استطاع العلماء -للتوّ- سبر أغوار آخر 150 مليون سنة من التاريخ الجيولوجي للأرض، من خلال تحليل كيمياء الجيوب المجهرية من المياه المحفوظة في بلورات ملح البحر.

ومن خلال تتبع محتوى الليثيوم في الهاليت البحري -وهو ملح صخري ذو أصل بحري- تمكّن عالِما الكيمياء الجيولوجية: مبراتو ولدغبريل من جامعة برينستون وجامعة بينغهامتون، وتيم لوينشتاين من جامعة بينغهامتون، من إعادة بناء تاريخ الحركة التكتونية في قاع البحر. وقد نُشرت نتائج دراستهما في العدد الأخير من دورية “ساينس أدفانسز”.

الليثيوم وكيمياء المحيطات

يوضح ولدغبريل -في البيان الصحفي الصادر عن جامعة بينغهامبتون بتاريخ 2 أغسطس/آب الجاري- “هناك ارتباط وثيق بين كيمياء المحيطات وكيمياء الغلاف الجوي. مهما كانت التغيرات التي تحدث في المحيط، فإنها تعكس -أيضًا- ما يحدث في الغلاف الجوي”.

لا تحتوي مياه المحيط على الملح فقط. إنها خليط كيميائي يحتوي على معادن مختلفة بكميات تعكس العمليات المختلفة التي تحدث في أي وقت. ويحتوي الهاليت البحري بشكل خاص على جيوب صغيرة جدًا من الماء منذ وقت تشكله، مما يحافظ بشكل فعال على السجل الكيميائي للمحيطات في ذلك الوقت.

كان ولدغبريل ولوينشتاين قد حصلا على عينات الهاليت من التكوينات في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا وأفريقيا، باستخدام كيمياء أيونية رئيسة موثقة جيدًا. واستخدما في ذلك مثقاب ليزر لاستخراج الماء، بما مجموعه 639 من الشوائب السائلة من 65 بلورة هاليت، يعود تاريخها إلى 150 مليون سنة.

ثم حُلّلت هذه العينات لتحديد محتواها من الليثيوم. ويرجع ذلك، كما يقول الباحثان، إلى أن الليثيوم هو متتبع للنشاط الحراري المائي، وتحديدًا من فتحات في قاع البحر تطلق الحرارة والمواد الكيميائية في المحيط عند الحدود بين الصفائح التكتونية للأرض.

يقول الباحثان إن قطرات الماء الصغيرة التي حصلا عليها تظهر انخفاضًا بمقدار سبعة أضعاف في تركيز الليثيوم على مدار الـ 150 مليون سنة الماضية، وارتفاعًا مناظرًا في نسب المغنيسيوم إلى الكالسيوم. كان هذا بسبب انخفاض نشاط الصفائح التكتونية وإنتاج القشرة الكوكبية، مما أدى إلى تقليل النشاط الحراري المائي -كذلك-.

الغلاف المائي والغلاف الجوي للأرض مترابطان

نتيجة لهذا التدهور في النشاط الجيولوجي لم تكن مجرد انخفاض الليثيوم في الماء، بل كانت إطلاق كمية أقل بكثير من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. في المقابل، يمكن أن يكون هذا قد أسهم في التبريد الذي أنتج العصر الجليدي الأخير، الذي امتد للإطار الزمني ما بين 115 ألف إلى 117 ألف سنة مضت.

يأتي هذا العمل الجديد ليكمل العمل السابق للفريق البحثي، الذي أظهر أن نسب السترونشيوم في كبسولات من مياه البحر القديمة، تشير -أيضًا- إلى انخفاض في النشاط الحراري المائي خلال الفترة الزمنية نفسها.

يقول الباحثان إن التحليل يعطينا نظرة ثاقبة على الترابط بين أنظمة الأرض، وأهمية النشاط التكتوني للصفائح في تنظيم الغلاف المائي للأرض والغلاف الجوي. ويقول لوينشتاين “المحيطات والغلاف الجوي متصلة ببعضها، ومن ثم فإن التغير في أحدها مرتبط بالتغير في الآخر.

شاركها.
اترك تعليقاً

2024 © السعودية خبر. جميع حقوق النشر محفوظة.