في حدث فلكي مذهل، رصد علماء الفلك في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتك) انفجارا ضوئيا هائلا صادرا من عمق الكون، ناتجا عن ثقب أسود فائق الكتلة قام بابتلاع نجم ضخم. هذا الحدث الفريد، المعروف باسم “حدث التمزق المدي”، ألقى الضوء على الظواهر الكونية التي تحدث في أعماق الكون.
الثقب الأسود الذي سبب هذا الحدث يُعرف باسم “جيه 2245+3743″، وتبلغ كتلته نحو 500 مليون ضعف كتلة الشمس، ويقع على بعد 10 مليارات سنة ضوئية من الأرض. عندما اقترب النجم الضخم من الثقب الأسود بدرجة كافية، مزقته قوى الجاذبية العنيفة إلى شرائط طويلة من البلازما.
تلك المادة النجمية لم تختف فورا داخل الثقب الأسود، بل دارت حوله أولا في دوامة نارية هائلة، مولدة ضوءا أشد سطوعا من أي نجم أو مجرة قريبة. هذا الضوء استمر لفترة طويلة على غير العادة، مما يشير إلى أن الثقب الأسود ربما ما زال “يهضم” بقايا النجم حتى الآن.
التهام النجوم
الحدث كان مميزا ليس فقط لقوته، بل أيضا لأنه حدث داخل نواة مجرّية نشطة، أي في منطقة مزدحمة بالغازات والطاقة والإشعاعات. ورغم هذا الاضطراب، تمكن العلماء من التقاط الانفجار باستخدام مجموعة متنوعة من التلسكوبات.
الثقب الأسود العملاق، الذي يعتبر واحدا من أكبر الثقوب السوداء المعروفة، أظهر قدرة هائلة على ابتلاع المادة المحيطة به. هذا الحدث يعطي العلماء فرصة لدراسة الظواهر الكونية التي تحدث في أعماق الكون.
مراقبة متعددة الأطياف
رُصد الحدث لأول مرة بواسطة “مرصد زويكي لدراسة العبور” في كاليفورنيا، وهو نظام آلي يمسح السماء كل ليلة بحثا عن تغيّرات مفاجئة في السطوع. بعد ذلك، تم تأكيد المشاهدة باستخدام تلسكوبات متعددة حول العالم.
هذه المراقبة المتعددة الأطياف سمحت للعلماء بفهم تفاصيل مذهلة حول كيفية تسخين الغاز أثناء تمزقه، وكيف تتسارع المادة لتصل إلى سرعات تقارب سرعة الضوء. هذه الدراسة تساعد على الإجابة عن أسئلة جوهرية حول نمو الثقوب السوداء العملاقة.
تعتبر هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها رصد تدمير نجم بهذا الحجم في نواة مجرية نشطة. الضوء الذي نراه اليوم انطلق منذ 10 مليارات سنة، مما يعني أن العلماء يشاهدون فعليا كيف كانت الثقوب السوداء تتغذى في بدايات الكون.
النتائج التي تم الحصول عليها من هذا الحدث ستساعد العلماء على فهم المزيد حول كيفية نمو الثقوب السوداء العملاقة في قلب المجرات، ولماذا تنتج بعض أحداث التمزق هذه توهجات تفوق كل ما عرفناه من قبل.
في المستقبل، سيستمر العلماء في دراسة هذا الحدث بشكل أعمق، باستخدام البيانات التي تم جمعها من مختلف المراصد حول العالم. سيتم التركيز على فهم المزيد حول الظواهر الكونية التي تحدث في أعماق الكون.















