كشف تحليل لعينات صخرية قمرية جمعتها مهمة “تشانغ آه-6” الصينية مؤخراً عن وجود شظايا من نيازك كربونية نادرة تحمل ماءً، وهو اكتشاف مثير قد يلقي الضوء على أصل المياه على القمر والأرض. يعتبر هذا الاكتشاف بمثابة كنز جيولوجي، حيث أن هذه النيازك الهشة سرعان ما تتفتت عند مرورها عبر الغلاف الجوي للأرض، مما يزيد من أهمية العثور عليها في بيئة القمر المحمية. هذا التحليل يعزز فهمنا لتاريخ النظام الشمسي وتكوينه.

أظهرت الدراسة، المنشورة في مجلة “بي إن إيه إس”، أن هذه الشظايا الصغيرة تم تحديدها في حوض أبولو على الجانب البعيد من القمر، وهي منطقة معروفة بالاصطدامات القديمة. تتميز هذه النيازك الكربونية بغناها بالماء والمركبات العضوية، مما يجعلها مركبات أساسية محتملة في المراحل المبكرة من تطور الكواكب. ويؤكد هذا الاكتشاف أهمية مهمة “تشانغ آه-6” في البحث عن موارد فضائية قيمة.

أهمية النيازك الكربونية في دراسة القمر

النيازك الكربونية، أو الكوندريتات الكربونية، هي نوع نادر من النيازك التي تحتوي على كميات كبيرة من الماء والمركبات العضوية، بالإضافة إلى معادن السيليكات. تشكل هذه النيازك أقل من 1% من النيازك التي يتم العثور عليها على الأرض، وذلك بسبب تركيبتها الهشة التي تجعلها تتفتت بسهولة خلال مرورها عبر الغلاف الجوي. ونتيجة لذلك، فإن العثور عليها على سطح القمر، حيث لا يوجد غلاف جوي، أمر بالغ الأهمية.

ونظراً لبنيتها المسامية، يمكن أن تحتوي هذه النيازك على نسبة عالية من الماء تصل إلى 20% من وزنها، مما يشير إلى أنها قد تكون لعبت دورًا هامًا في إيصال الماء إلى الأرض والقمر في المراحل الأولى من تكوين النظام الشمسي. تدرس البعثات الفضائية هذه الشظايا بهدف فهم أفضل لكيفية توزيع الماء في النظام الشمسي وتحديد مصادره.

مهمة تشانغ آه-6 والاكتشاف المذهل

في يونيو 2024، نجحت مهمة “تشانغ آه-6” الصينية في الهبوط على الجانب البعيد من القمر وجمع حوالي 1.9 كيلوغرام من العينات الصخرية والتربة القمرية. تعتبر هذه المهمة إنجازًا تاريخيًا، حيث أنها أول مهمة ناجحة لإعادة عينات من الجانب البعيد للقمر، وهو تحدٍ هندسي كبير نظرًا لعدم وجود اتصال مباشر مع الأرض من هذا الجانب.

وقام فريق من الكيميائيين الجيولوجيين بقيادة جينتوان وانغ وزيمينغ تشين من الأكاديمية الصينية للعلوم بتحليل هذه العينات. ركز الفريق على دراسة معدن الزبرجد، وهو معدن شائع في الصخور البركانية والنيزك، بهدف تحديد أصل أي شظايا نيزكية محتملة موجودة في العينات القمرية. أكد التحليل وجود سبع صخور نيزكية من الزبرجد والبورفيريت.

تحليل العينات وتحديد الأصل

استخدم الباحثون تقنيات متقدمة في تحليل التركيب النسيجي والعناصر النظائرية في العينات القمرية. وقد كشفت هذه التحاليل عن وجود اختلافات كيميائية ونظائرية واضحة بين العينات القمرية والشظايا النيزكية، مما يؤكد أن هذه الشظايا ليست جزءًا من تكوين القمر الأصلي. يُشير هذا إلى أن هذه الشظايا وصلت إلى القمر من خلال اصطدامات نيزكية قديمة.

تشير النتائج الأولية إلى أن هذه النيازك الكربونية ربما ساهمت في إمداد كل من القمر والأرض بالماء والمواد العضوية في المراحل المبكرة من تطورهما. ويؤكد هذا الاكتشاف على أهمية دراسة النيازك في فهم أصل الحياة على الأرض.

بشكل عام، يمثل هذا الاكتشاف خطوة مهمة في فهمنا لتاريخ النظام الشمسي، وتكوين القمر، ومصادر المياه على الكواكب. وتفتح الأبواب أمام مزيد من البحث والاستكشاف في المستقبل.

من المتوقع أن تُعاد العينات التي جمعتها مهمة “تشانغ آه-6” إلى الأرض في نهاية أبريل 2025، حيث سيتمكن العلماء من إجراء المزيد من التحاليل التفصيلية عليها باستخدام معدات متطورة. يجب مراقبة التقدم المحرز في تحليل هذه العينات وتفسير النتائج الجديدة، بالإضافة إلى التطورات في خطط بعثات استكشاف القمر المستقبلية، للحصول على رؤى أعمق حول تاريخ النظام الشمسي وأصل الحياة.

شاركها.
اترك تعليقاً