العلاقات الإثيوبية الإريترية: تحديات الماضي وفرص المستقبل

أكد وزير الخارجية الإثيوبي، جيديون تيموثاوس، أن العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا لا تزال تشكل أحد أبرز التحديات الإقليمية المعقدة، مشيرًا إلى أن منطقة القرن الأفريقي تعيش مرحلة “بالغة الاضطراب” على الرغم من ما تمتلكه من موارد طبيعية وبشرية وفرص تنموية واعدة. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال منبر سياسي نظمته جامعة أديس أبابا بالتعاون مع مجلة “هورن ريفيو”، بحضور عدد من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين.

تاريخ من التوتر بين إثيوبيا وإريتريا

أشار تيموثاوس إلى أن العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا تُعد من أبرز بؤر التوتر المزمنة في المنطقة. موضحًا أن اتفاقية الجزائر الموقعة عام 2000 أنهت الحرب النشطة دون معالجة جذور الخلاف، مما أبقى البلدين في حالة “اللاحرب واللاسلم” حتى مبادرة أديس أبابا للتقارب عام 2018، والتي لم تستمر بسبب رفض أسمرة للعلاقات الطبيعية. وأضاف أن التوتر بين إثيوبيا وإريتريا ليس حالة استثنائية، بل هو امتداد لصراعات متواصلة منذ ستينيات القرن الماضي.

أسباب استمرار التوتر

وانتقد تيموثاوس التفسير السائد الذي يربط التوتر بطموحات إثيوبيا البحرية، واصفًا إياه بأنه “تبسيط خاطئ” لا يعكس تعقيدات الواقع السياسي والأمني بين البلدين. مشيرًا إلى 5 عوامل رئيسية تفسر استمرار حالة عدم الاستقرار بين أديس أبابا وأسمرة، أبرزها تدخل الحكومة الإريترية في الشأن الداخلي الإثيوبي، وتحول القيادة الإريترية إلى أداة بيد قوى خارجية تسعى لإضعاف إثيوبيا وزعزعة استقرارها. وأوضح أن ما وصفه بـ”عقيدة أسياس أفورقي” تقوم على فرضية أن بقاء الدولة الإريترية يتطلب حالة دائمة من انعدام الأمن وعدم الاستقرار في إثيوبيا.

رؤية إثيوبيا للمنطقة والتكامل الاقتصادي

فيما يتعلق برؤية بلاده للمنطقة، أوضح تيموثاوس أن إثيوبيا تعتمد نهجًا يقوم على التكامل الاقتصادي الإقليمي، مع احترام سيادة ووحدة الدول. معتبرًا أن تحقيق هذا الهدف يتطلب ربط البنى التحتية وتعزيز التجارة والاستثمار بين دول المنطقة. وأشار إلى أن توحيد الجهود الإقليمية يمكن أن يحول القرن الأفريقي إلى محرك للنمو في القارة، مؤكدًا أن إثيوبيا تتحمل دورًا فريدًا في دعم هذه الرؤية وتحويلها إلى واقع ملموس.

الممرات البحرية وأولوية ميناء عصب

وفيما يخص الممرات البحرية، شدد الوزير على أن ميناء عصب يمثل أولوية حالية لبلاده نظرًا لقربه الجغرافي وارتباطه بعوامل تاريخية واستثمارية. لافتًا إلى أن الحكومة الإثيوبية استثمرت مبالغ كبيرة في تطوير البنية التحتية، بما في ذلك السكك الحديدية والطرق السريعة، لتعزيز الربط مع الميناء وتحقيق الاستفادة المثلى منه.

دعوة للحوار وبناء المستقبل

وفي ختام كلمته، دعا الوزير الحكومة الإريترية إلى الانخراط في حوار بنّاء وتغليب منطق التعاون على الصراع. مشددًا على أن العالم لا يحتمل 30 عامًا أخرى من الفقر والفوضى والنزاعات. وقال تيموثاوس “حان الوقت لأن نتحرر من أسر الماضي، وأن نصبح أسياد مستقبلنا عبر الحوار والتعاون”.

فرص التعاون الإقليمي والدولي

وردًا على أسئلة الحضور، قال الوزير إن إثيوبيا تمر بمرحلة صعود لا يمكن إيقافها، مشيرًا إلى أن إدراك هذا الواقع من قبل الأشقاء في مصر سيفتح المجال أمام فرص تعاون تحقق مصالح مشتركة. وأكد أن الحكومة الإثيوبية لا تتأثر بالتصريحات الاستعراضية أو الخطابات الموجهة لإزعاجها، مشددًا على تصميم بلاده على المضي قدمًا في سياساتها وتحقيق أهدافها الإستراتيجية دون تراجع.

دعم جهود السلام في السودان

وفيما يتعلق بالأزمة السودانية، أشار تيموثاوس إلى استمرار دعم الحكومة الإثيوبية لجهود إنهاء النزاع، من خلال وساطات هادئة بعيدًا عن الأضواء، لتفادي تعقيد المشهد بتعدد المبادرات العلنية، بما يعزز فرص التوصل إلى حل سياسي مستدام.

خاتمة

في الختام، أكد تيموثاوس أن إثيوبيا ترى في التكامل الاقتصادي الإقليمي الطريق الأمثل لتعزيز التعاون والسلام المستدام مع إريتريا. مشيرًا إلى أن القواسم المشتركة بين الشعبين تمثل قاعدة صلبة لبناء مستقبل مزدهر للقرن الأفريفي، واقترح إنشاء منطقة تجارة حرة بين البلدين، إلى جانب الاستثمار المشترك في مشاريع البنية التحتية الحيوية، مؤكدًا أن هذا النموذج قابل للتوسع ليشمل جميع دول المنطقة.

شاركها.
اترك تعليقاً