في شمال بوتسوانا، يواجه المزارعون تحديًا متزايدًا يتمثل في الأضرار التي تلحق بمحاصيلهم بسبب الفيلة البرية. ومع أن الفيلة تعتبر رمزًا وطنيًا ومحبوبًا، إلا أن دخول قطيع إلى حقل زراعي يمكن أن يدمر جهودًا مضنية بُذلت على مدار شهور. لذلك، يبحث العلماء عن حلول مبتكرة لـردع الفيلة عن المحاصيل الزراعية بطرق لا تضر بها أو بالمحاصيل نفسها.
تعتمد الحلول المقترحة على استغلال حساسية الفيلة تجاه النحل الأفريقي، حيث أن لسعات النحل، خاصة حول العينين والخرطوم، مؤلمة للغاية وتسبب إزعاجًا كبيرًا. وقد أظهرت الدراسات أن الفيلة تتجنب المناطق التي تشعر فيها بوجود النحل، مما يوفر فرصة لتطوير طرق غير ضارة لإبعادها عن الحقول.
أسوار خلايا النحل: استراتيجية جديدة لردع الفيلة
تعتبر فكرة “أسوار خلايا النحل” من بين الحلول الواعدة، حيث يتم وضع خلايا نحل حية على أعمدة حول الحقول الزراعية. تعمل هذه الخلايا كحاجز طبيعي يمنع الفيلة من الاقتراب، وذلك من خلال الجمع بين العائق المادي والصوتي والرائحي الذي يمثله النحل.
تستند هذه الاستراتيجية إلى ملاحظات سابقة، حيث أظهرت تجربة علمية أجريت عام 2007 أن غالبية الفيلة انسحبت عند سماع أصوات طنين النحل المضطربة، في حين لم تظهر أي ردة فعل تجاه الضجيج الأبيض. هذا يشير إلى أن الفيلة تربط صوت النحل بخطر اللسعات وتتجنبه.
في بوتسوانا، بدأت الباحثة تمبي آدامز من كلية العلوم البيولوجية والبيئية في اختبار هذه الفكرة محليًا. بدلاً من الاستثمار المباشر في بناء أسوار خلايا النحل، قامت بتشغيل تسجيلات لأصوات النحل في المناطق التي تتواجد فيها الفيلة، ومراقبة سلوكها، ثم مقارنتها بتشغيل أصوات الضجيج الأبيض كعنصر تحكم.
نتائج الدراسة وتحدياتها
أظهرت نتائج الدراسة، التي نشرت في دورية “باكيديرم”، أن حوالي 53.3% من مجموعات الفيلة أبدت تفاعلاً ملحوظًا عند سماع أصوات النحل، مقارنة بـ 26.6% في مجموعة الضبط. هذا يشير إلى أن صوت النحل له تأثير أكبر في ردع الفيلة من الضجيج الأبيض.
ومع ذلك، تشير الدراسة إلى أن فعالية هذه الطريقة قد تكون محدودة بسبب قلة وجود النحل في شمال بوتسوانا. يعزو العلماء ذلك إلى الظروف البيئية القاسية، بما في ذلك الجفاف، وقصر موسم الإزهار، ومحدودية الزراعة، مما يجعل من الصعب على النحل الازدهار.
بالإضافة إلى ذلك، قد لا تكون الفيلة التي لم تتعرض لسعات النحل من قبل لديها نفس مستوى الخوف من الطنين. وهذا يعني أن الاستجابة قد تختلف باختلاف المنطقة والفيلة.
ماذا بعد؟ مستقبل إدارة الصراع بين الإنسان والفيلة
تُظهر هذه الدراسة أن التركيز يجب أن يتحول من مجرد إخافة الفيلة إلى دعم وجود النحل في المناطق المتضررة. فقد يؤدي ذلك إلى تحسين التلقيح، وزيادة الإنتاج الزراعي، وتقليل الصراع بين الإنسان والفيلة في الوقت نفسه. تعتبر حماية النحل وتعزيز تكاثره من الاستثمارات الهامة في مستقبل الزراعة والحفاظ على البيئة في بوتسوانا.
من المتوقع أن يتم إجراء المزيد من الدراسات لتقييم فعالية طرق مختلفة لزيادة أعداد النحل في شمال بوتسوانا، بما في ذلك توفير مصادر المياه والغذاء، وتشجيع الزراعة المستدامة. كما سيتم استكشاف إمكانية استخدام أصوات النحل الاصطناعية كحل مؤقت لردع الفيلة، في انتظار تحقيق نتائج طويلة الأجل من خلال دعم النحل الطبيعي. من المهم مراقبة سلوك الفيلة وتقييم تأثير هذه التدخلات على المدى الطويل لضمان فعاليتها واستدامتها.
تعتبر قضية الحفاظ على الفيلة والحد من الأضرار التي تلحق بالمحاصيل الزراعية من القضايا المعقدة التي تتطلب حلولًا مبتكرة ومتكاملة. إن الجمع بين المعرفة العلمية والممارسات المحلية المستدامة هو المفتاح لتحقيق التوازن بين احتياجات الإنسان والحفاظ على التنوع البيولوجي.


