مع اقتراب شهر رجب، يزداد الاهتمام بموعد رؤية الهلال، خاصةً مع استعداد المسلمين لاستقبال شهر رمضان المبارك. ورغم أن رصد الهلال الجديد هو ممارسة شهرية روتينية، إلا أن هذه الرقبة تتزايد أهميتها بدءًا من شهر رجب، حيث يترقب المسلمون تحديد بداية الأشهر الهجرية.
تحديد بداية الأشهر الهجرية يعتمد في الشريعة الإسلامية على مبدأ “الرؤية”، أي رصد الهلال مباشرة بعد غروب الشمس في اليوم التاسع والعشرين من الشهر السابق، والذي يوافق في هذه الحالة 29 جمادى الآخرة 1447 هـ. تعتمد عملية الرؤية على عوامل فلكية وظروف جوية دقيقة.
دورة القمر وأثرها على رؤية الهلال
لفهم كيفية حدوث رؤية الهلال، يجب أولاً فهم دورة القمر. من منظورنا على الأرض، تبدأ أطوار القمر بالهلال الجديد، والذي قد يظهر في أي من الشهور القادمة. مع مرور الأيام، تزداد الفترة التي يبقى فيها القمر مرئيًا في السماء بعد غروب الشمس، بمعدل يقارب 50 دقيقة يوميًا.
يعود هذا التغير إلى دوران القمر حول الأرض، مما يجعله يبدو وكأنه يتحرك بعيدًا عن الشمس تدريجيًا. وإذا تصورنا عكس هذه العملية، أي إعادة الزمن إلى الوراء، فسوف نرى القمر يقترب من الشمس حتى يلتقي بها في السماء.
تُعرف هذه اللحظة بـ “الاقتران”، وهي تمثل بداية الشهر القمري. في هذه المرحلة، لا يمكن رؤية القمر بالعين المجردة، ولكنها نقطة مرجعية مهمة للفلكيين والجهات الشرعية لتوقع بداية الشهر الهجري.
كلما حدث الاقتران في وقت مبكر قبل موعد رصد الهلال، زادت فرص رؤية الهلال الجديد، وبالتالي تحديد بداية الشهر الهجري.
توقعات رؤية هلال رجب لعام 2025
وفقًا للحسابات الفلكية، من المتوقع أن يحدث اقتران القمر مع الشمس يوم السبت 20 ديسمبر/كانون الأول 2025 في تمام الساعة 01:43 بتوقيت غرينتش. هذا التوقيت يقترب من وقت الفجر.
ونظرًا لقرب موعد الاقتران من الفجر، قد لا تكون هناك فرصة لرؤية الهلال بالعين المجردة أو حتى باستخدام التلسكوب في معظم الدول العربية والإسلامية. يعود ذلك إلى ضعف إضاءة الهلال واقترابه الشديد من الأفق.
يشير مركز الفلك الدولي، استنادًا إلى المنظومة الحسابية التي طورها الأستاذ روبرت هاري فان غينت من جامعة أوترخت الهولندية، إلى أن الظروف الفلكية قد لا تكون مواتية لرؤية الهلال في هذا اليوم. وتعتبر هذه الحسابات الفلكية من الأدوات الهامة التي يعتمد عليها المختصون في تحديد مواعيد الشهور الهجرية.
وبالتالي، فإن يوم 20 ديسمبر/كانون الأول يمثل نهاية شهر جمادى الآخرة في أغلب الدول العربية والإسلامية، وقد يكون يوم 21 ديسمبر/كانون الأول هو المتمم له، مما يعني أن غرة رجب قد تكون يوم الاثنين الموافق 22 ديسمبر/كانون الأول.
العوامل المؤثرة في رؤية الهلال
تتأثر رؤية الهلال بعدة عوامل، بما في ذلك موقع الرصد الجغرافي، والظروف الجوية (مثل الغيوم والأتربة)، وارتفاع الهلال فوق الأفق، وعمر الهلال. كل هذه العوامل تلعب دورًا في تحديد ما إذا كان الهلال مرئيًا أم لا.
بالإضافة إلى ذلك، يلعب وضوح الرؤية الجوية دورًا حاسمًا. فكلما كانت السماء صافية وخالية من العوائق، زادت فرص رؤية الهلال. وتعتبر المناطق الصحراوية والجبلية من أفضل المواقع لرصد الهلال، نظرًا لقلة الرطوبة والتلوث الضوئي.
وتعتبر التكنولوجيا الحديثة، مثل التلسكوبات والكاميرات المتخصصة، من الأدوات التي تساعد في رصد الهلال وتأكيد رؤيته. ولكن، يبقى الاعتماد على الرؤية الشرعية بالعين المجردة هو الأساس في تحديد بداية الشهور الهجرية.
من المتوقع أن تعلن الجهات الشرعية في الدول العربية والإسلامية عن بداية شهر رجب بعد غروب شمس يوم 21 ديسمبر/كانون الأول. يجب متابعة هذه الإعلانات الرسمية لتحديد بداية الشهر الهجري بدقة. وستعتمد الإعلانات على نتائج الرؤية الشرعية، مع الأخذ في الاعتبار الحسابات الفلكية التي تشير إلى صعوبة رؤية الهلال في هذا اليوم.















