تخيّل مهمة فضائية مُعدّة للهبوط على كويكب، ثم اكتشاف قبل سنوات قليلة من الوصول أن الهدف أصغر بكثير مما كان متوقعًا ويدور بسرعة جنونية. هذا ما حدث مع الكويكب القريب من الأرض “1998 كي واي26″، الوجهة المخطط لها لمهمة “هيابوسا2” اليابانية في عام 2031. هذه المهمة، التي تهدف إلى جمع عينات من الكويكب، تواجه الآن تحديات جمة بسبب الاكتشافات الجديدة حول حجم وسرعة دوران هذا الكويكب.

بعد نجاح مهمة “هيابوسا2” في جلب عينات من الكويكب ريوغو عام 2020، بدأت المرحلة الممتدة من المهمة. وتشمل هذه المرحلة المرور بالقرب من الكويكب “سي سي20 2001” في عام 2026، وصولًا إلى “1998 كي واي26”. ومع ذلك، كشفت الملاحظات الحديثة عن تغييرات كبيرة في فهمنا لهذا الكويكب، مما يثير تساؤلات حول جدوى الهبوط عليه.

مهمة مستحيلة: تحديات الهبوط على الكويكب

أظهرت الملاحظات الجديدة من شبكة مراصد عالمية، بما في ذلك التلسكوب الكبير جداً في تشيلي، أن قطر الكويكب يبلغ حوالي 11 مترًا فقط، مع هامش خطأ يبلغ مترين. هذا أصغر بكثير من التقديرات السابقة التي كانت تضعه بالقرب من 30 مترًا. هذا الحجم الصغير يمثل تحديًا كبيرًا للهبوط، حيث يتطلب دقة فائقة في المناورة.

بالإضافة إلى ذلك، يبلغ يوم الكويكب حوالي 5.35 دقائق فقط، مما يعني أنه يدور حول نفسه بسرعة كبيرة. هذا الدوران السريع يجعل أي محاولة للمس السريع أشبه بمحاولة الإمساك بجسم متحرك بسرعة، مما يزيد من صعوبة المهمة. هذا يمثل تحديًا هندسيًا كبيرًا لفريق “هيابوسا2”.

صعوبات في تحديد التركيب

يصعب تحديد التركيب الدقيق للكويكب بسبب حجمه الصغير. تشير البيانات إلى أن سطحه عالي الانعكاسية، وأن له ألوانًا طيفية غير عادية. ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الكويكب عبارة عن صخرة متماسكة أم مجرد كومة من الحطام الرخو. إذا كان الكويكب عبارة عن كومة حطام، فقد يكون من المستحيل الهبوط عليه بأمان.

وفقًا للمرصد الأوروبي الجنوبي، فإن القوة التماسكية اللازمة لبقاء الكويكب متماسكًا قد تكون منخفضة جدًا. هذا يزيد من خطر تفكك الكويكب أثناء محاولة الهبوط، مما قد يعرض المركبة الفضائية للخطر.

التحديات الجمة و أهمية المهمة

على الرغم من هذه التحديات، لا تزال مهمة “هيابوسا2” مستمرة. حتى لو لم يتمكنوا من الهبوط على الكويكب، فإن المهمة ستوفر بيانات قيمة حول هذه الأجسام الصغيرة. هذه البيانات يمكن أن تساعد العلماء على فهم أصل النظام الشمسي وتطور الكويكبات.

تعتبر هذه المهمة أيضًا تدريبًا عمليًا على التعامل مع الأهداف الصغيرة وسريعة الدوران، وهو ما يخدم أفكار الدفاع الكوكبي مستقبلًا. فالكويكبات الصغيرة مثل “1998 كي واي26” يمكن أن تشكل خطرًا على الأرض، وفهم كيفية التعامل معها أمر بالغ الأهمية.

الدفاع الكوكبي يتضمن ثلاثة خطوات رئيسية: الاكتشاف المبكر، وتقييم الخطر، والاستجابة. تساعد مهمات مثل “هيابوسا2” على تحسين قدرتنا على تنفيذ هذه الخطوات وحماية الأرض من الأخطار المحتملة.

في الختام، تواجه مهمة “هيابوسا2” تحديات كبيرة بسبب الاكتشافات الجديدة حول الكويكب “1998 كي واي26”. ومع ذلك، تظل المهمة ذات قيمة علمية كبيرة، وستوفر بيانات مهمة حول هذه الأجسام الصغيرة. من المتوقع أن تصل المركبة الفضائية إلى الكويكب في عام 2031، وستراقب العلماء عن كثب لمعرفة ما إذا كان الهبوط ممكنًا. ما زالت هناك العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابة، وسيكون من المثير للاهتمام متابعة تطورات هذه المهمة في السنوات القادمة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version