطاقة”، حيث تستخدم الطاقة المركزة بدلاً من القذائف التقليدية أو الصواريخ لتدمير الأهداف. هذا النهج يوفر العديد من المزايا، أبرزها التكلفة المنخفضة نسبيًا لكل عملية إطلاق نار، بالإضافة إلى القدرة النارية شبه غير المحدودة، حيث لا تحتاج إلى إعادة التعبئة بالذخيرة.

فعالية الليزر في الدفاع البحري

تؤكد التقارير أن هذا السلاح الجديد يهدف بشكل أساسي إلى توفير دفاع فعال ضد المسيّرات والزوارق الهجومية السريعة، وهي التهديدات التي أصبحت أكثر انتشارًا وتعقيدًا في السنوات الأخيرة. التركيب على متن سفينة حربية يتيح اختبار قدرات النظام في بيئة بحرية واقعية، وتقييم أدائه في مواجهة الظروف الجوية المختلفة والتداخلات الإلكترونية.

تجارب ناجحة ونظام “أسوكا”

وفقًا لوكالة الدفاع اليابانية، فإن نظام الليزر عالي الطاقة قيد التطوير، وهو من فئة 100 كيلوواط، ويجري تجهيزه على متن السفينة التجريبية “جيه إس أسوكا” التابعة لقوات الدفاع الذاتي البحرية اليابانية. وقد خضع النظام بالفعل لتجارب برية أظهرت قدرته على إشعال قذيفة هاون وإسقاط طائرة مسيّرة صغيرة، مما يشير إلى تقدم كبير في هذه التكنولوجيا.

صور تم تداولها على منصة “إكس” في 3 ديسمبر 2025، أظهرت بالفعل نموذجًا أوليًا من هذا السلاح مثبتًا على متن السفينة “أسوكا”، مما أثار اهتمامًا واسعًا في الأوساط العسكرية والتقنية. هذا التطوير يأتي بعد فترة توقف قصيرة في التجارب، أعقبت اختبارات بندقية السكة الكهرومغناطيسية.

التحديات التقنية والقيود التشغيلية

على الرغم من الإمكانات الواعدة لأسلحة الليزر، إلا أنها لا تزال تواجه بعض التحديات التقنية والقيود التشغيلية. أحد أبرز هذه التحديات هو قدرة النظام على الاشتباك مع هدف واحد فقط في كل مرة، بالإضافة إلى الحاجة إلى الحفاظ على تركيز الليزر على الهدف لفترة زمنية معينة لتحقيق أقصى قدر من التأثير.

بالإضافة إلى ذلك، تتأثر فعالية أسلحة الليزر بالظروف الجوية، مثل الضباب والأمطار والغبار، والتي يمكن أن تقلل من قدرة الليزر على الوصول إلى الهدف بدقة. هذه العوامل تتطلب تطوير أنظمة متقدمة للتحكم في الليزر وتصحيح مساره، بالإضافة إلى استخدام تقنيات استشعار متطورة لتحديد الأهداف وتتبعها في مختلف الظروف.

التعاون الدولي وتأثير المدمرة الأمريكية “يو إس إس بريبل”

لا يقتصر تطوير أسلحة الليزر على اليابان وحدها، بل يشهد هذا المجال اهتمامًا متزايدًا من قبل العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة. فقد نشرت البحرية الأمريكية المدمرة “يو إس إس بريبل” المزودة بسلاح ليزر (هيليوس) بقدرة 60 كيلوواط في اليابان منذ أكتوبر 2024.

هذا التعاون الدولي في مجال الأسلحة الموجهة بالطاقة يعكس إدراكًا مشتركًا لأهمية هذه التكنولوجيا في مواجهة التهديدات الأمنية المتطورة. كما أنه يشير إلى رغبة في تبادل الخبرات والمعرفة، وتسريع عملية تطوير ونشر هذه الأسلحة. الدفاع الجوي بالليزر يمثل إضافة قوية لقدرات السفن الحربية.

مستقبل الأسلحة الموجهة بالطاقة

يمثل تطوير نظام ليزر عالي الطاقة في اليابان خطوة مهمة نحو مستقبل الأسلحة الموجهة بالطاقة. من المتوقع أن تشهد هذه التكنولوجيا تطورات كبيرة في السنوات القادمة، مما سيؤدي إلى زيادة فعاليتها وتقليل قيودها التشغيلية.

بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن نشهد ظهور أنواع جديدة من الأسلحة الموجهة بالطاقة، مثل الأسلحة الميكروويفية، والتي تستخدم موجات الميكروويف لتدمير الأهداف. هذه التطورات ستغير بشكل جذري طبيعة الحروب الحديثة، وستفرض تحديات جديدة على استراتيجيات الدفاع التقليدية. الاستثمار في تكنولوجيا الليزر يعتبر ضروريًا لمواكبة التطورات العسكرية.

في الختام، يمثل تطوير اليابان لسلاح الليزر خطوة استراتيجية هامة في سياق التوترات الإقليمية المتزايدة. مع استمرار التقدم التكنولوجي، من المرجح أن تلعب أسلحة الليزر دورًا متزايد الأهمية في الدفاع البحري والأمن القومي. نحن في بداية عصر جديد من الأسلحة الموجهة بالطاقة، ومن الضروري متابعة هذه التطورات عن كثب وتقييم تأثيرها على مستقبل الأمن العالمي.

شاركها.
اترك تعليقاً