واشنطن- فور الإعلان عن استكمال إجراءات الصفقة بين الولايات المتحدة وإيران، التي تم على إثرها إفراج كل طرف عن 5 محتجزين إضافة إلى وصول 6 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المفرج عنها من كوريا الجنوبية إلى الحسابات الإيرانية المسجلة في مصرفين قطريين، هاجمت عدة أطراف أميركية الصفقة.

ووصلت درجة الرفض ليصف أحد المعلقين يوم الصفقة بأنه “يوم عار في تاريخ السياسة الخارجية الأميركية”. بينما تنوعت هوية الرافضين من اللوبي الإسرائيلي المناوئ لأي تقارب، أو حتى تفاهم، في أي صورة بين واشنطن وطهران، إلى بعض المراكز البحثية اليمينية التي أصبح أهم ما يميزها خلال السنوات الماضية أجندة العداء لإيران.

كما انضم لهذا الرفض صقور الحزب الجمهوري ممن يستغلون حالة الاستقطاب العميقة التي تعانيها السياسة الأميركية، ليهاجموا أي موقف أو سياسة تتبناها إدارة الرئيس جو بايدن خاصة مع حلول موسم الانتخابات الأميركية.

وكرر هؤلاء مغالطات وادعاءات هدفت لإحراج إدارة الرئيس بايدن، والتأكيد على ضرورة مهاجمة النظام الإيراني بكل الصور الممكنة.

وأشار مدير “مؤسسة دراسات دول الخليج” جورجيو كافيرو، إلى صعوبة القرار الذي اتخذه في النهاية الرئيس جو بايدن. وفي حديث للجزيرة نت، قال كافيرو إن “الرئيس وفريقه قدروا أن هذه الخطوة هي الطريقة الوحيدة القابلة للتطبيق لتأمين إطلاق سراح هؤلاء المواطنين الأميركيين الخمسة الذين كانوا محتجزين في إيران”.

ويشير كافيرو أيضا إلى أن مبلغ 6 مليارات دولار المحول من البنوك الكورية الجنوبية إلى قطر هي أموال إيرانية من عائدات بيع النفط، وبالتالي كان يحق لإيران الحصول على تلك الأموال. “إضافة إلى ذلك، فإن الشعب الإيراني الذي عانى من العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة سيستفيد من القليل من الإغاثة الاقتصادية نتيجة لهذه الصفقة الإنسانية”.

“يوم مخجل”

وغرد ريتش غولدبيرغ، مسؤول ملف إيران السابق بمجلس الأمن القومي في عهد دونالد ترامب، والخبير حاليا بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مركز بحثي يميني، قائلا إن “6 مليارات دولار توجهت إلى الخزائن الإيرانية. يوم مخجل آخر في السياسة الخارجية الأميركية”.

وقال غولدبيرغ إن “هذه ليست صفقة رهائن بقيمة 6 مليارات دولار، إنها جزء من صفقة نووية غير قانونية بقيمة 50 مليار دولار. ويجب على مجلس النواب تمرير قرار مشترك بالرفض، يرفض الصفقة الجديدة، ويمنع الرئيس بايدن من الإفراج عن مزيد من الأموال”.

في حين عبرت منظمة “آيباك”، كبرى منظمات اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، عن خيبة أملها في تغريدة على منصة “إكس”، قالت فيها “إنها أخبار جيدة عندما يتم إطلاق سراح أميركيين أبرياء. هذا التبادل كان ضروريا فقط لأن النظام الإيراني يحتجز الأميركيين رهائن للحصول على فدية ونفوذ. وتُظهر سياسة إيران الوجه الحقيقي لنظام يستهدف باستمرار مواطني الولايات المتحدة وحلفاءها ومصالحها”.

من جانبه، اعتبر خبير الشؤون الدولية بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ديفيد بولاك، أنه “على المستوى الشخصي، من الواضح أن هذا مصدر ارتياح للرهائن وعائلاتهم، لكنه سيشجع فقط على احتجاز مزيد من الرهائن في إيران في وقت لاحق بعد مكافأتها بمليارات الدولارات”.

وفي حديث للجزيرة نت، أضاف بولاك أن الصفقة الجديدة “ربما تؤجل أزمة نووية كبرى، ولكنها لا تساعد على استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة، التي ترفضها إيران الآن تماما. لذا فإن الصفقة ليست سياسة ذكية على المدى الطويل”.

ويتفق السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، عضو لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، مع الطرح السابق، ويقول في سلسلة تغريدات على منصة “إكس” إن “جوهر هذه الصفقة سيكون كارثيا لمصالح الأمن القومي الأميركي لعقود قادمة. الآن أصبح من الواضح لأي دولة أو منظمة إرهابية أن اختطاف أميركيين هو مسعى مربح للغاية”.

وأشار السيناتور غراهام، إلى أن الرد المناسب كان في تحدي “النظام الإرهابي” في إيران وتوضيح أنه إذا لم يطلقوا سراح الأميركيين الأبرياء، فإن الإيرانيين هم الذين يدفعون الثمن الباهظ.

دبلوماسية الرهائن معطلة

من ناحيته، اعتبر موقع “منظمة الدفاع عن الديمقراطيات” أن مصطلح “دبلوماسية الرهائن” هو مصطلح مضلل، وأضاف أن ما نتحدث عنه حقا هو أن “الدكتاتوريين يختطفون ويعذبون المدنيين الأجانب الأبرياء”.

وقال إنه “في بعض الحالات، يدفع قادة الدول الحرة فدية لاستعادتهم، وفي بعض الحالات، يطالب الدكتاتوريون أيضا بالإفراج عن المجرمين المدانين الذين كانوا أو يمكن أن يكونوا مفيدين لهم، في بعض الحالات، أو كلاهما في وقت واحد”.

واعتبرت منظمة الدفاع عن الديمقراطيات أن “جمهورية إيران الإسلامية هي الراعي الرئيسي للإرهاب في العالم. وفي عام 1979، وفي انتهاك لأبسط القوانين الدولية، استولى عملاؤها على السفارة الأميركية في طهران، واحتجزوا 66 مواطنا أميركيا رهائن، منهم 52 لمدة 444 يوما”.

وألقت المنظمة الضوء على ما تعتبره “تهديد النظام في طهران الإسرائيليين بالإبادة الجماعية وتوفير الأسلحة لفلاديمير بوتين حتى يتمكن من الاستمرار في ذبح الأوكرانيين لرفضهم الخضوع له. وأكدت أنه “من شبه المؤكد أن هذا مجرد جزء من صفقة أوسع يتم إخفاؤها عن الشعب الأميركي وعن الكونغرس، في انتهاك واضح للدستور الأميركي”.

من جانبه، أرسل السيناتور الجمهوري من ولاية أركانسو، توم كوتون، رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن يطلب فيها معلومات حول مدفوعات إدارة بايدن البالغة 6 مليارات دولار لإيران، فضلا عن تفاصيل إطلاق سراح 5 عملاء إيرانيين.

وقال كوتون مخاطبا بلينكن “يجب عليك التراجع عن اتفاقك في 11 سبتمبر/أيلول الجاري، الذي يشجع إيران على أخذ مزيد من الرهائن، ويمنح النظام مليارات الدولارات. إذا لم يتم إلغاء الصفقة، يجب على الأقل ترحيل جميع العملاء الإيرانيين من الأراضي الأميركية”. وطالبه كذلك بالرد كتابيا على الأسئلة التالية في موعد أقصاه الساعة 5:00 مساء يوم الجمعة 22 سبتمبر/أيلول 2023:

  • يرجى تقديم التفاصيل الكاملة لاتفاق إدارة بايدن مع إيران في 11 سبتمبر/أيلول الجاري في ما يتعلق بالسجناء، منها أي صفقات جانبية أو اتفاقات ذات صلة.
  • يقال إن العملاء الإيرانيين يخططون للبقاء في الولايات المتحدة مرحلين بموجب قوانين الهجرة لدينا. لماذا؟
  • ما الخطة التي وضعتها إدارة بايدن لمراقبة أنشطة واتصالات العملاء الإيرانيين الذين وافقت على الإفراج عنهم؟

استطلاعات معارضة

وأجرى موقع “فري بيكون” اليميني المحافظ، والقريب من فكر الرئيس السابق ترامب، استطلاعا للرأي جرى على 800 شخص بين يومي 12 و14 سبتمبر/أيلول الجاري، أظهرت نتائجه رفض أغلبية الأميركيين لمثل هذا الاتفاق.

وأشار الاستطلاع الذي أجرته منظمة يمينية غير ربحية، إلى رفض 55% من الناخبين المحتملين الأسبوع الماضي صفقة تبادل السجناء. وقال 28% فقط من الـ 800 مشارك إنهم يؤيدون الإفراج عن السجناء، بينما قال 17% إنه ليس لديهم رأي.

وتأتي هذه النتائج في وقت أشاد فيه الرئيس بايدن ووزير خارجيته وقادة المشرعين الديمقراطيين بالاتفاق، مع إجماعهم على ضرورة استمرار التشدد مع النظام الإيراني.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.