يبدو أن الحبار الفرعوني، ليس فقط مميزًا بسرعة نموه ودورة حياته القصيرة، بل اكتشف الباحثون مؤخرًا ميزة أخرى قد تمنحه قيمة علاجية مستقبلية. فقد أظهرت دراسة حديثة أن مركباً حيوياً مستخلصاً من هذا النوع البحري، يمكن أن يكون خياراً واعداً كمضاد للالتهاب، مما يعزز إمكانية استغلاله في الصناعات الدوائية والغذائية.

ينتمي الحبار الفرعوني إلى الأنواع البحرية الموجودة في البحر الأحمر والمناطق القريبة من مصر، وهي مناطق ارتبطت تاريخياً بالحضارة الفرعونية، ومن هنا اكتسب اسمه. ويُعرف هذا النوع بقيمته الغذائية العالية، حيث يتميز بانخفاض الدهون واحتوائه على أحماض دهنية غير مشبعة ومعادن وأحماض أمينية أساسية.

اكتشافات واعدة في خصائص الحبار الفرعوني المضادة للالتهاب

نشرت نتائج الدراسة في دورية “فود ريسيرش إنترناشونال”، وأظهرت أن المركب الحيوي المستخلص من الجزء الصالح للأكل من الحبار الفرعوني، أظهر قدرة ملحوظة على تثبيط مؤشرات الالتهاب والإجهاد التأكسدي في تجارب معملية. وقد أطلق الباحثون على هذا المركب اسم “إس بي بي-1”.

أوضح الباحثون من المعهد المركزي لبحوث مصايد الأسماك البحرية التابع للمجلس الهندي للبحوث الزراعية، أن “إس بي بي-1” نجح في تقليل إفراز عدد من الجزيئات الرئيسية المحفزة للالتهاب، مثل “إنترلوكين-6″ و”إنترلوكين-1 بيتا” و”عامل نخر الورم ألفا” و”أكسيد النيتريك”.

المركب الجديد نجح في تقليل إفراز عدد من أهم الجزيئات المحفزة للالتهاب (شترستوك)

تأثيرات إيجابية على الخلايا المناعية

وفي الخلايا البشرية المعروفة باسم “تي إتش بي-1″، خفض المركب مستويات الإنترلوكين-12، “عامل نخر الورم ألفا” و”إنترلوكين-1 بيتا”، بنسب وصلت إلى حوالي 80%. بالإضافة إلى ذلك، أدى إلى زيادة كبيرة في التعبير عن “عامل النمو المحول بيتا”، الذي يلعب دوراً مضاداً للالتهاب في تنظيم الاستجابة المناعية.

ويرجح الباحثون أن هذه الفعالية تعود إلى التركيب الكيميائي الفريد للمركب، خاصة وجود مجموعات الكبريت وأنواع محددة من السكريات الأحادية. هذه الخصائص تمنحه قدرة عالية على التفاعل مع الجزيئات الالتهابية وتعطيل نشاطها. كما أظهرت تحاليل التعبير الجيني انخفاضاً ملحوظاً في الجينات المرتبطة بالالتهاب، مثل “الإنترلوكين-2″ و”الإنترفيرون-غاما”.

الحبار الفرعوني كبديل طبيعي للعلاجات التقليدية

تأتي هذه النتائج في وقت يزداد فيه البحث عن بدائل طبيعية وآمنة للأدوية المضادة للالتهاب. فالعلاجات التقليدية، مثل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية والعلاجات البيولوجية، قد تسبب آثاراً جانبية مثل قرحة المعدة، وضعف المناعة، وزيادة خطر العدوى. وتشير الإحصائيات إلى أن الأمراض الالتهابية المزمنة تمثل أكثر من نصف أسباب الوفيات على مستوى العالم.

ويؤكد الباحثون أن الحبار الفرعوني، بفضل مركب “إس بي بي-1″، قد يشكل نقطة انطلاق لتطوير أدوية جديدة تستهدف الالتهاب والإجهاد التأكسدي. ومع ذلك، يشددون على الحاجة إلى إجراء المزيد من الدراسات قبل الانتقال إلى التجارب السريرية على البشر.

الحبار الفرعوني من الأنواع ذات القيمة الغذائية العالية (بيكسابي)

من المت

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version