أظهرت دراسة حديثة أن الفرق البحثية التي تضم نسبة كبيرة من الباحثين المبتدئين تحدث تغييراً علمياً كبيراً، حيث تساهم هذه الفرق في تكامل المعرفة وتقديم أفكار جديدة. وتشير النتائج إلى أن دمج الباحثين الجدد في الحقول العلمية يُعزز الابتكار والإبداع، وهي نتائج مهمة في سياق تطوير العلوم والبحث العلمي.

حلل الباحثون بيانات شملت 28 مليون ورقة بحثية نُشرت على مدى عقود، من عام 1971 إلى عام 2020، وتوزعت على أكثر من 140 مجالاً علمياً. وقد كشفت الدراسة عن علاقة قوية بين وجود عدد كبير من الباحثين الجدد في الفرق البحثية وزيادة مستوى الإبداع والابتكار في الأبحاث المنشورة، مما يسلط الضوء على أهمية دعم وتمكين الجيل القادم من العلماء.

قياس الإبداع في العلوم

عرف الباحثون “الإبداع” بأنه مدى انحراف البحث عن الاتجاهات السائدة في مجاله. بمعنى آخر، هل يمثل البحث نقلة نوعية أم أنه مجرد تكرار للأفكار الموجودة؟ أما “الابتكار” فقد قُيّم من خلال درجة إعادة تجميع المعرفة بطرق غير اعتيادية. وارتفعت كلا المؤشرات مع زيادة نسبة الباحثين المبتدئين في الفرق البحثية، بغض النظر عن حجم الفريق أو التخصص العلمي.

ويشير الدكتور ريان عبد الباطن، الباحث الرئيسي في الدراسة، إلى أن المبتدئين غالبًا ما يكونون أكثر انفتاحًا على المخاطرة وأقل التزامًا بالنماذج التقليدية. وهذا الانفتاح يسمح لهم باستكشاف أفكار جديدة وربط مفاهيم متباينة، مما يزيد من فرص تحقيق اكتشافات إبداعية. وتظهر الدراسة أن هذا التأثير يزداد قوة عندما يكون عدد المبتدئين كبيراً داخل الفريق. الأبحاث العلمية تشير إلى أن دمج أفكار جديدة يساعد على تجاوز العوائق التي تمنع التقدم العلمي.

دور المبتدئين في تطوير البحث العلمي

تُظهر نتائج الدراسة أن الفرق التي تضم عددًا كبيرًا من المبتدئين لا تقتصر على الاستشهاد بمصادر تقليدية فحسب، بل تميل أيضًا إلى استكشاف مصادر أدبية أوسع نطاقًا. ويوضح الباحثون أن هذا التنوع في المراجع يعكس قدرة المبتدئين على التفكير خارج الصندوق واستكشاف مسارات فكرية جديدة. ونتيجة لذلك، تحظى أوراقهم البحثية بمعدلات استشهاد أعلى، مما يشير إلى أن المجتمع العلمي يقدّر مساهماتهم.

بالإضافة إلى ذلك، تؤكد الدراسة على أهمية دمج الباحثين الجدد باستمرار في القوى العاملة العلمية. مع مرور الوقت، قد تميل الفرق البحثية إلى التصلب في أساليبها وأفكارها، مما يقلل من قدرتها على الابتكار. لذلك، فإن إدخال دماء جديدة بشكل منتظم يمكن أن يساعد في الحفاظ على ديناميكية وتنوع الأفكار التي تدفع التقدم العلمي. وهذا يتماشى مع مفهوم “علم العلوم” الذي يدرس تطور المعرفة العلمية ذاتها.

وتستخدم هذه الدراسة قاعدة بيانات “ساي ساي نت في 2″ لتحليل آلاف الأبحاث المنشورة. تسعى بيانات “ساي ساي نت في 2” إلى توفير رؤى قيمة للمجتمع العلمي حول كيفية تطور المعرفة العلمية وكيفية تحسين عملية البحث العلمي.

وفي الختام، تشير هذه الدراسة إلى أن الاستثمار في الباحثين المبتدئين وتوفير فرص لهم للمشاركة في الفرق البحثية هو أمر بالغ الأهمية لتعزيز الابتكار والإبداع في العلوم. ومن المتوقع أن تشجع هذه النتائج المؤسسات البحثية وصناع السياسات على تبني استراتيجيات جديدة لدعم الجيل القادم من العلماء. ومن أهم الأمور التي يجب متابعتها في هذا السياق هو كيفية ترجمة هذه النتائج إلى مبادرات عملية تهدف إلى زيادة تمثيل المبتدئين في الأبحاث العلمية خلال السنوات القادمة.

شاركها.
اترك تعليقاً