لندن- كشف تقرير صادر عن 3 منظمات حقوقية هي “حركة الشباب الفلسطيني” و”عاملون من أجل فلسطين حرة” و”بروغرسيف إنترناشيونال”، عن تفاصيلِ صادرات أسلحة بريطانية لإسرائيل، مرفقةٍ بوثائق رسمية من مصلحة الضرائب الإسرائيلية.

وسلط التقرير، الذي نشر صباح اليوم الأربعاء، الضوء على استمرار توريد شحنات عسكرية واسعة النطاق، منذ بداية الحرب على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى تاريخ مارس/آذار 2025.

ويأتي هذا التقرير رغم إعلان الحكومة البريطانية عن تعليق جزئي لبعض تراخيص تصدير الأسلحة لإسرائيل في سبتمبر/أيلول 2024، بعد أن تم نقل أكثر من 8630 شحنة ذخيرة منذ ذلك الحين.

وبينما لم يطرأ أي تغيير على نمط شحن أجزاء الطائرات، أثيرت تساؤلات حول مدى الالتزام الرسمي بالإيقاف المزعوم، وهو ما اعتبرته مجموعة برلمانية تضليلا للرأي العام والبرلمان، وطالبت بالتحقيق خلال جلسة برلمانية صباح الأربعاء.

ادعاءات ضد الخارجية

أفاد التقرير بأن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي “ضلّل البرلمان والجمهور” بشأن طبيعة الصادرات العسكرية إلى إسرائيل، مستشهدا بتصريحه أمام مجلس العموم حيث قال “معظم ما نرسله إلى إسرائيل ذو طبيعة دفاعية، مثل الخوذات أو النظارات الواقية، وليس ما نُطلق عليه عادةً الأسلحة”.

ورغم إعلان وزير الخارجية وزميله وزير التجارة جوناثان رينولدز في سبتمبر/أيلول الماضي عن وقف تصدير مكونات طائرات “إف 35” فإن التقرير يُظهر أن شحنات هذه الأجزاء استمرت بالوصول بشكل مباشر من المملكة المتحدة إلى إسرائيل حتى مارس/آذار الماضي، بما يتعارض مع التصريحات الرسمية ويضع الحكومة في “خطر واضح”.

واستخدمت الحكومة في تقريرها التعبير ذاته، حين حظرت تصدير الأسلحة لإسرائيل، خشية التورط في انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي، بينما يفند التقرير هذا الادعاء، موثقًا آلاف الشحنات التي تضم أسلحة وذخائر.

واطلعت الجزيرة نت على التقرير الذي كشف الأسلحة التي تصنّف على أنها “ذخائر حرب” ضمن الفئات التالية:

  • قنابل، قذائف يدوية، ألغام، صواريخ، وذخائر مشابهة.
  • أجزاء من المسدسات والبنادق.
  • قواذف صواريخ، وقاذفات لهب، وقاذفات قنابل.
  • دبابات ومركبات قتالية مدرعة مزوّدة بأسلحة أو بدونها.
  • شحنة واحدة وثّقها التقرير شملت 150 ألف رصاصة أُرسلت في أكتوبر/تشرين الأول 2023.

مطالبات بالتحقيق

في خطوة غير مسبوقة، قدم نواب من حزب العمال الحاكم صباح اليوم شكوى برلمانية ضد قيادة الحزب، مطالبين بفتح تحقيق فوري وباستقالة وزير الخارجية ديفيد لامي، في تصعيد يكشف انقساما داخل الحزب.

كما طالبوا رئيس الوزراء كير ستارمر بأن “يتحرك فورا لفرض حظر على السلاح وضمان عدم مشاركة المملكة المتحدة في هذه الجرائم اللاإنسانية وغير القانونية”.

وتقدم بهذا الطلب النائب العمالي ووزير المالية السابق جون ماكدونيل، الذي صرح للجزيرة نت أن “على الحكومة أن تقدم تفسيرا عاجلا لهذا التقرير الصادم، خصوصا بعد ادعاء أن لامي ومسؤولين آخرين قد ضللوا البرلمان والجمهور”.

وأضاف أنه “إذا أثبت التحقيق صحّة هذا الأمر، فإنها مسألة تستوجب الاستقالة، بل وأكثر من ذلك، قد يُعد تواطؤا في جرائم حرب”، وأردف “لقد أحاطت الحكومة شحنات السلاح المرسلة إلى إسرائيل بالسرية، وهو أمر يفترض أن يكون معلنا للرأي العام. إن ما حصلنا عليه من أدلة هو أمر مقلق”.

وشدد ماكدونيل على ضرورة التوقف الفوري عن تصدير أي نوع من السلاح البريطاني إلى إسرائيل “لضمان عدم استخدام أي منه في خطط نتنياهو الجديدة والمروعة لضم غزة وتطهيرها عرقيا” حسب قوله.

بدورها انضمت النائبة زارا سلطانة عن حزب العمال للمطالبة بفتح التحقيق. وصرحت للجزيرة نت أن “هذا التقرير يُظهر أن الحكومة كانت تكذب بشأن الأسلحة التي ترسلها إلى إسرائيل، في الوقت الذي ترتكب فيه إبادة جماعية في غزة”.

وأوضحت أنه “بعيدا عن الخوذات والنظارات، كانت الحكومة ترسل آلاف الأسلحة والذخائر، بل وتواصل تزويد إسرائيل بأجزاء من أخطر الطائرات المقاتلة في العالم”، وأضافت أنه “حسب اعتراف الحكومة نفسها، فإن استمرار تصدير هذه الأجزاء يعرّض المملكة المتحدة لخطر واضح بخرق القانون الدولي”.

وانضم لهذه الشكوى النائب المستقل جيريمي كوربن، زعيم حزب العمال السابق، حيث صرح للجزيرة نت أن “الحكومة لم تزد حتى الآن على دعوتنا لإجراء تحقيق عام وكامل بدور المملكة المتحدة في العدوان العسكري الإسرائيلي على غزة، لكن هذا التقرير الصادم قد يفسّر السبب”.

وتساءل “متى ستصارح الحكومة الشعب بحقيقة التعاون العسكري مع إسرائيل؟ الجمهور يستحق أن يعرف مدى تواطؤ المملكة المتحدة في جرائم ضد الإنسانية، ولن نتوقف حتى نكشف الحقيقة”.

البعد القانوني

من ناحية أخرى، علّق المحامي بيت ويذربي في مكتب “غاردن كورت تشامبرز” الذي تابع التقرير من ناحية قانونية، في حديثه للجزيرة نت أن “هناك تساؤلات عاجلة حول التناقض بين الموقف العلني للحكومة والمعلومات التي يكشفها التقرير، والتي تفيد بأن المملكة المتحدة تواصل تزويد إسرائيل بأجزاء من طائرات تسببت في دمار هائل في غزة”.

وأردف أن “رأي محكمة العدل الدولية في يوليو/تموز 2024 بشأن عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي، وأوامرها المتكررة في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، جعلت التزامات المملكة المتحدة القانونية واضحة”.

وأضاف موضحا أنه “لا ينبغي لأي من الدول الموقعة على الاتفاقيات الدولية تقديم أي دعم أو مساعدة لإسرائيل فيما يتعلق باحتلالها غير القانوني، بل يجب عليها اتخاذ كل الخطوات المعقولة لوقف الإبادة الجارية، وضمان التزام إسرائيل باتفاقية جنيف الرابعة”.

كما اعتبر أن التقرير يتهم الوزير لامي بتضليل البرلمان والجمهور، وطالب رئيس الوزراء ستارمر بالبدء بتحقيق كامل في هذه الاتهامات، وإذا ثبتت، “فعلى لامي أو أي وزير آخر خرَق القواعد أن يستقيل”.

فيما أكد أن استمرار الصادرات البريطانية إلى إسرائيل قد يؤدي إلى مسؤولية جنائية فردية ومسؤولية قانونية على الدولة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية.

وشدد على أنه “آن الأوان أن تفي المملكة المتحدة بالتزاماتها القانونية بفرض حظر كامل على الأسلحة لإسرائيل ووقف كل الصادرات والتحويلات، بما في ذلك المواد ثنائية الاستخدام أو التي يُزعم أنها غير هجومية ويمكن استخدامها ضد الفلسطينيين”.

شاركها.
اترك تعليقاً